اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أعترف أمامكم بخطأي

أعترف أمامكم بخطأي

نشر في: 29 إبريل, 2013: 09:01 م

مع أنني كتبت في توضيح موقفي الرافض لقتل جنود الجيش من قبل الإرهابيين المندسين في الاعتصامات، إلا أن اتهامي، من قبل بعض القراء، بمجانبة الحقيقة استمر، مما دعاني إلى التفكير ملياً في ما كتبت الأيام الماضية.
ومع أنني لم أجد غير محاولتي فهم وقبول جميع وجهات النظر المتقاطعة حول الموضوع، وهي محاولة في الاعتدال ملأت قلوب الطائفيين قيحاً وصديداً، إلا أنني مع ذلك وجدت في موقف هؤلاء فرصة لمراجعة ما كتبت مؤخراً، وهي مراجعة كشفت لي مأزقاً خبيثاً نصنعه جميعاً ونضع فيه الجندي العراقي باستمرار، وهو مأزق تخييرهم بين تنفيذ الأوامر السلطانية العسكرية، وبين الالتحاق بالمعارضة، ولم نترك لهم، يوماً، بسبب خبثنا، حلاً وسطاً.
منذ الحرب العراقية الإيرانية التي خُيّر فيها الجندي العراقي بين نيران فرق الإعدام الصدّامية المجرمة المتربصة خلفه، وبين نيران المعارضين من الأحزاب الدينية التي اشتركت بقتاله جنباً إلى جنب مع الجيش الإيراني. منذ ذلك الوقت وصولاً إلى هذه الأيام والجندي العراقي يعيش مأزقاً غاية في التعقيد.
فليس من الهين أن تكون جندياً في بلد لا تمر عليه سنة دون أن تكون قرقعة السلاح هي السمفونية الوحيدة فيه. وتجد نفسك مخيراً بين عصيان الأوامر العسكرية، وبين قتال شعبك وقتل أهلك.
من وجهة نظري كان قمع الجيش للانتفاضة الشعبانية نقطة كالحة في جبينه، ولذلك لم أحاول في تلك الأيام أن أتفهم حراجة موقف الجندي، بالذات الشيعي الذي اشترك بقصف مرقد الإمام علي، وأنا ممن كتبوا بقسوة ضده. بل لقد ذهبت بعيداً في الدفاع عن موقف "مجاهدي" الأحزاب الإسلامية ممن قاتلوا وقتلوا عناصر في هذا الجيش، والسبب أن نيرانه التي كانت طيعة بيد المجرم صدام هي التي أجهزت على الانتفاضة الشعبانية، لكن منذ 2003 وأنا أطالب الجيش بأن يلتزم بالأوامر ويكون حازماً مع جميع المعارضين المسلحين.
فهل تناقضت مع نفسي، عندما رفضت قتال الجيش بالضد من مسلحي الانتفاضة الشعبانية ثم قبلت قتاله بالضد من مسلحي ما بعد 2003؟ الحقيقة لا أعرف الجواب على هذا السؤال، فقد تكون مواقفي متناقضة. أقصد أنا فعلاً لا أعرف الآن ما هي الضابطة التي نحدد من خلالها متى على الجيش أن يقف في صف الدولة ومتى عليه أن يقف في صف معارضيها، ومتى نعتبر من يقتل الجندي العراقي مجاهداً ومتى نعتبره إرهابياً. فسابقاً اعتبرت مجاهدي المعارضة ممن قتلوا الجندي العراقي وهم يقفون في ساتر واحد مع الجيش الإيراني، اعتبرتهم ابطالاً، لكنني الآن اعتبر جميع من يرفع السلاح ضد هذا الجندي، إرهابياً جباناً، ولدي مبررات لهذا الاختلاف في الموقف، فنظام صدام نظامُ مستبدٍ مجرمٍ، والنظام الحالي نظام ديمقراطي تعددي. لكن هل يكفي هذا المبرر؟ لا أعرف، لكنني أعرف بالتأكيد أننا دائماً نقسو على الجندي العراقي عندما نضعه في مواقف غاية في التعقيد والكلفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. احمد الطويل

    حالة التناقض التي تعيشها انما مردها الى صراع تعيشه، بين ان تجافي الحقيقة فتشتهر، وبين وبين ما تدفعك اليه خلجات نفسك الطيبة الاصل. يوما تنادي بالحرية التي مقتضاها ان تكون مقيدة بحرية الاخرين، ويما اخر تدافع عن السيد احمد القبنجي الذي كثيرا ما سفه معتقدات ا

  2. jaafer

    عبرت من خلال مقالتك عن حقائق لمواقف الجيش والمعارضة والجيش السابق يختلف عن الجيش الحالي فالقيادة كانت بيد صدام والان القيادة تدار من قبل حكم ديمقراطي دكتاتوري ، الشعب ينتخب لمن يخلصه من الفقر والارهاب ولمن يحقق العدالة في توزيع الثروات ليصعد الى القمة اشخ

  3. ضياء

    اقول للاستاذ سعدون كما قال من قبل امير المؤمنين ع اعرف الحق تعرف اهله واذا اراد المرء ان يعرف الحقيقة ولاتلتبس عليه الامور عليه الاحاطة بما وراء الاحداث ومحيطاتها ولااظن امراًواضحا كالذي يجري في العراق اليوم يوقع انسانا مثلك في الحيرة من امره (تجرد واحكم

  4. شمران الحيران

    الحيره..مو الك ..استاذ..سعدون ,,,ولكن جل العتب على عاديات الزمن التي بدأت تجِتر عودة التارخ باحداثه المخزيه دون هواده ونسخ واعادة الصور المأساويه المرُه,,وتلك الايام نداولها بين الناس ,,,,ولكن يبدو للسلطه سحر وسلطان مهمته الاولى افساد الذات وتبديد كل ماي

  5. الاستاذ الدكتور محمد معارج

    لا تتعجب يا سيد سعدون محسن ضمد من تناقضات المواقف في بلد مثل العراق .... واعتقد ان هناك نسبة غير قليلة لا تجد تفسيرا لما يجري من احداث وما جرى سابقا . وهل يعقل ان تختزل امور كثيرة ومهمة لكي تضمحل وتمحى تدريجيا من الذاكرة .. ليكون تقييمها اشبه بال

  6. عبد الستار السعيد

    تفسير ذلك التناقض سهل يا استاذسعدون, انها الطائفيه المعشعشه في القلوب قبل العقول, فعندما كان الجيش محسوب خطأ على طائفه معينه كان كل ما يفعله خطأ وكان جنوده قتله بينما ضحاياه شهداء, وبعد 2003 عندما تغير المشهد واصبح الجيش يحسب (خطأ مرة اخرى!) على طائفه اخ

  7. عبد الستار عزيز

    عزيزي سعدون.. تحيةطيبة،، الا ترى أن المشكلة أكبر من أن تحدد بموقف من الجيش او من الشعب أو من السلطة أو المعارضة ...الخ.أنا استمع لحواراتك وأنت أنسان طيب، ومثل كل الطيبين تحاول الخروج بمواقف متوازنة أزاء امور تفتقد لأبسط مقومات التوازن، أمور تذهب بن

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram