ان التصدي لمهددات الأمن بمفهومه الشامل يعتمد أولا وأخيرا على البحث العلمي الجاد و من خلال الأبحاث العلمية يمكن ان نتتبع السلوك الإجرامي في مجتمعنا احصائيا والتنبؤ باتجاهات ذلك السلوك مستقبلا على ضوء ما يجري من حوادث ارهابية وتطرف في مجتمعنا والتعرف كذلك على الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للمجرمين . ودراسة جغرافية المكان واثر التسلل عبر الحدود وخصائص الكثافة السكانية والأحياء الشعبية وتأثير البطالة والفقر وما تمثله هذه المشكلات من تحديات يومية لأجهزة الشرطة .
ان الجريمة والعنف تزدادان خطورة من حيث الكم والكيف معا . كما تشير الأبحاث العلمية المعنية باتجاهات الجريمة في دول العالم , فمجموع الجرائم المبلغ عنها يزداد عالميا كل سنة والناظر لهذا الامر يجد ان الجريمة قد ازدادت في الثلاثين سنة الماضية زيادة غير مسبوقة فقد أشارت الإحصاءات ان نسبة الزيادة وصلت الى مابين 300% الى 400% وأصبح عدم الشعور بالأمان من المواضيع الشاغلة لفكر الكثير من الناس .. ففي أوربا مثلا نجد الاتجاه الى الاهتمام بالجريمة سبق الاهتمام بمشكلات مثل البطالة وغيرها .. وفي امريكا تتصدر الجريمة كافة المشكلات فيها ! وتشير الدراسات في العراق الى توقع زيادة معدلات الجريمة ككل , وستكون الجريمة ضد الممتلكات في أعلى معدل , يليها جرائم العنف ثم الجرائم المتعلقة بالمخدرات والجرائم المتعلقة بالمؤسسات الرسمية والمنظمات ثم الجرائم الوظيفية ( الفساد والرشوة ) ثم الجرائم المنظمة عبر الحدود .
ولعل اخطر ما في الأمر الذي دلت عليه الإحصاءات ان الجرائم الأكثر شيوعا من الجرائم الخطرة ستكمن في الجرائم ضد الممتلكات ومع ذلك فلن يصعب على المتابع القياس في ظل تطور اساليب الجريمة المعاصرة وتزايد أعداد السكان وما تفرزه المشاكل السياسية الداخلية وما يواكب ذلك من تهميش لدور مراكز البحوث والدراسات ولهذا يجب ان نولي كل الاهتمام
أولا :- لمراكز البحوث والدراسات الأمنية لانها الجهة الوحيدة التي توفر الدراسات والمعلومات وترصد الأوضاع وتقدم الحلول التي تستطيع الشرطة على ضوئها اتخاذ القرارات الأمنية المناسبة .
ثانيا :- التعاون الخلاق وتبادل الدراسات والابحاث العلمية ما بين مراكز البحوث المحلية والدولية .
ثالثا :- الاهتمام بالبحث العلمي المتعمق في دراسة كافة المشكلات والظواهر التي تهدد امن واستقرار البلد .
والاهم من هذه الأمور الثلاثة هو ضرورة ان نحارب الجريمة وظاهرة العنف المحيطة بها باسلوب علمي ويجب تشجيع العقول الناجحة الناقدة والا نسمح بتغييب ثقافة البحث والتقصي ويجب ان يعمل الجميع بروح الفريق الواحد وان يعمل رجال الشرطة والداخلية خصوصا على خلق البيئة الايجابية الخاصة للبحث والتقنية في المؤسسات الأكاديمية والعلمية .
ويجب القضاء على نظرية الاستعلاء على البحث العلمي والتدريب , ويجب مواكبة ومتابعة كل المستجدات في الأساليب العلمية الحديثة . وأخيرا ... فأنه ما من امة اخذت بالبحث العلمي الا واوصلها الى ما تبتغيه من تقدم وامن ورفاهية وسيادة واحترام .
البحث العلمي ... والتصدي لظواهر الجريمة
[post-views]
نشر في: 28 إبريل, 2013: 09:01 م