بعيدة هي المسافات بين كردستان وبلاد طواحين الهواء إذا ما قيست على الخرائط الجغرافية، ولكنها من الممكن أن تكون أقرب في لغة الفن والفوتوغرافي منه على وجه الخصوص، وهو ما عمل على تحقيقه المصوران الفوتوغرافيان كرم سنجاري وماركوس بوركمان في معرضهما المشترك
بعيدة هي المسافات بين كردستان وبلاد طواحين الهواء إذا ما قيست على الخرائط الجغرافية، ولكنها من الممكن أن تكون أقرب في لغة الفن والفوتوغرافي منه على وجه الخصوص، وهو ما عمل على تحقيقه المصوران الفوتوغرافيان كرم سنجاري وماركوس بوركمان في معرضهما المشترك الذي يقام بوقت واحد في أربيل عاصمة إقليم كردستان وأمستردام عاصمة هولندا وموطن بوركمان .
وضم المعرض 40 لقطة فوتوغرافية توزعت مناصفةً بين المصورين، وهي لقطات اختلفت نوعاً ما في مواضيعها ، ففي الوقت الذي ركز سنجاري على جمال الطبيعة العذراء في كردستان فإن بوركمان تطرق إلى جوانب كثيرة من العمران والحياة اليومية للشباب في هولندا .
وقال سنجاري الذي يعد المعرض الحالي هو الأول له إنه عمل في مواضيع مشتركة مع المصور الهولندي ماركوس بوركمان واتفقا لاحقاً على إقامة معرض مشترك في وقت واحد، حيث يحضر هو نسخة أربيل بينما يحضر بوركمان نسخة أمستردام من المعرض الذي يوضح بأن هدفه تعريف الشعبين بجوانب من طبيعة وحضارة كلا المنطقتين .
وأضاف سنجاري إن لقطاتي تظهر طبيعة كردستان على مدار فصول السنة الأربعة ،فهنا جبل وهناك وادٍ وبينهما شلال وأراضٍ منبسطة وأشجار وأزهار وثلوج وغيرها الكثير من المفردات التي تشكل أغاني وألحان الطبيعة الجميلة ، مبيناً أن بعض اللقطات منشورة في قناة ومجلة ناشونال جيوغرافيك العالمية ،في حين نال جائزة خلال مشاركته في معرض الطبيعة بعين واسعة في المعرض العالمي الذي أقيم العام الماضي في المملكة العربية السعودية.
ويوضح سنجاري أن العمل مع المصورين الأجانب له فوائد كبيرة ،حيث يتم تبادل واكتساب الخبرات وكذلك الاطلاع من خلالهم على آخر التطورات الحاصلة في هذا المجال، وهذا لا يعني أننا ليس لدينا مصورون كبار وعمالقة في هذا المجال الفوتوغرافي ، في حين يوضح أن أعماله القادمة هي معرض مشترك مع فنانة إيطالية سيقام في مدينة السليمانية .
ويرى رئيس جمعية مصوري كردستان فارس سعدي أن المعرض فيه إبداعات وإضافات جديدة لفن الفوتوغراف وخصوصاً في لقطات بوركمان الذي راعى بشكل لافت التوازن غير التقليدي في لقطاته من حيث توزيع الكتل والفضاءات .
ويبين سعدي أن هذا المعرض هو بداية وانطلاقة جيدة للمصور كرم سنجاري، خصوصاً وأنه تعامل بشكل جميل مع تكنولوجيا التصوير الرقمي التي يتضح لي أنه يعشقها وهو متميز، ومن الممكن أن يصل إلى الاحترافية إذا استمر على هذا المنوال من الجهد الدؤوب.
ويؤيد هذا الكلام الباحث الأكاديمي أوميد محمد الذي يرى في المعرض بداية قوية جداً لسنجاري الذي نقل بدقة تفاصيل الطبيعة الجميلة في كردستان ،وهناك مجهود وفن واضحان في اللقطات ، ولكنه في ذات الوقت يرى أن هناك حاجة لبعض العناصر البشرية أو غيرها في اللقطات ،لأن هناك صمتاً مطبقاً في لقطات الطبيعة ، فيما يرتئي في الوقت ذاته وضع نبذه مختصرة جداً للتعريف بكل لقطة ، وهي معلومات مبسطة عن اسم المكان وموقعه.
ويهنئ المصور كيلان حاجي زميله سنجاري على معرضه الجميل ويتفق مع الجميع انه يشكل انطلاقة موفقة لفنان بدأ كهاوٍ للتصوير الفوتوغرافي وهو يسير بخطى ثابتة نحو الاحتراف .
وعن رأيه بزيادة عدد المصورين الفوتوغرافيين فإن حاجي يرى أنها حالة صحية وإيجابية ،ولكن هناك فرق بين الهواية والاحتراف، فالأول يلتقط الصورة كيفما تكون ،ولكن الثاني لدية رؤية وتأمل ويرى الصورة بعقلة قبل أن يترجمها من خلال عدسته ، لافتاً إلى أن المصور المحترف يسير أياماً ويقطع مسافات كبيرة ويعرّض نفسه لمخاطر غير محدودة من أجل الحصول على لقطة، وأحياناً يعود من رحلته من دون أن يلتقط هذه الصورة لأن الزاوية أو التوقيت غير مناسبين، وهو أمر لا تجده عند المصورين الهواة الذين يلتقطون صورهم من دون التركيز أو التأمل المسبق فيها.