ظل الحديث عن "سبحة عمي" وطريقته في استعمالها لتضبيط حساباته، يلقي بظلاله على مخيلتي كلما راودتني حسبة جديدة. تمنيت لو كنت قد احتفظت بتلك "السبح" التي أهداها لي بعض الأصدقاء لأجربها البارحة. كنت أعطيها، أو أهديها، لأول معجب بها وكأني لم أسمع عمي يقول بقول "إن الهدية لا تعطى ولا تباع". عموما إنني من النوع الذي لا يحب "السبح". فأصابعي تتعب وأشعر بالدوار لو "سبّحت".
استثناءً من تفريطي بما وقع بين يدي منها، لم أحتفظ بغير "سبحة" أهداني إياها الصديق الراحل المخرج التلفزيوني حمزة ضيدان. أهداها لي قبل ليلة من مغادرتي العراق قبل ثلاثين عاما. أوصاني أن أحتفظ بها بعد أن حدثني عن قيمتها وخصائصها "النفسية" والمادية. بحثت عنها فوجدتها في واحدة من صناديقي "الأرشيفية". ألف رحمة على روحك يا حمزة وأشكرك من كل قلبي على هذه الهدية التي أسعفتني وقت "الضيق".
أمسكت بالسبحة لأحسب عدد صور الشحاذين والشحاذات المنشورة على الانترنت فقط، فافترت السبحة بيدي عشرات المرات. حسبت صور بيوت التنك فكانت نتيجة العد مشابهة للتي قبلها. مررت على صور الأطفال الذين تركوا مدارسهم ليعملوا فيترجية وحمّالين وبائعي كلينكس و"علاليك" في الشوارع فضاع العدّ. ومثل الذي يدري، ويسوّي نفسه بأنه ما يدري، قلت لأدقق في وجوه هؤلاء وأقرأ ما كتب تحت صورهم من تعليقات، فهل ساجد بينهم من يمت لأهل الخضراء بصلة؟ تعبت من البحث ولم "اسلكط" خرزة واحدة من "سبحة حمزة" مثلما كان يفعل عمّي حين يباشر الحساب.
فكرت بما يدخل في جيب العراق يوميا من أموال النفط، فوجدتها فعلا تحتاج إلى "حساب عرب". العراق يبيع كل يوم ما يقارب 3 ملايين برميل. سعر البرميل 100 دولار. النتيجة 300 مليون دولار في اليوم الواحد. هذا يساوي 12 مليون دولار ونص بالساعة. أي أكثر من 200 ألف دولار بالدقيقة!
هذه الأرض التي يمشي عليها الفقراء والشحاذون والعاطلون عن العمل يخرج من باطنها هكذا مبلغ كبير في الدقيقة الواحدة. هذه الأموال لا أحد من الساسة أو الحاكمين له فضل أو منّة على الشعب في هطولها. إنها ذاتها التي لم تجعل إماراتيا أو قطريا أو كويتيا واحدا يشحذ أو يمسّه الفقر. في العراق أطفال استهلكت أعمارهم طرقات الاستجداء، ورجال ونساء يقضون ساعات طوال في المساطر ثم يعودون خائبين لعيالهم إذا لم يجدوا من "يستخدمهم". ماذا لو أن الدولة منحت كل منهم دقيقة واحدة من النفط؟ نعم، دقيقة واحدة تكفيهم أن يعيشوا العمر كله بكرامة مثل أهل الخضراء وأبناء الدول النفطية المنعمين.
ما قلته ليس من وحي التقارير الدولية والمنظمات العالمية والمحلية المستقلة التي يتهمها المدافعون عن الحكومة بالكذب والتضليل، بل أوحت لي به "سبحة حمزة" التي علمتني كيف أحسبها "حساب عرب" لا يقبل الغلط.
فركت السبحة بين يدي متذكرا وصية صاحبها يوم قال لي افركها وستشم بها رائحة خاصة تتغير عند كل "فركة". عملت بالوصية فشممت رائحة حمزة الطيبة ولاح أمام عيني برنامجه التلفزيوني المميز عن الغناء الريفي الذي كان يقدمه الصديق جاسم الياسري (أبو عمر) أخو الكاتب شمران الياسري (أبو كاطع).
استهوتني فكرة "فرك السبحة" بين راحتي يدي مثلما كان يفعل داخل حسن عندما يغني، فغنيت:
يربعي الليل ما نامه وسبحه
وغسله ساعتن ساعة وسبحه
تصح سبحه تسليني وسبحه
تهيّج ناظري وتعم عليّه
حساب عرب
[post-views]
نشر في: 10 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 6
حازم فريد
استاذ هاشم هاي سبحة عمك ماأستعملتها بحساب بلاوي أهل الغربية ، أسلكطهن الك لو تحسب ويايه مانريد جندي أسمه عبد الزهرة يجي بالرمادي قتل خمس جنود عزل والتمثيل بجثثهم هاي حكومة صفوية عميلة رفع صور صدام وأغاني صدام ضرب شيوخ عشائر الجنوب بالأحذية أسقاط الحكومة م
DR ADIL ALI FAILY
WHO IS RESPONSIBLE FOR THE POVERTY OF THE IRAQIES INSPITE OF SO MUCH WEALTH IN IRAQ ON THE EARTH AND UNDER THE EARTH???????????WHO SPENT SO MUCH MONEY IN THE WARS AGAINST IRAN KUWAIT AND THE WHOLE WORLD???AND THEN MADE WAR AGAINST HIS OWN PEOPLE?.WHO DID
خلبلو...
لافُضَ فوك ياهاشم العقابي فيا قلت. ومن قبلُ قال شاعر متسائلاًوهويستنكر: أيشتكي الفقر غاديناورائحنا ونحن نمشي على أرض من الذهب .نعم يشتكون ولامن مغيث حينمايفقد الرجال! الحس الإنساني.في حين نقرأ عن أحد أبناء سيد العرب الذي أغاث قومه، ساعة المجاعة,وسمي
المدقق
وما دخلك انت في حساب العرب ؟؟ روح احسب حساب انكريز لانهم اخوالك الاعزاء ... عمي روحوا بعيد مو طكت روحنا منكم ومن خوالكم ... دطيييييييييييير ...
ulhv
يعني اذا اهل الغربية بلاويهم هوايه ورفعو بالمضاهرات صور صدام و كالو منريد حكومة شيعية ........ نخلي الاطفال العراقيين بلشوارع يشتغلون والنساء العراقيات يجدن والبيوت التنك تنتشر ونلتهي بالقيل والقال ؟؟؟؟؟؟
الورده البيضاء
كلام استمتعت به بذكرك لوالدي المخرج حمزه ضيدان تحياتي لشخصك الكريم انا ابنت المرحوم المخرج حمزه ضيدان ذكريات اسعدتني كثيرا سلامي وتحياتي لك