عندما قرأت في "المدى برس"، يوم الأحد الفائت، أن مصدرا في وزارة الداخلية أفادها بأن "شجاراً نشب بين عناصر أمن الجامعة المستنصرية وأحد أفراد الشرطة الاتحادية، مؤكدا أن الحادث كان نتيجة "الغيرة" والتنافس على "حب" طالبة في الجامعة بين الشرطي وعنصر الأمن"، تساءلت مستغربا بفعل دافع قد لا يكون إنسانيا: يا ترى، هل يعرف عنصر الأمن معنى الحب؟
لمت نفسي فورا على تساؤلي: لم هذا الاستغراب؟ أوليس عنصر الأمن إنسانا من دم ولحم وله قلب يحب مثل سائر البشر؟ واصلت قراءة ما أفاد به مصدر الداخلية فوجدته يشير إلى "أن الشجار جرى خلاله تبادل إطلاق النار من دون وقوع خسائر بالأرواح، مبينا أن القوات الأمنية تدخلت لفض الاشتباك واقتادت "العاشقين" إلى أحد مراكز الشرطة". هنا تراجعت عن لوم نفسي واعتذرت لها فأي حب هذا الذي يتحول الغزل به إلى مسدسات ورصاص؟
في أكثر من مرة كتبت وقلت، كما كتب وقال كثيرون قبلي وبعدي، أن اشد التدخلات ضررا على بناء دولة حقيقية هو إقحام الدين بشؤونها. واليوم أضيف بأن الأمة التي يلعلع الرصاص بأروقة دور تعليم أبنائها وترتفع "رايات" المسدسات فيها للتعبير عن الحب، بدل الشعر والأغاني، لا يمكن أن تجد لها مكانا محترما بين الأمم. وكل خطب قد يهون إلا عسكرة الحب.
الذي حدث بالمستنصرية دليل آخر على غياب الدولة وضعف الحكومة وهشاشتها. الحكومة الفاسدة المشغولة بنفسها، والتي لا يهمها إن احترق البلد ومن فيه، هي وحدها التي تسكت ولا تفتح فمها حين تسمع بواقعة المستنصرية المخزية.
بعد يوم من قراءتي للخبر انتشر على الانترنت فيلم صوّر المعركة التي لم تكن بين شرطي وعنصر أمن كما أفاد مصدر الداخلية، بل بين الطلبة والأمن. رصاص حي يواجهه الطلبة بالحجارة. يا للفزع!
قلبت كل مواقع وكالات الأنباء بحثا عن كلمة واحدة تكشف لنا بها الحكومة سر ما حدث، فلم أجد. في البلدان المحترمة يخرج رؤساء حكوماتها لكشف ملابسات أحداث أقل خطورة مما حدث بالمستنصرية. أما نحن، فرئيس حكومتنا "حفظه الله" ربما يعد هذه من "توافه" الأمور وأنه "أكبر" من أن يزج نفسه بالحديث عنها. آمنّا وأمرنا لله! زين، أين وزير التربية والتعليم العالي "حفظه الله أيضا"؟ ما لازم! أين رئيس الجامعة؟ هم ما لازم! أليس هناك عميد كلية واحد؟
عندما تخفي الحكومة رأسها بين فخذيها، خائفة كانت أم "مستحية"، مما حدث، فليس من حقها ولا من حق من يدافع عنها أن يدعونا لاحترامها. إنها عندما "تضم" رأسها بهذه الطريقة تكشف لنا بأننا نعيش زمنا بدون دولة. وللمتباكين على "هيبة" دولة القانون أطالبهم بأن يرونا "دولتهم" أولاً، وأعاهدهم بأنهم لو فعلوا، سندلهم بأنفسنا على "هيبتها". لا تضعوا عربة "الهيبة" قبل حصان "الدولة" يا سادة.
للحديث صلة.
عسكرة الحب
[post-views]
نشر في: 14 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 3
المدقق
والعباس ابو فاضل انت مريض بمرض اسمه المالكي . فكل حوادث الدنيا صغرت ام كبرت هي بسبب المالكي من وجهة نظرك المريضة والفاسدة .. نحن لا حاجة بنا لتقييم المالكي وحكومته ,, ومن تكون انت حتى تقيم تاج الراس ابو اسراء وما هو موقعك من الاعراب ؟؟ انت مجرد كويتب انكر
ATA
العزيز هاشم. العراق و خاصة في الوصط و الجنوب يعيش في كابوس الدين المزيف....الموسيقى محرمة,المسرح غير الديني محرم,دور السينما تهدم,المصافحة حتى مع بنت العم حرام,عدم اداء الصلاة كفر و الحاد....هذه و غيرها عشتها بعد عودتي الى الوطن بعد 34 سنة....العراق صار ك
Dr Sherzad Al-Khalifa
Can you please ask this man “ Almodaqiq” who brought this idiot Abu Israh to power? Was it not the US and the UK or am I dreaming living on another planet? Unfortunately Iraq is absolutely full of illiterates and completely corrupt people.