TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اخشو شنوا

اخشو شنوا

نشر في: 12 مايو, 2013: 09:01 م

في مدرسة الخنساء الابتدائية للبنات في عشار البصرة البهية ، كانت محطتي الأولى في مسيرة : الـ..ألف باء ، المعرفية . حينذاك ، حيرتني لافتة ضخمة عريضة طويلة تتوسط مساحة من الجدار الفاصل بين غرفة المديرة ( زكية عمسو ) عليها الرحمة ، وبين غرفة المعلمات .
كلما هممت بقراءة ما خط عليها ، اصطدمت عيناي بحرف الشين مكررا ، فيلتبس علي الأمر ، وأوقن أن في الكتابة خطأ ما ،، لم تميزه غفلة وجهل صبية في العاشرة .
ولغرض إثبات الذات – ربما – وترويج وإظهار ما كنت أحسبها فطنة – ربما – وجدتني ذات يوم أرفع سبابة مترددة ، خجولة ، لأسأل معلمة العربي ، وكان اسمها سعاد عازر :
-- ست سعاد ، لقد اكتشفت خطأ فظيعا في اللوحة المعلقة ، ولا بد من تصحيحه !
ووجدتني في غمرة ارتباكي أشرح للمعلمة ماهية الخطأ الفظيع ! والمعلمة الجميلة الأنيقة ، التي عرفت بصرامتها ورقتها ، في ذات الوقت ، تصغي إلي بصبر جميل ، وابتسامتها تتسع ، حتى لا أكاد أدري أهي ابتسامة هزء أم تشجيع . لم توبخني ست سعاد ، ولا نهرتني ، ولا عيرتني بجهلي ، إنما انتهزتها فرصة مواتية لتشرح لي ، ولتشرك معي كل طالبات الصف الرابع مضمون ومعنى تلك الحكمة البليغة التي ينسبها البعض للإمام علي بن أبي طالب . : ( اخشوشنوا فإن الترف يزيل النعم . )
من يومها ، والمعنى الكامن خلف الحروف ، لم يبارح ذاكرتي ، ولا منهجي ، أجده يطل برأسه كلما صادفت بذخا حد الكفر ، وترفا باذخا حد اللعنة .
لماذا تراني أستحضر ذكريات عفا عليها الزمن ، وأستعيد ملامح حكمة تكاد تكون منسية ، كلما قرأت ‘عن ترف وبذخ أهل السلطة في هذا البلد أو ذاك ، وعبر أقطار المعمورة ، يستوي شرقها وغربها .
الرفاه غير الترف ، فالأول مطلوب ومبارك ، والثاني مذموم .
كلما ساورتني نفسي بالكتابة عن بذخ عيش الرئيس المصري السابق وعائلته ، ألجم إرادتي بلجام محكم ، فالتمثيل بالجثث حرام ، ومقولة : ارحموا عزيز قوم ذل ، ماثلة لم تبرح الأذهان قط ، لكن الأخبار المتواترة عن البذخ الكافر ، والتي تتضخم كل يوم ، تستدعي وقفة ، ولو على عجالة .
تذكر الأخبار عن جردة أولية لسوزان مبارك ، ما لو صحت الأخبار : أن ثمن قلادة واحدة من قلاداتها الماسية العشرة بلغ خمسة ملايين دولار ! ذكرت تقارير الجرد ، أن في حوزتها 27 خاتما ماسيا ، وآخر ظهور لها قبل الإطاحة ، زينت ياقتها ببروش قيمته سبعة ملايين جنيه .
كانت حين تذهب للتبضع في روما وباريس ونيويورك تنفق مليون دولار في اليوم الواحد ، وفقا لمعلومات من مركز ( تايسون التجاري ) وبعض المرافقين ..
كانت تعاف مذاق الفول والطعمية عند إقامة الولائم الباذخة لكبار القوم لا سيما الأجانب منهم ، ، حيث يأتيها الطعام طازجا ساخنا من مطاعم ( ماكسيم ) في باريس وغالبا ما كان يرافق الطلبية ، طهاة وسفرجية من بلاد السين ، تحملهم طائرة خاصة ، يتولى الإشراف على المهمة ضابطان مصريان مكرسة خدماتهما لهذا الغرض .السيدة ، ترأس أكثر من 15 جمعية ومؤسسة ، تشغل مناصب فخرية في أندية الروتاري بمصر ، إلى جانب رئاسة مجلس أمناء جامعة الإسكندرية ، منحت شهادة الدكتوراه الفخرية في الآداب ، أكثر من 160 مدرسة في عموم مصر تحمل اسمها . أرصدتها موزعة ومبعثرة في مصارف سويسرا وباريس , .. و..
*من يعيد للحكمة البليغة ، مهابتها وجلالها ويصرخ بأعلى صوت ، عل من به صمم يسمع ويعي : أيها القوم إياكم وبطر الترف ، واخشوشنوا ، فإن الترف يزيل النعم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram