اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جيوش المتدينين تتمترس

جيوش المتدينين تتمترس

نشر في: 8 مايو, 2013: 09:01 م
تقع الأخلاق في أعلى سلم أولويات الأديان، ويأتي اهتمام الأديان بالأخلاق سعياً منها لإشاعة الفضيلة ورفع نسبة "البشر الطيبين" داخل المجتمعات. بمعنى أنها ـ مثلها مثل جميع الحركات الإصلاحية ـ تسعى لتكرار نموذج من البشر تعتقد بأنه النموذج المثالي، لكن الأديان فشلت في مسعاها هذا، وفشلت أيضاً الحركات الإصلاحية والفلسفات المعنية بالأخلاق .. فشلت في إعطاء وصفة علاجية يمكن من خلالها تكثير الإنسان الفاضل.
لم تأت الأديان لتدفع البشر في اتجاه تطبيق العبادات، لأن العبادات ليست غاية بل وسيلة لعلاج الخلل الأخلاقي عند الناس، فما فائدة تطبيق العبادات من قبل أكثر الناس شراً؟ ولا جاءت الأديان لتُقْنع الناس بوجود ثواب وعقاب يوم القيامة، فهذه القناعة ليست هي الغاية بل الغاية ممارسة المزيد من الضغط من اجل تعميم الفضيلة، فما فائدة أن يؤمن بهذه العقيدة من لا يرعوي عن إبادة مجتمعات كاملة؟
حسن إذن، نستطيع أن نقول بأن الأديان عجزت، إلى الآن على الأقل، عن إصلاح أخلاق معتنقيها، وهذا هو السبب الذي دفعني، ودفع الكثيرين غيري، إلى الشك بواقعية الحلول الدينية، ثم دعاني الى البحث في الأسباب والوصول إلى اليأس. اليأس الذي اشعر به الآن وأنا أتابع أخبار جيوش الطوائف وهي تتمترس في المنطقة، الجيوش التي خرجت من رحم الدين من أجل نصرة الدين. سيقول الكثيرون أن المشكلة ليست في الدين بل بسوء تطبيقه، لكن ما فائدة وصفة علاجية لم ننجح بتطبيق اي من نماذجها، الثلاثة، وعلى مدى آلاف السنين؟ ولو كانت الوصفة غير مكلفة لهان الخطب، لكنها لم تزل تكلفنا مزيداً من الأرواح.
عندما نستورد آلة ما، وتكون عملية تشغيلها معقدة جداً، فستكون الشركة المصدرة ملزمة بتزويدنا بخبراء يضمنون لنا التشغيل الأمثل، لكن ماذا نفعل عندما يفشل الخبراء في التشغيل؟ وفي موضوع الدين حاول الخبراء تطبيقه، من أنبياء وأولياء ورجال دين، وفشلوا! وكان المبرر الجاهز هو أن الظروف لم تكن مواتية، والظروف المقصودة هنا لا تتعلق بالمناخ ولا بالتضاريس، ولا بأي شيء آخر غير أخلاق الإنسان، فالإنسان سيئ الخلق لدرجة لا يطيع معها المسؤولين عن تطبيق الدين! طيب أليس سوء الخلق هو المشكلة التي وعدتنا الأديان بإنقاذنا منها، فكيف تأتي هذه المشكلة نفسها لتعيق تطبيق الأديان؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. هاشم البهادلي

    يبقى الكثير من الناس اعداء لما جهلوا وان شوط الثوره على الجاهليه لم ينته ويبقى مستمرا الى ان يرث الله الارض

  2. درباس ابراهيم

    انت قلت ..... تقع الأخلاق في أعلى سلم أولويات الأديان، ويأتي اهتمام الأديان بالأخلاق سعياً منها لإشاعة الفضيلة ورفع نسبة البشر الطيبين داخل المجتمعات. بمعنى أنها ـ مثلها مثل جميع الحركات الإصلاحية ـ تسعى لتكرار نموذج من البشر تعتقد بأنه النموذج المثالي،

  3. علي السامرائي

    قضية الدين كما ساقها الكاتب الاريب ليست مما اظنه او لاتصلح ان تكون وصفاً حقيقيا لحال الدين ورجال الدين .. فبين النظريه والتطبيق يكون الانسان ( النبي في حالة الدين, وقائد الحزب الحزب في حالة ان يكون التنظير لعقيدة حزبيه ) وهنا تنظر الناس كل الناس الى ال

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram