اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الاعتراف سيد الأدلة

الاعتراف سيد الأدلة

نشر في: 10 مايو, 2013: 09:01 م

عندما اتصلت بصديقي إبراهيم الساعدي قبل أشهر من وفاة طفلته اينانا، كنت أريد أن اعتذر منه لأنني لم أكن اعلم بموضوع الاختطاف، لذلك لم اقف بجانبه في مثل هذه المحنة. يومها سألته عن ملابسات حادث الاختطاف فروى لي حكاية لا تحدث الا في أفلام القصص البوليسية. حكاية تبدأ من شجاعة أب يرفض الخضوع لإرادة مختطفي طفلته ولا تنتهي عند شجاعة أفراد قوى الأمن الذين احكموا مع الأب خطة للإيقاع بالعصابة.
روى لي يومها كيف أنه تمكن بعد طول تعب من تجميع مبلغ الفدية، وكيف أنه اتصل بأحد أفراد العصابة الذي طلب منه أن يصعد سيارته ويتبع تعليماته التي سيبلغها له عن طريق الهاتف. يقول إبراهيم: "كنت اُبَلِّغ المسؤولين من افراد قوى الامن بالتفاصيل، وكانوا هم أيضاً على اتصال مستمر بي، وبعد أن حدد لي المختطف مكان ترك الفدية بعد أن قادني ومن خلال الهاتف الى أماكن مختلفة بغرض التضليل والتأكد من أنني لوحدي ... بعد ذلك تركت الفدية في مكان مظلم وخال وموحش بعد منتصف ليلة شتائية باردة، وغادرت بسيارتي، وما هي إلا لحظات حتى توقفتْ قريبا من الكيس سيارة ونزل منها راكبها الذي ما أن تناول الكيس حتى ألقى القبض عليه رجال الأمن وسط نيران أسلحة بقية أفراد العصابة الذين حاولوا انقاذ رفيقهم. المهم ألقي القبض على المتهم الذي كان يتهدد ويتوعد ويدعي ارتباطه بإحدى الميليشيات المسلحة المعروفة".
بعد هذا الاتصال التقيت بإبراهيم وجلسنا طويلاً وأعاد سرد الحكاية على مسامعي، ثم توفيت المختطفة وتركت إبراهيم يلملم أشلاء حياته ويغادر بغداد خوفا على ما تبقى لديه. وقبل أيام فوجئت بخبر تبرئة نفس المتهم الذي حاول اخذ مال الفدية، فأعدت الاتصال بإبراهيم لأجده مخذولاً جداً، فهو يؤكد بان المتهم قد اعترف بتورطه مع عصابة الاختطاف اعترافاً ابتدائياً ثم اعترافاً قضائياً، ثم أجري له كشف دلالة.
المحكمة حكمت ببراءة هذا الشخص لأنه غيّر أقواله أمام القاضي، مدعياً بأنه حاول تحريك كيس الفدية لاعتقاده بأنه ملغوم. وأنا بالوقت الذي لا اشكك بنزاهة القضاء، أتساءل إن كان وراء الموضوع ما وراءه، أخاف أن يكون نفوذ وقوة بعض المجرمين تنال من مهنية ونزاهة القضاء، ففي هذه القضية تحديداً توجد الكثير من الملابسات التي تستحق التوقف ملياً، أهونها تواجد المتهم في مكان الحادث ونزوله من السيارة ومحاولته أخذ الفدية في مكان فارغ وليل شتائي مظلم. ثم اعترافه الاعتراف الابتدائي، ثم القضائي، ثم أجري له كشف دلالة موقعي!! فكيف تنسف كل هذه الاعترافات لمجرد تغيير الأقوال أمام القاضي؟ سؤال يجعلني أشعر بان البقاء في العراق أشبه بالمغامرة غير محسوبة النتائج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. عراقي

    رحمه الله على الطفلة البريئة ونسئل الله ان يصبر والديها هناالعشيرة لابد ان تأخذ دورها في ضل وجود فساد من قبل ضباط التحقيق والمحاميين لخروجهم عن المهنية واحترامهاحيث تكون العشيرة ذات دور فعال لجلب الرؤوس العفنة من المجرمين

  2. محمد الغريري

    الاستاذ سعدون لماذا هذا اللف والدوران؟ والكلام عن رصانة القضاء في العراق بل لماذا المجاملة اصلا ..ان القضاء العراقي منذ نشوء الدكتاتورية في 1958 ولحد الان قضاء بلا شخصية ولا مهنية..ودعك مما يقوله البعض من حسني النية الذين يعز عليهم وصف القضاء بأنه (منتعل

  3. كاظم الزركاني

    الحمد لله على كل حال فعلا هذا مايفعله الاحزاب في بلدي وهناك ما هو ادهااخ سعدون

  4. المدقق

    انصحك ان تسال من يريدون اخراج المجرمين والقتلة والارهابيين من السجون والمعتقلات بحجة العفو العام .. واخص بالذكر متظاهرو الغربية ومن يساندهم .. رحمة الله على الطفلة الصغيرة وتعسا لكل من يتاجر بدماء الابرياء ...

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram