اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > المخدرات وتعاطيها... والميل لارتكاب الجريمة

المخدرات وتعاطيها... والميل لارتكاب الجريمة

نشر في: 11 مايو, 2013: 09:01 م

المخدرات بانواعها المختلفة باتت وباءً على الأسرة العراقية من خلال تعاطيها من قبل شباب لا يعرفون المضار التي تحل بهم كذلك باتت وباءً عالمياً يفوق جسامة مخاطرها ما أحدثته كافة الحروب التي دارت في أنحاء العالم على امتداد العصر الحديث مجتمعة دون أدنى م

المخدرات بانواعها المختلفة باتت وباءً على الأسرة العراقية من خلال تعاطيها من قبل شباب لا يعرفون المضار التي تحل بهم كذلك باتت وباءً عالمياً يفوق جسامة مخاطرها ما أحدثته كافة الحروب التي دارت في أنحاء العالم على امتداد العصر الحديث مجتمعة دون أدنى مبالغة. آخر تقارير الأمم المتحدة يؤكد أن من أهم الأسباب الرئيسية لوصول تعاطي المخدرات إلى المستوى الوبائي الذي نراه عليه اليوم، هو فشل كثير من الدول والحكومات والمؤسسات المعنية في إيصال المعلومات الصحيحة حول خطر استخدام المخدرات والإدمان عليها إلى الناس، في ظل عوامل ومتغيرات عالمية عديدة خلفت ظلالاً سلبية عديدة على اتجاهات وسلوكيات الصبية والمراهقين والشباب. “ ولقد أكدت التقارير أن من الأسباب الرئيسة لوصول تعاطي المخدرات للمستوى الوبائي اليوم، هو فشل المؤسسات المعنية في الماضي في كثير من دول العالم المختلفة في إيصال المعلومات الصحيحة حول خطر استخدام المخدرات على الناس والشباب والكبار، ولقد بدأت كثير من الدول والمؤسسات اليوم تعي أهمية إعطاء معلومات صحيحة ودقيقة، وذلك لمساعدة الشباب في التعرف على القيم الإيجابية لعدم تعاطي المخدرات، ومن ثم التعرف على أساس هذه القيم، فعلى الرغم من الجهود الإعلامية التي بذلت وتبذل في مجال التوعية بأضرار المخدرات، فإنه لا يزال هناك من يعتقد في فوائد المخدرات ويتعامل معها من هذا المنطلق.

اعتقادات زائفة

هناك دراسات متخصصة عديدة، تؤكد أن أحد أهم أسباب تعاطي المخدرات هو الاعتقاد الزائف بفائدتها وقلة الضرر منها، وعدم الاستبصار بمآلها الطبي والنفسي والاجتماعي، ومن ثم يجب أن تكون برامج الوقاية والعلاج والتأهيل تستند إلى طبيعة اتجاهات المراهقين والشباب نحو مشكلة الإدمان، وكيفية الوقاية منها. 
لذلك نجد أن من المهام الأساسية عند دراسة مشكلة تعاطي المخدرات والعوامل المؤثرة فيها والعمل على الوقاية منها، أنه لا بد من التعرف على اتجاهات المتعاطين المرتبطة بهذه المشكلة، والتعرف على طبيعتها، هل هي اتجاهات إيجابية أم سلبية نحو الإدمان والمشاركة في برامج الوقاية؟ وما هو الشكل الذي تتميز به تلك الاتجاهات؟.
وكيف يمكن العمل على توجيه وتغيير الاتجاهات السلبية نحو المشاركة في برامج الوقاية من الإدمان، إلى اتجاهات إيجابية مما يدعم فاعلية البرامج وتأثيرها في الشباب للوقاية من الإدمان.
اعترافات مدمني المخدرات 
يروي «م.ع.ع. شاب عمره 25 عاماً»، رحلته مع الإدمان، ويقول: «بدأت طريق الانحراف في المرحلة الابتدائية، حيث تعلمت من رفاقي التدخين، في ظل غياب رقابة الأسرة، وعندما كانوا يسألون عن رائحة الدخان في ثيابي أتعلل بجلوسي مع بعض المدخنين، مضت الأيام ولم أستطع أن أقاوم رغبتي في أن أجرب الخمر، ثم الحشيش، اللذين تناولتهما خلسة بعيداً عن عيون الأهل».
ويكمل: «تعددت سهراتي خارج المنزل، وكنت أتسلل للبيت خلسة في جنح الظلام، وعشت جو السهرات مع رفاق السوء، وتردت حالتي الدراسية، واضطررت للكذب على الأسرة للحصول على الأموال، واستدنت وسقطت في شرك القروض، وسافرت مع بعض أصدقاء السوء إلى إيران، وفي سهرة ماجنة هناك جربت الهيروين لأول مرة بحثاً وراء متعة قاتلة في عالم افتراضي، صحوت منه لأجد نفسي مدمناً. واضطررت لأن أعيش بعيداً عن أسرتي حتى لا أجلب لهم العار بعد أن تورطت في قضية ما، إلى أن سقطت في أيدي الشرطة، وليس أمامي طريق إلا التوبة والعلاج. لقد بدأت أشعر بأنني أعيش من جديد».
حتمية الكذب
ويقول شاب آخر«ح.غ.ش»: «كنت أشعر بالفراغ والملل، ورافقت شلة من رفاق السوء، وجاريتهم في كل ما يعملون، ولم أستطع يوماً أن أقول لهم «لا»، قال لي أحدهم يوماً: جرب هذه الحبوب، وكانت حبوب الهلوسة، ودخلت حينها عالم المخدرات من أوسع أبوابه، وعندما بلغت السادسة عشرة، أقنعني صديق بأن الحشيش مثل الدخان، ليس فيه إدمان، وأنني أستطيع أن أقلع عنه في أي وقت، لكن للأسف منذ ذلك اليوم أدمنته، وعرفت أنه عادة ما يكون مخلوطاً بالهيروين حتى يسبب إدماناً».
ويضيف:«تطورت علاقاتي مع المدمنين والمروجين حتى تعرفت على المروج الكبير، فكان يعطيني كميات من الحشيش لأقوم ببيعها للشباب في مقابل نسبة منها أتعاطاها، وبعد ثلاث سنوات من إدمان الحشيش شعرت بأنه لم يعد يكفيني هو ولا الخمور ولا الحبوب، فنصحني أحد الشباب بأن أجرب الهيروين، ومن ثم تحطمت حياتي، وزادت مصروفاتي، وكنت أدخل البيت وأسرق النقود من جيب والدي، وبعض الأشياء الثمينة كالذهب وأبيعها لأوفر ثمن جرعة الهيروين».
كذب واحتيال
