المراقبون للشأن العراقي في الداخل والخارج لطالما حذروا من انحدار العراق نحو منزلق خطر عبر إثارة النعرات الطائفية وتكريس الانقسام بين مكونات أبناء الشعب لتجاهل حل مشكلة استمرا ر الاعتصامات في أكثر من محافظة. وبغض النظر عن أهداف المتظاهرين ومدى شرعيتها واستجابة الحكومة لتنفيذها، يرى المراقبون أن مصادرة إرادة المحتجين من قبل قوى تسعى إلى إقامة أقاليم مفصلة على مقاسات الراغبين في الزعامة هي الخطوة الأولى نحو الانحدار، الأمر الذي يتطلب "كوابح" فعالة لضمان السير في الطرق المؤدية إلى غايات البعض وأهدافهم، وسرعة السير تختلف بين شخص وآخر، وقاعدة اترك لنا القيادة، وتمتع بالرحلة ماعادت تجدي نفعا في الوقت الحاضر، لأن الديمقراطية تفرض على الجميع احترام الرأي والرأي الآخر، وإلا ستكون الرحلة مهددة بعواقب وخيمة وستسفر عن خسائر بشرية ومادية.
الساحة السياسية العراقية هذه الأيام تشهد من خلال التصريحات الكثيرة تباينات في المواقف حول مستقبل البلاد في ظل استمرار الاعتصامات، فالبعض يقول إن موجة الاعتصامات ركبها أشخاص يرفضون التفاوض مع الحكومة ويبغون تشكيل أقاليم لصالح فلان وفلان، الأمر الذي يعني أن فلانا وبطانته يريدون إطاحة العملية السياسية بتقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة، فيما يرى آخرون أن هذا التوجه وفي ظل غياب الإجراءات العملية لإيجاد قاعدة مشتركة للتفاهم بين ساحات الاعتصام و صانع القرار أصبح مطلبا شعبيا واجب التنفيذ لأن الحكومة فشلت في تحقيق الاستجابة السريعة للمطالب بإجراءات عملية لامتصاص غضب المحتجين.
نظرة واحدة للمشهد السياسي تؤكد الحاجة إلى كوابح و"هاند بريك" لاستعادة الأنفاس ثم النظر إلى الطريق المؤدية إلى تحقيق أهداف وطنية تخدم مصالح العراقيين، وبخلاف ذلك فإن مصير "قائد الرحلة"، صاحب المركبة المدرعة من نوع "فور ويل"، سيتجه نحو أقرب منحدر، والنتيجة معروفة لمخالفته شروط السلامة وضوابط وتعليمات المرور.
دول المنطقة، ومنها العراق لم تدرك، حتى هذه اللحظة، أهمية استخدام" الكوابح" في اتخاذ القرار لأنها تعتقد بأن رئيسها أو الشخص الأول في الدولة، وهو عادة يكون أمين عام الحزب الحاكم، يؤمن بأن قراراته تنطلق من نظرة موضوعية استنادا لمتطلبات المرحلة، والظروف العصيبة التي تمر بها الأمة، وهذه العبارة وردت في جميع توصيات ومقررات مؤتمرات القمة العربية، ولكنها لم تمنع الانحدار، وبكلمة أدق "الانحطاط"، على الصعد كافة، ومن هنا تبرز أهمية "الكوابح"، ولكن المشكلة القائمة والراسخة في أذهان صناع القرار أنهم يصرون على قيادة شعوبهم في رحلة، معروفة النتائج والعواقب تنتهي عادة بسماع صفارات سيارات الإسعاف والدفاع المدني.
الاستعانة بالمستشارين من الخبراء الحقيقيين من الوسائل المعتمدة في استخدام "الكوابح"، ودور هؤلاء يتمثل في تقديم النصيحة ومساعدة "قائد الرحلة " على اتخاذ القرار المناسب، وهذا المبدأ تعتمده دول العالم المتحضر، أما دول أصحاب الجلالة، والسيادة، والفخامة والسمو فهي تنقل شعوبها في رحلة شاقة نحو المجهول، يخرج منها "الدرويل" - السائق - سليما باستثناء جروح بسيطة في الوجه، يستثمرها لاحقا كعلامة لمسيرته النضالية.
مطلوب كوابح
[post-views]
نشر في: 12 مايو, 2013: 09:01 م