دائماً هناك أكثر من حلـَّين لأية مشكلة لمواجهة الاستعصاءات في الحياة والعمل والسياسة والاقتصاد والإدارة، ولكي لا نكون أسرى لثنائيات لم نخرج عن إطاراتها ومطارحاتها وندفع الأثمان الباهظة حين يتخلى العقل عن دوره ويترك الامر للأمزجة والمصالح والمآرب الأخرى بحيث ينعكس ذلك على مصائر الناس ويحولهم إلى وقود في معارك لا ناقة لهم بها ولا جمل ليدوروا في حلقة البيضة والدجاجة فقط.
من المزعج جداً أن نفاجأ بتحول المقدس إلى سلعة في تجارة الغش والتدليس من أعلى المستويات المعنية بالجانب التنفيذي، أي الإدارات، وصولاً إلى مكتب وهمي تضاف له علاقة بشكل وبآخر مع هذه الإدارة. ففي تحقيق أعدته الزملية هدى العزاوي (المدى 28/4/2013) حول الحج والعمرة كشفت عن تجارة وسياحة دينية في أتعس أشكالها وأدائها لأن أطراف العملية (المعتمر المزيف والإداري المسؤول) يريدان أن ينالا الحق بالباطل كما يقول الأمام علي (ع) فهم يضعان الناس أمام خيارين لا ثالث لهما إما إلغاء أو تحجيم الحج والعمرة أو الانقلاب التجاري العشوائي للعملية بكل سلبياتها عندما يباع المعتمر بـ 50 دولارا بين المكاتب الوهمية والرسمية وبعلم الإدارات التي تتذرع طبعاً بأنها لم يقدَّم لها ما يثبت الغش موثقاً، كما أنهم ليسوا مصدراً للفتوى بالتحجيم والتحديد والذي يسمى هنا التنظيم والضبط بهذا الأسم، وهكذا مثلاً عندما يقسط الحج أو العمرة أيضاً يدعون كذلك ويعتبرون الأمر ديمقراطياً بين العبد وربه لأنهم ديمقراطيون وليسوا أوصياء على الناس في هذه الحالة وهم وربهم يتخاصمون وهم يتغافلون بدورهم برغم علمهم أن التقسيط يدخل بشبهة الربا والمكاتب أصبحت مكشوفة في الشارع العام ولها آلياتها (وكلاواتها)، كما أنهم أي هيئة الحج والعمرة تعلم جيداً أن هناك مكاتب وهمية وحتى الرسمية المجازة طالما عرضت المعتمرين والحجاج إلى مشكلات السكن أو الطعام والنقل او مشكلة المحرم والالتفاف عليها، أما الحج التجاري فأمره معروف عندما تباع الحصص ويحصل اللامشروع، الحجة الجاهزة إدارياً أننا لسنا جهة رقابية ونقطع أرزاق الناس فهم يحتاجون ربما أربعة شهود عدول في هذه الحالة لكي يقنعوا بالواقعة ولا يفوتنا تناول العشوائية في تحرك العراقيين وانقسامهم في تفاصيل المناسك لحد القـرف من دون مراعاة لما يشير لوحدة المسلمين في مؤتمرهم الذي هو الحج الحد الأدنى للضامن الإسلامي، كما أن العمرة أصبحت مجرد سفرة لمن لا يستطيع أن يسافر بسياحة اعتيادية فهي حجارة لعصفورين. هل بات مستحيلاً تنظيمها من الترشيح للحج شرعاً وفق القرآن بمن استطاع اليه سبيلاً، واختلافكم في التفسير لا يعني الاستمرار بهذه الفوضى التي تجرح كل مؤمن حقيقي ويتحول المقدس إلى تجارة وثمن يلوث الأطراف المعنية بالحرام من المعتمر إلى الهيئة مروراً بالمكاتب التي نشرت كالفطر، الجميع يتحمل الإثم في حالة عدم تنظيم العملية وفق الشرع من باب (من رأى منكم منكراً) وأنكم لم تروا فعلى الأقل تسمعون وبشكل مقرف، واذا كانت هناك مبالغ فائضة لدى الناس لتبذرها مع المكاتب الوهمية وغيرها فعليكم دفع الناس إلى تنظيم الصدقة والإحسان على شكل صناديق داعمة لربعنا الأفقر في العراق من سكان العشوائيات والشحاذين والأرامل والأيتام ومَن هو الأكثر استحقاقاً؟
حتى أنتِ يا إدارة الحج والعمرة !
[post-views]
نشر في: 6 مايو, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...