اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > اقتصاد > زراعة العراق تضمحل

زراعة العراق تضمحل

نشر في: 4 مايو, 2013: 09:01 م

  بعد مرور 8000 سنة على اكتشافها في جنوب العراق ، تتجه الزراعة الى الذبول و الاضمحلال. مع ارتفاع درجات الحرارة و اقترابها من 52 درجة مئوية خلال شهر تموز الماضي، أطلق حبيب سلمان المزارع في حي الإصلاح النار على نفسه تاركا وراءه عائلة مكونة من 11

 

بعد مرور 8000 سنة على اكتشافها في جنوب العراق ، تتجه الزراعة الى الذبول و الاضمحلال. مع ارتفاع درجات الحرارة و اقترابها من 52 درجة مئوية خلال شهر تموز الماضي، أطلق حبيب سلمان المزارع في حي الإصلاح النار على نفسه تاركا وراءه عائلة مكونة من 11 فرداً . مؤخرا جف مجرى الماء الذي تعتمد عليه مزرعتهم ما جعل العائلة عرضة للإبادة. تقول ركلة عبود زوجة حبيب لقد فقدنا الماء ثم الفلاحة ثم أغراض البيت، والآن يصعب علينا توفير الطعام للعائلة. اليوم تعتمد الزوجة على البقرات القليلة التي لديها و على دعم إخوة  زوجها لإطعام أطفالها ، تقول إن ترك الأرض قفراء ليس من خيارها و أنها لا تفكر بالانتقال من مكانها حتى لو زاد الأمر سوءاً لأن الناس الموجودين هنا هم عائلتها الوحيدة " من الصعب عليّ كامرأة بلا زوج أن أعيل و أحمي أطفالي.
لقد ابتلي العراق بالجفاف في السنوات الأخيرة، إلا أن المزارعين يلقون باللائمة في اختفاء الأنهار على دولة المنبع المجاورة ؛ فمن المتوقع أن يتسبب مشروع جنوب شرق الأناضول التركي وهو خطة تطويرية تتطلب إنشاء 22 سداً لتوليد الكهرباء على نهري دجلة و الفرات باستقطاع 70 % من مياه الفرات عند اكتماله. أغلب هذه السدود اكتمل بناؤها . عندما يمر نهر الفرات بمدينة الناصرية ينخفض تدفقه أحياناً بمعدل 18 متراً مكعباً في الثانية  وهو اختلاف كبير عن 90 متراً مكعباً المطلوبة لإدامة حياة السكان حسب جاسم الأسدي مدير مكتب طبيعة العراق في الجبايش. الماء المتبقي يكون أكثر ملوحة لأن المستويات المنخفضة في النهر تسمح بزحف المياه المالحة من الخليج العربي الى الأنهار.  يقول المزارع سالم كانت هذه الأرض عبارة عن  مستنقع إلا أن المنشآت المائية والمنشآت الهيدرولوجية في تركيا قد أثرت على عموم العراق من حيث نوعية و كمية المياه . يستخدم سالم نظام الري بالتنقيط الذي يسحب المياه من  أحد روافد الفرات  القريبة و يوزعها على صفوف من المحاصيل من خلال أنابيب ذات فتحات صغيرة ما يسمح للماء بالتنقيط البطيء المباشر على جذور النباتات . هذا النظام يكلف ثلاثة أضعاف ما يكلفه نصب نظام ضخ منتظم ، لكنه يضاعف الإنتاج . على أية حال فان القليل من العراقيين يستخدمون نظام الري بالتنقيط لسببين – كما يقول سالم – أولهما أنهم لا يقدرون على كلفته و الثاني أنهم لا يمتلكون الخبرة في استخدامه .
