TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حساب عرب

حساب عرب

نشر في: 10 مايو, 2013: 09:01 م

ظل الحديث عن "سبحة عمي" وطريقته في استعمالها لتضبيط حساباته، يلقي بظلاله على مخيلتي كلما راودتني حسبة جديدة. تمنيت لو كنت قد احتفظت بتلك "السبح" التي أهداها لي بعض الأصدقاء لأجربها البارحة. كنت أعطيها، أو أهديها، لأول معجب بها وكأني لم أسمع عمي يقول بقول "إن الهدية لا تعطى ولا تباع". عموما إنني من النوع الذي لا يحب "السبح". فأصابعي تتعب وأشعر بالدوار لو "سبّحت".
استثناءً من تفريطي بما وقع بين يدي منها، لم أحتفظ بغير "سبحة" أهداني إياها الصديق الراحل المخرج التلفزيوني حمزة ضيدان. أهداها لي قبل ليلة من مغادرتي العراق قبل ثلاثين عاما. أوصاني أن أحتفظ بها بعد أن حدثني عن قيمتها وخصائصها "النفسية" والمادية. بحثت عنها فوجدتها في واحدة من صناديقي "الأرشيفية". ألف رحمة على روحك يا حمزة وأشكرك من كل قلبي على هذه الهدية التي أسعفتني وقت "الضيق".
أمسكت بالسبحة لأحسب عدد صور الشحاذين والشحاذات المنشورة على الانترنت فقط، فافترت السبحة بيدي عشرات المرات. حسبت صور بيوت التنك فكانت نتيجة العد مشابهة للتي قبلها. مررت على صور الأطفال الذين تركوا مدارسهم ليعملوا فيترجية وحمّالين وبائعي كلينكس و"علاليك" في الشوارع فضاع العدّ. ومثل الذي يدري، ويسوّي نفسه بأنه ما يدري، قلت لأدقق في وجوه هؤلاء وأقرأ ما كتب تحت صورهم من تعليقات، فهل ساجد بينهم من يمت لأهل الخضراء بصلة؟ تعبت من البحث ولم "اسلكط" خرزة واحدة من "سبحة حمزة" مثلما كان يفعل عمّي حين يباشر الحساب.
فكرت بما يدخل في جيب العراق يوميا من أموال النفط، فوجدتها فعلا تحتاج إلى "حساب عرب". العراق يبيع كل يوم ما يقارب 3 ملايين برميل. سعر البرميل 100 دولار. النتيجة 300 مليون دولار في اليوم الواحد. هذا يساوي 12 مليون دولار ونص بالساعة. أي أكثر من 200 ألف دولار بالدقيقة!
هذه الأرض التي يمشي عليها الفقراء والشحاذون والعاطلون عن العمل يخرج من باطنها هكذا مبلغ كبير في الدقيقة الواحدة. هذه الأموال لا أحد من الساسة أو الحاكمين له فضل أو منّة على الشعب في هطولها. إنها ذاتها التي لم تجعل إماراتيا أو قطريا أو كويتيا واحدا يشحذ أو يمسّه الفقر. في العراق أطفال استهلكت أعمارهم طرقات الاستجداء، ورجال ونساء يقضون ساعات طوال في المساطر ثم يعودون خائبين لعيالهم إذا لم يجدوا من "يستخدمهم". ماذا لو أن الدولة منحت كل منهم دقيقة واحدة من النفط؟ نعم، دقيقة واحدة تكفيهم أن يعيشوا العمر كله بكرامة مثل أهل الخضراء وأبناء الدول النفطية المنعمين.
ما قلته ليس من وحي التقارير الدولية والمنظمات العالمية والمحلية المستقلة التي يتهمها المدافعون عن الحكومة بالكذب والتضليل، بل أوحت لي به "سبحة حمزة" التي علمتني كيف أحسبها "حساب عرب" لا يقبل الغلط.
فركت السبحة بين يدي متذكرا وصية صاحبها يوم قال لي افركها وستشم بها رائحة خاصة تتغير عند كل "فركة". عملت بالوصية فشممت رائحة حمزة الطيبة ولاح أمام عيني برنامجه التلفزيوني المميز عن الغناء الريفي الذي كان يقدمه الصديق جاسم الياسري (أبو عمر) أخو الكاتب شمران الياسري (أبو كاطع).
استهوتني فكرة "فرك السبحة" بين راحتي يدي  مثلما كان يفعل داخل حسن عندما يغني، فغنيت:
يربعي الليل ما نامه وسبحه
وغسله ساعتن ساعة وسبحه
تصح سبحه تسليني وسبحه
تهيّج ناظري وتعم عليّه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. حازم فريد

    استاذ هاشم هاي سبحة عمك ماأستعملتها بحساب بلاوي أهل الغربية ، أسلكطهن الك لو تحسب ويايه مانريد جندي أسمه عبد الزهرة يجي بالرمادي قتل خمس جنود عزل والتمثيل بجثثهم هاي حكومة صفوية عميلة رفع صور صدام وأغاني صدام ضرب شيوخ عشائر الجنوب بالأحذية أسقاط الحكومة م

  2. DR ADIL ALI FAILY

    WHO IS RESPONSIBLE FOR THE POVERTY OF THE IRAQIES INSPITE OF SO MUCH WEALTH IN IRAQ ON THE EARTH AND UNDER THE EARTH???????????WHO SPENT SO MUCH MONEY IN THE WARS AGAINST IRAN KUWAIT AND THE WHOLE WORLD???AND THEN MADE WAR AGAINST HIS OWN PEOPLE?.WHO DID

  3. خلبلو...

    لافُضَ فوك ياهاشم العقابي فيا قلت. ومن قبلُ قال شاعر متسائلاًوهويستنكر: أيشتكي الفقر غاديناورائحنا ونحن نمشي على أرض من الذهب .نعم يشتكون ولامن مغيث حينمايفقد الرجال! الحس الإنساني.في حين نقرأ عن أحد أبناء سيد العرب الذي أغاث قومه، ساعة المجاعة,وسمي

  4. المدقق

    وما دخلك انت في حساب العرب ؟؟ روح احسب حساب انكريز لانهم اخوالك الاعزاء ... عمي روحوا بعيد مو طكت روحنا منكم ومن خوالكم ... دطيييييييييييير ...

  5. ulhv

    يعني اذا اهل الغربية بلاويهم هوايه ورفعو بالمضاهرات صور صدام و كالو منريد حكومة شيعية ........ نخلي الاطفال العراقيين بلشوارع يشتغلون والنساء العراقيات يجدن والبيوت التنك تنتشر ونلتهي بالقيل والقال ؟؟؟؟؟؟

  6. الورده البيضاء

    كلام استمتعت به بذكرك لوالدي المخرج حمزه ضيدان تحياتي لشخصك الكريم انا ابنت المرحوم المخرج حمزه ضيدان ذكريات اسعدتني كثيرا سلامي وتحياتي لك

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram