TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باب الريح

باب الريح

نشر في: 10 مايو, 2013: 09:01 م

مفردة الباب يجوز تذكيرها ، وتأنيثها على حد المختصين باللغة العربية ، وباللهجة الدارجة تحيل سامعها الى المثل الشعبي الشهير " الباب التجيك منّه ريح سدّه واستريح " ومعناه الابتعاد عن مصادر المتاعب والمشاكل والامتناع عن خوضها والدخول في تفاصيلها على قاعدة أن الشياطين تكمن في التفاصيل، والنصيحة الواردة في المثل يتجاهلها عادة من يرفض الاستماع للرأي الآخر، لأسباب تتعلق بالكبرياء وأحياناً بالموقع أو المنصب .
في التاريخ الحديث شواهد كثيرة تثبت بأن متجاهلي نصائح غلق" باب الريح " من الحكام والزعماء العرب انتهى بهم المطاف بالمثول أمام القضاء ، أو مقيمين في المنافي يلاحقهم وصف "الرئيس المخلوع " واتهامات التورط بقضايا فساد، وسرقة أموال الدول واللعب "شاطي باطي" بمصير العباد والبلاد ، عندما كان المخلوع يتربع على سدة الحكم .
الواقع العربي الراهن بكل مشاكله وأزماته ونكباته المتوارثة منذ عشرات السنين ، لم يلتفت إليه الحكام المخلوعون أو أصحاب الحظ الأوفر بخلع قريب سواء بتدخل عسكري خارجي ، أو من خلال "باب الريح" فأخذتهم العزة بالإثم ، وتصوروا أن أحزابهم وجماهيرهم ستكون لهم دروعا بشرية للدفاع عن عروشهم ، وحياتهم الشخصية وأموالهم الطائلة.
"باب الريح " تمر من خلالها عواصف غير متوقعة مصحوبة ببروق ورعود، تبطش بمن لم يسمع النصيحة فتنقله من صاحب جاه وبلاط وعرش ، ورعية مطيعة تجدد الولاء المطلق في كل يوم الى مجرد شخص مطارد مطلوب للعدالة ، ليحاكم بنصوص قوانين شرعها بنفسه لتكون قوة ضاربة لمعارضيه .
بعيدا عما تمرره باب الريح من "مفاجآت كارثية" على الصعيد السياسي ، شهدت عشرات المدن والقرى في جنوبي العراق الأسبوع الماضي سيولا جارفة قادمة من إيران، نتيجة استمرار تساقط زخات المطر لأيام متوالية ، وحجم الأضرار قدرته مصادر إعلامية ومنظمات إنسانية بعشرات الملايين من الدولارات ، كتقديرات أولية ، أما الخسائر الأخرى فعبر عنها احد المتضررين عندما ظهر على شاشة إحدى الفضائيات، وقال ما يعبر عن حزنه الشديد ومأساة المئات من أبناء قريته " أكلنا تبن " وتساءل قبل خوض الانتخابات المحلية زار قرانا مئات المرشحين ، وقدموا وعودا للناخبين بجعل قراهم تضاهي الريف الهولندي والانكليزي .
باب الريح مرر لأهالي قرى محافظتي ميسان وواسط كارثة طبيعية لم تكن في حساب احد لان المسؤولين ، المعتمدين على مسبحة 101 في اتخاذ القرارات، قللوا من مخاطر الكارثة ، وكانت توقعاتهم ترجح توقف زخات المطر ، ثم تعود المياه الى مجاريها ، والفائدة المتحققة من السيول القادمة من إيران الجارة العزيزة والغالية على قلوب معظم الساسة العراقيين ، ستسهم في الحد من التصحر ، وإنقاذ العاصمة بغداد من عواصف الغبار في فصل الصيف ، بطريقة اتخاذ القرار الستراتيجي بالمسبحة 101، والقادرة على كشف الغيب ، ومعرفة المجهول وما يمر عبر باب الريح .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram