تقع الأخلاق في أعلى سلم أولويات الأديان، ويأتي اهتمام الأديان بالأخلاق سعياً منها لإشاعة الفضيلة ورفع نسبة "البشر الطيبين" داخل المجتمعات. بمعنى أنها ـ مثلها مثل جميع الحركات الإصلاحية ـ تسعى لتكرار نموذج من البشر تعتقد بأنه النموذج المثالي، لكن الأديان فشلت في مسعاها هذا، وفشلت أيضاً الحركات الإصلاحية والفلسفات المعنية بالأخلاق .. فشلت في إعطاء وصفة علاجية يمكن من خلالها تكثير الإنسان الفاضل.
لم تأت الأديان لتدفع البشر في اتجاه تطبيق العبادات، لأن العبادات ليست غاية بل وسيلة لعلاج الخلل الأخلاقي عند الناس، فما فائدة تطبيق العبادات من قبل أكثر الناس شراً؟ ولا جاءت الأديان لتُقْنع الناس بوجود ثواب وعقاب يوم القيامة، فهذه القناعة ليست هي الغاية بل الغاية ممارسة المزيد من الضغط من اجل تعميم الفضيلة، فما فائدة أن يؤمن بهذه العقيدة من لا يرعوي عن إبادة مجتمعات كاملة؟
حسن إذن، نستطيع أن نقول بأن الأديان عجزت، إلى الآن على الأقل، عن إصلاح أخلاق معتنقيها، وهذا هو السبب الذي دفعني، ودفع الكثيرين غيري، إلى الشك بواقعية الحلول الدينية، ثم دعاني الى البحث في الأسباب والوصول إلى اليأس. اليأس الذي اشعر به الآن وأنا أتابع أخبار جيوش الطوائف وهي تتمترس في المنطقة، الجيوش التي خرجت من رحم الدين من أجل نصرة الدين. سيقول الكثيرون أن المشكلة ليست في الدين بل بسوء تطبيقه، لكن ما فائدة وصفة علاجية لم ننجح بتطبيق اي من نماذجها، الثلاثة، وعلى مدى آلاف السنين؟ ولو كانت الوصفة غير مكلفة لهان الخطب، لكنها لم تزل تكلفنا مزيداً من الأرواح.
عندما نستورد آلة ما، وتكون عملية تشغيلها معقدة جداً، فستكون الشركة المصدرة ملزمة بتزويدنا بخبراء يضمنون لنا التشغيل الأمثل، لكن ماذا نفعل عندما يفشل الخبراء في التشغيل؟ وفي موضوع الدين حاول الخبراء تطبيقه، من أنبياء وأولياء ورجال دين، وفشلوا! وكان المبرر الجاهز هو أن الظروف لم تكن مواتية، والظروف المقصودة هنا لا تتعلق بالمناخ ولا بالتضاريس، ولا بأي شيء آخر غير أخلاق الإنسان، فالإنسان سيئ الخلق لدرجة لا يطيع معها المسؤولين عن تطبيق الدين! طيب أليس سوء الخلق هو المشكلة التي وعدتنا الأديان بإنقاذنا منها، فكيف تأتي هذه المشكلة نفسها لتعيق تطبيق الأديان؟
جميع التعليقات 3
هاشم البهادلي
يبقى الكثير من الناس اعداء لما جهلوا وان شوط الثوره على الجاهليه لم ينته ويبقى مستمرا الى ان يرث الله الارض
درباس ابراهيم
انت قلت ..... تقع الأخلاق في أعلى سلم أولويات الأديان، ويأتي اهتمام الأديان بالأخلاق سعياً منها لإشاعة الفضيلة ورفع نسبة البشر الطيبين داخل المجتمعات. بمعنى أنها ـ مثلها مثل جميع الحركات الإصلاحية ـ تسعى لتكرار نموذج من البشر تعتقد بأنه النموذج المثالي،
علي السامرائي
قضية الدين كما ساقها الكاتب الاريب ليست مما اظنه او لاتصلح ان تكون وصفاً حقيقيا لحال الدين ورجال الدين .. فبين النظريه والتطبيق يكون الانسان ( النبي في حالة الدين, وقائد الحزب الحزب في حالة ان يكون التنظير لعقيدة حزبيه ) وهنا تنظر الناس كل الناس الى ال