بالرغم من عدم  كفاءتها، فان أنظمة الري بالمضخات هي الخيار الوحيد الممكن بالنسبة لمعظم المزارعين في جنوب العراق، و يضطر المزارعون، الذين لا يستطيعون الاستثمار في نظم الري الكفوءة،  للهجرة  الى مناطق أكثر رطوبة عندما  تنخفض مياه النهر . لقد دفع نقص المياه مئة ألف عراقي الى الانتقال من موطنهم الأصلي منذ عام 2005 حسب تقرير منظمة اليونيسكو لعام 2009 . أما بالنسبة لمن بقي منهم فان قضية المياه تشكل لهم مصدرا للصراع حسب السيد عباس سيد سرويت ، الشيخ المشرف على الأحوال المعيشية و تسوية الخلافات بين السكان المحليين في محافظة ميسان ، فالخلافات بشأن المياه في مدينته تسببت في عشرين جريمة قتل خلال العام الحالي . قبل أربع سنوات انتقلت عائلة حكيمة خير الله طاهر الى مزرعة قريبة من بيت حبيب سلمان في حي الإصلاح . تقول " لقد خسرنا عملنا في المكان الذي كنا نعيش فيه، حيث صارت الزراعة مستحيلة هناك بسبب نقص المياه . لكن هذه الأرض أيضاً تحولت الى أرض قاحلة و من المحتمل أن نغادرها قريباً يقول علاء البدران رئيس نقابة الفلاحين في البصرة " لقد تخلى آلاف المزارعين في جنوب العراق عن أسلوب حياتهم السابق و انتقلوا للعيش في المدن، و بدأوا يبيعون أراضيهم والانتقال الى مركز المدينة بحثاً عن عمل بديل – عمال في الغالب:  يدرس جابر حاج شليش من مزارعي الناصرية هذا الخيار بعد أن اضطر الى إخراج أطفاله من المدارس بسبب انخفاض المنتج في مزرعته التي أصابها الجفاف . إلا أن حياة المدينة لها تحدياتها الجديدة، يقول جابر: عندما خرجنا من المزرعة لم تكن لدينا شهادات مدرسية نتمكن بها من الحصول على فرصة عمل فأصبح الأمر أكثر صعوبة. يقول علي حسين رداد مختار حي الإصلاح " العراقيون لا يلقون باللوم في مصائب المياه على تركيا لوحدها ، برغم أن سدود تركيا هي المشكلة الرئيسة. انه يشير الى سوء إدارة الحكومة العراقية لحصص المياه ما بين المحافظات والأقضية. إذا لم تتمكن تركيا و العراق من إيقاف انهيار نوعية و كمية مياه الأنهار فان النتائج ستكون كارثية على مزارعي العراق، وستتغير الزراعة بشكل كبير في جنوب البلاد التي كانت أول من طور الزراعة قبل 8000 سنة على يد السومريين.
يقول الشيخ سيد عباس يعتمد 60% من سكان العراق على الزراعة، نصفهم يعتمدون على مياه دجلة، لذا فان الخسارة ستكون كبيرة. إذا ما قامت تركيا بتقليص تدفق مياه دجلة و الفرات الى العراق بنسبة 80% بسبب سدودها ، فان الأضرار لن تقتصر على المزارعين- حسب علي عبدالزهرة أستاذ الكيمياء البحرية في جامعة البصرة، حيث يقول: سيتم تدمير الزراعة بالكامل بسبب مياه البحر المالحة، و من ثم تدمير كافة الصناعات التي تعتمد على المياه هنا أو يجري بناؤها على أساس أنها تناسب المياه العذبة . كل شيء سيتغير وسيكون التغيير ضخماً لأن الكثير من الصناعات يجب أن تتغير لكي تتناسب مع الملوحة العالية . ليكن معلوماً أن الآثار بعيدة المدى لتراجع الأنهار في العراق هي مجرد البداية، وان محنة المزارعين العراقيين تنذر بمستقبل جاف للبلاد بأسرها.
 عن : ناشنال جيوغرافي

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

النفط: العراق ملتزم كلياً باتفاق أوبك الخاص بالتخفيضات الطوعية
اقتصاد

النفط: العراق ملتزم كلياً باتفاق أوبك الخاص بالتخفيضات الطوعية

بغداد/ المدى اعلنت وزارة النفط، اليوم السبت، التزام العراق باتفاق أوبك وبالتخفيضات الطوعية. وذكرت الوزارة في بيان تلقته (المدى)، أنه "إشارة إلى تقديرات المصادر الثانوية حول زيبادة انتاج العراق عن الحصة المقررة في اتفاق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram