بعد محادثات في موسكو، وصفها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بأنها بناءة جداً وحارة جداً وودية، تم الاتفاق بين روسيا وأميركا، على حث النظام السوري ومعارضيه، على إيجاد حل سياسي، للنزاع المستعر منذ أكثر من عامين، وعلى تشجيع عقد مؤتمر دولي حول سوريا في أسرع وقت، فيما يبدو استكمالاً لاتفاق جنيف، الذي توصلت إليه القوى العظمى قبل حوالي عام، وأكد ضرورة تشكيل حكومة انتقالية، دون التطرق إلى مصير الرئيس الأسد، غير أن وزير الخارجية الروسي عاد للتأكيد على أن رحيل الأسد، الذي يطالب به الغربيون، لا يجوز أن يكون شرطاً مسبقاً، مشدداً على كون روسيا لا تشجعه على البقاء في السلطة، والمعروف أن تطبيق اتفاق جنيف تعثر وتعذر، بسبب الرفض غير المعلن له من طرفي الصراع.
في حين اعتبر البعض الموقف الأميركي الجديد، تراجعاً عن مواقف سابقة، فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما، دافع عن إستراتيجية حكومته، وأقر بعدم وجود "أجوبة سهلة" لمواجهة هذه الأزمة، وظل مصراً على نهجه الحذر، مؤكداً أنه لا يمكن بناء قراراته، إلاّ على تحليلات صلبة، وليس على أساس الانطباعات، في إشارة واضحة إلى غزو العراق قبل عشر سنوات، وشدد أنه لا يستطيع جمع تحالفات دولية حول تصورات، لكنه عاد للتأكيد أنه لم يعد بالقيام بشيء ما، إلاّ وانتهى الأمر بحصوله، ما يعني أنه ترك الباب مفتوحاً لاتخاذ موقف مغاير لما اتفق عليه في موسكو، إن لم يؤدي ذلك إلى وضع حد ختامي للأزمة السورية.
يرى البعض أن القلق من سيطرة المتطرفين الإسلاميين، هو الجامع المشترك بين موسكو وواشنطن، خصوصاً وأن أميركا أدرجت جبهة النصرة على قائمة الإرهاب، وهي تنسق حالياً مع إسرائيل وبعض القوى الإقليمية، لمنع وقوع أسلحة فتّاكة تحت يدها، أو وصول تلك الأسلحة إلى حزب الله، بينما تكمن خشية موسكو في إمكانية امتداد الصراع الديني إلى بعض جمهورياتها، إن قيض لجبهة النصرة الوصول إلى حكم دمشق، وهكذا اتفق الطرفان على أن الهدف الذي ينبغي السعي لبلوغه، هو استقرار أوضاع سوريا، وخلوها من التطرف والمشاكل التي يمكن ان تمسّ المنطقة بأكملها، بما في ذلك، وخصوصا، إسرائيل.
يأتي اتفاق موسكو مقدمةً للقمة المنتظرة بين أوباما وبوتين، فإذا تمخضت تلك القمة، عن الاتفاق على الانتقال السياسي في سوريا، فإن الأسد سيفقد فرصته في الاستمرار رئيساً ، أمّا إن أصر بوتين على غير ذلك، فإن روسيا ستفاقم عزلتها الدولية وهي ليست في صالحها على كل الصعد الاقتصادية والاستراتيجية، خصوصاً وأن استمرار الحال الراهن، سيدفع الكثير من "الجهاديين" للتنادي لنصرة شعب يتعرض لحرب من نظامه، تستخدم فيها أسلحة تختفي حين يتعلق الأمر بمواجهة بين نظام المقاومة والممانعة وإسرائيل، ما يعني أن الأمثل للجانبين الأميركي والروسي، الاتفاق على حل سياسي من دون الأسد لوقف القتال، وبانتظار قمة دبلن الشهر المقبل سنستمر في إحصاء أعداد القتلى التي يرتفع معدلها يومياً وتزداد وتيرة اللجوء سواء داخل سوريا أو إلى دول الجوار التي لم تعد قادرة على استيعاب المزيد.
موسكو وواشنطن: سوريا خالية من التطرف
[post-views]
نشر في: 10 مايو, 2013: 09:01 م