من جانب آخر يقول صاحب القصة: «كثيراً ما كنت أكذب وأحتال على الوالد المسكين، ففي إحدى المرات أخذت شريط علاج من البيت، ثم ركبت معه السيارة، وقلت له: أريد أن أشتري الدواء من الصيدلية، وأعطاني النقود وجلس في السيارة، فنزلت وذهبت إلى أحد المروجين واشتريت منه جرعتين من الهيروين، ثم رجعت للوالد بسرعة، وسألني عن سبب التأخير، فتعللت بأن الصيدلي كان يصلي وقال: أين الدواء؟ فأخرجت له الدواء الذي كنت قد أخذته من البيت. ومن ثم زادت مشاكلي، وديوني، وتورطت في أكثر من قضية، وافتضح أمري، وفشلت في دراستي، وأنا الآن أحاول أن أستعيد شيئاً مما فقدت، والله المستعان».
الادمان وحب التجربة 
فالواقع يقول إن جميع مدمني المخدرات تقريباً لم يكن لديهم الوعي الكافي والاستبصار الحقيقي بما ستؤول إليه حالتهم بعد الإدمان، أو حقيقة إدراكهم لمخاطر حب الاستطلاع والميل إلى حب التجربة عندما تعاطوا المخدر للمرة الأولى، أو تصورهم بأنهم سيكونون قادرين على التوقف عن التعاطي في أي وقت يشاؤون، ومن المؤكد أن هذه النماذج لم تكن محصنة نفسياً أو قيمياً وسلوكياً ضد اكتساب القيم والثقافات والسلوكيات والعادات الغريبة أو الضارة بقدر كافٍ، وتلك مسؤولية الأسرة والمجتمع بأسره، فضلاً عن وجود تفاوت وفروق فردية- سلباً وإيجاباً- بين الناس في كيفية التعامل مع مشاكل وضغوط الحياة المتعددة، هذا إلى جانب وجود بعض من الأمراض أو الاضطرابات النفسية التي تسهم في حدوث الإدمان، دون أن ننسى أن المتعاطي عندما تحول كراهية إلى «مدمن»، فإن الإدمان يتسبب في تشويه صورته وشخصيته وكيانه من جميع النواحي، ويفقد السيطرة على نفسه. وتختفي وتتوارى كل اهتماماته ومفردات معايير كل القيم لديه، ولا يصبح له سوى هم واحد هو «الحصول على المخدر» بأي طريقة وبأي ثمن، ويذوب ضائعاً في دوامة المشاكل، ويتحول إلى بقايا أوحطام إنسان يحتاج إلى إعادة «ترميم» وتأهيل، وهذا يستحيل أن يقدم عليه بمفرده، فالنظرة إلى مدمني المخدرات في العقدين الأخيرين قد تغيرت في العالم بأسره، وأصبح التعامل معهم على اعتبار أنهم «مرضى»، وأن الإدمان مرض من الأمراض، وأن أصحابه يحتاجون تدخلاً مهنياً دقيقاً وفق برنامج علاجي طبي ونفسي واجتماعي وتأهيلي متكامل».
المخدرات وأمن المجتمع 
انتشار المخدرات والإدمان عليها يهيء الأرضية الخصبة لكثير من الخروقات الأمنية والدافع المباشر، أو غير المباشر لعدد من الجرائم المرتكبة ذات التأثير السلبي على استقرار المجتمع وأمنه، ذي الصلة بالأشخاص، أو المعلومات، 
أو المعدات، أوالمنشآت، حتى أصبح الإدمان ثغرة أمنية ينظر إليها من حيث الصلة بين الجريمة وتناول المخدرات، 
وتؤكد الدراسات أن المخدرات مسؤولة عن تحفيز الميل لارتكاب الجريمة الموجود أصلاً في التكوين النفسي لبعض الأفراد، وعندها يصبح تناول كمية منها كافيا لدفع الشخص - أي من لديه ميول ذات طبيعة إجرامية في الأصل- باتجاه ارتكاب جريمة معينة خاصة لمن اعتاد العنف، ذلك أنها- أي المخدرات - تضعف من القدرة على الإدراك ومن السيطرة على الإرادة بالمستوى الذي لا يستطيع فيه المدمن كبح دوافعه الإجرامية، وأنها بنفس الوقت تبدد الخوف من العقاب، وبالمحصلة يمكن القول إنها تغلب عقد العزم على ارتكاب الجريمة على الدفاعات المانعة منها. وإذا ما أضفنا إلى ذلك جرائم وحوادث الطرق، فإن الصورة تكون أكثر ضبابية «لأن المخدرات تقلل القدرة على الرؤية الواضحة، والانتباه اللازم للقيادة، والقوة العضلية اللازمة للأداء الحركي في الوقت المناسب، إضافة إلى الثقة المفرطة بالنفس إلى حد المغالاة في أحيان كثيرة».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram