كل الذين فازوا في انتخابات مجالس المحافظات خاسرون في الواقع. وأتوقع ان الذين خاضوا هذه الانتخابات رغبة في خدمة ناخبيهم، وهم قلة ضئيلة، يدركون أن فرحهم بفوزهم هو أقرب ما يكون الى مواساة النفس. أما الآخرون (الاغلبية) فان أنفسهم الطمّاعة فرحة بالامتيازات المترتبة على مناصبهم الجديدة والصفقات المنتظر تقاضي العمولات عنها.
في ظني ان النتيجة الأكثر أهمية في هذه الانتخابات هي تلك التي كنا قد عرفناها بعد ساعات من اغلاق صناديق الانتخاب، حيث تبيّن ان 46 في المئة فقط من الناخبين شاركوا في الاقتراع. وبطرح الأصوات المشطوبة أو غير الصالحة يتبدى ان الفائزين في هذه الانتخابات بأجمعهم لا يمثلون سوى أقل من 45 في المئة من مجموع الناخبين، اما البقية، وهم الاغلبية، فلم يشاءوا أن يمنحوا ثقتهم الى المرشحين جميعاً.
حتى التيار الديمقراطي – الليبرالي – الشيوعي الذي حقق نتيجة طيبة بالمقارنة مع انتخابات مجالس المحافظات السابقة وآخر انتخابات تشريعية، فانه خاسر لأن هذه النتيجة هي أقل مما كان متوقعاً، أو مطلوباً منه، تحقيقها في ظرف موات له تكشّف فيه للشعب العراقي ان القوى الاسلامية التي صوّت لها في الماضي باندفاع قد فشلت فشلاً ذريعاً في ادارة الدولة ونجحت في المقابل نجاحاً منقطع النظير في الفساد المالي والاداري وتبديد المال العام وتفجير وادامة الصراعات على المال والسلطة والنفوذ في ما بينها ومع الآخرين.
التيار الديمقراطي – الليبرالي – الشيوعي كان في وسعه أن يحقق نتيجة أفضل بكثير، وخصوصاً في العاصمة التي سجلت أكبر نسبة استنكاف عن الاقتراع، لو نشط جماهيرياً. هو الوحيد الذي كان في مستطاعه أن يتصل بالجمهور، فالآخرون خوّافون ولم يجرأوا على تنظيم ندوات واجتماعات عامة مع ناخبيهم الذين انتخبوا صورهم في الواقع، فما من أحد منهم وقف أمام الناخبين عارضاً برنامجه ومقدماً تعهداته. فقط التيار الديمقراطي – الليبرالي – الشيوعي كان يستطيع، ولم يفعل. لعله يفعل في المستقبل متشجعاً بنتيجته الطيبة في الانتخابات الأخيرة.
تدني نسبة التصويت عنى ان أغلبية الشعب العراقي قد سحبت ثقتها بالحكومة والبرلمان اللذين لم يؤمنا الاحتياجات الاساسية للناس بالرغم من توافرهما على الموارد المالية الهائلة التي تبددت عبثاً على نحو مذهل. كما عكس تدني نسبة الاقبال على الانتخابات الشعور العميق لدى الشعب العراقي بالخذلان والاحباط تجاه الطبقة السياسية الحاكمة بمختلف كياناتها وتحالفاتها. هذا الشعور سيتفاقم بالتأكيد اذا ما وجد الذين ذهبوا الى مراكز الاقتراع وادلوا بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة انهم انما أعادوا انتاج الطبقة السياسية الفاشلة الفاسدة عينها.
النتيجة الأهم في الانتخابات
[post-views]
نشر في: 5 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
سلام
حكومة الشراكة المفتعلة تعيد نفسها في مجالس المحافظات كل الاتجاهات دخلت هذه الشراكة فوجد المواطن الغلبان نفسة وحيدا فريدا لا احد يدافع عنه عدا السفسطائيين ، وجد المواطن نفسه وسط هياكل سياسية تقودة للمجهول وبقية ما يحتويه صندوق كارتون الحالةالسياسية الفاشل
كاطع جواد
في تقديري ان غياب قانون الاحزاب سيؤدي ويؤدي الى خسارة الاحزاب والحركات الديمقراطية وذلك بسبب استحواذ الاحزاب المتنفذة على المال العام وتسخيره لصالحها ، فالمواطن يجد نفسه مأخوذا تحت ضغط المتنفذين بمفاصل السلطة وامكانياتهم المادية الهائلة والتي لا تقارن بال