توحي التحركات الأميركية والتصريحات التي يطلقها مسؤولون أميركيون في الخارجية و البيت الابيض بأن ادارة اوباما اضحت اكثر اهتماما بسوريا و ازمتها المتفاقمة ،وهي تمضي بصمت لاسقاط الاسد مع اعلانها تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية بقيمة 127 مليون دولا
توحي التحركات الأميركية والتصريحات التي يطلقها مسؤولون أميركيون في الخارجية و البيت الابيض بأن ادارة اوباما اضحت اكثر اهتماما بسوريا و ازمتها المتفاقمة ،وهي تمضي بصمت لاسقاط الاسد مع اعلانها تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية بقيمة 127 مليون دولار وارسال 200 جندي الى الاردن وتدريبها مقاتلين للمعارضة السورية في معسكرات اقامتها على الحدود الاردنية مع سوريا ،وقول جريدة ( واشنطن بوست) بأن الرئيس يستعد لتزويد المعارضة بالاسلحة النوعية ،الا ان واقع الامور مغاير كليا ،اذ ان اوباما لم يتخذ بعد قراره النهائي و مازال متأرجحا ومترددا، وهوما اكده بنفسه خلال زيارته في المكسيك بقوله " سوف ندرس كل الخيارات ،ونريد ان نقوم الوضع وان نضمن ان اي خطوة نتخذها ستؤدي الى التعجيل في رحيل الاسد " و اضاف وهنا الأهم " يجب ان ننظر قبل ان نقفز".
تشير تقارير الاستخبارات التركية الى ان جيش الاسد اطلق نحو 200 صاروخ سكود في الاشهر الستة الماضية على مدن سورية من بينها حلب و ادلب و اعزاز الحدودية ،ويكرر المسؤولون الاسرائيليون تأكيداتهم بأستخدام الاسد للسلاح الكيمياوي ،وتكشف احداث اليومين الاخيرين عن حملات بشعة للتطهير الطائفي يمارسها النظام في بانياس و اللاذقية ورأس النبع وغيرها ،ولكن هذا كله لم يهز اوباما الذي مازال خائفا من ردود فعل بوتين فيما لو تدخل بشكل اقوى بالرغم من انه يرى بعينية ويطلع كل ساعة على معلومات تقارير الاستخبارات الاميركية التي توضح كيف ان بوتين يزود الاسد بألاسلحة الفتاكة وان حزب الله يزج بالاف مقاتليه من النخبة في قتال الشعب السوري و ، ايران التي تتهدد و تتوعد بقلب الطاولة على رأس العالم فيما لو اطاح الغرب بنظام حليفها الستراتيجي الذي يحصل على دعم رئيس الحكومة العراقية المالكي المالي والعسكري واللوجستي متحديا وبشكل سافر ومتجاهلا طلبات راعيه وحاميه الاميركي.
يتعكز اوباما في تردده بحسم الامور في سوريا على من تسميهم ادارته " الرجال الطالحين " والمقصود بهم الجماعات الجهادية وفي مقدمتها (جبهة النصرة) التي اعلنت ولائها لتنظيم القاعدة ،ويشكو الاميركيون من تشرذم الجيش الحر وفشل رئيس اركانه اللواء ادريس بتنفيذ تعهده بتشكيل قيادة عسكرية موحدة تبعد وتعزل المقاتلين القاعديين و تمحو تصدرهم للمشهد العسكري على الارض.
ولا يخفي العديد من المسؤولين اعتقادهم بأن تحقيق المعارضة انتصارا عسكريا حاسما و سريعا من شأنه ان يضعف الحل السياسي و يقوض الكيان المؤسساتي للدولة السورية ويطيح بمؤسساتها الامنية و العسكرية .
مازال اوباما يراهن على استجابة من بوتين لوجهة نظره بحل سياسي يبدأ برحيل الاسد و الدخول في عملية سياسية تبعد سوريا عن السيناريو العراقي العام 2003 و ما تلاه من نزاع مذهبي دموي و انهيار امني مخيف ،ويكشف المحلل ديفيد اغناتيوس المعروف بدقة مصادره السياسية و الاستخباراتية " ان اوباما يعول الكثير على زياره وزير خارجيته كيري الى موسكو لانها ستوفر له الفرصة الاخيرة لتفادي التورط العسكري في سوريا" واضاف " كيري سيوضح للروس ان عدم تعاونهم مع بلاده للوصول الى عملية سياسية انتقالية تؤدي الى حقبة ما بعد الاسد ،فأنه لن يكون امام الادارة غير خيار تسليح بعض قوى المعارضة".
في هذا السياق قال المسؤول عن الملف السوري في الخارجية الاميركية فرد هوف " ان واشنطن تسير على طريق تزويد المعارضة بالسلاح ،لأن الجدل حول استخدام الاسلحة الكيمياوية ركز اهتمام الادارة على خيارات كانت تصنف في السابق غير مرغوب فيها او غير مقبولة " وقال " اذا اقتنع اوباما بأن الاسد استخدم السلاح الكيمياوي فسوف يضطر للرد العسكري لاسباب تتخطى سوريا و تتعلق بصدقيته وصدقية الولايات المتحدة في اعين العديد من اللاعبين في العالم ومنهم ايران". والسؤال الذي لم تجب عليه الادارة الاميركية حتى الان ،هو ما الذي يجب ان يفعله الاسد اكثر مما فعله حتى الان بقتله اكثر من 80 الف سوري و تدميره البنية التحتية للبلاد وتفجيره لنزاع مذهبي و عرقي سيأتي على الاخضر و اليابس ليس في بلاده بل في المنطقة ككل ،والان شنه عمليت تطهير طائفي راح ضحيتها في يوم واحد اكثر من 800 سوري من المدنيين من السنة في عدة مدن على الساحل ،حتى يتخذ قراره بالتدخل لتغيير موازين القوى بالشكل الذي يجعل المعارضة قادرة على اطاحة النظام؟؟.
يقول السفير الاسبق في دمشق ادوارد دجيرجيان الذي شارك في كتابة تقرير اصدرته قبل اسابيع مؤسسة ( بايكر للدراسات ) بعنوان ( سوريا على مفترق طرق ) ان المسؤولين الذين التقاهم اخيرا في واشنطن ينظرون بعقل مفتوح الى مختلف الخيارات التصعيدية التي تدور في نطاق تسليح وتدريب المعارضة ،وفرض منطقة حظر طيران ،وحتى تعطيل الدفاعات الجوية السورية و حرمان النظام من احتكار السيطرة على الجو".
ما يقوله دجيرجيان يتعارض ما يكرره رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي والذي يوحي بعدم وجود حماسة في البنتاغون لأي تصعيد عسكري بتركيزه على صعوبة حظر طيران فوق سوريا و التخلص من الدفاعات الجوية السورية". مؤشرات استطلاعات الرأي الاخيرة في الولايات المتحدة تصعب على اوباما اتخاذ القرار بالتدخل في سوريا ،فلقد ابدى اكثر من 60 % من الاميركيين معارضتهم حتى تزويد المعارضة بالسلاح ورفضت نسبة اعلى التدخل العسكري المباشر ،مقابل زيادة ضيئلة في نسبة الداعين الى التدخل في ثبوت استخدام الاسلحة الكيمياوية تصل الى اكثر بقليل من 40%" ،الا انه ومع كل ذلك فأن الاسد ارتكب ما يكفي من الجرائم التي تشكل الان اوراقا كافية بيد اوباما لعمل ما كان يخشى عمله حتى الان بالتدخل لانهاء المجزرة الاسدية في سوريا.