بخلاف من أزعجته أو أغضبته الحركة التي أتى بها الادعاء العام في دولتنا، أرى من اللازم أن نصفق لهذه المؤسسة ونأخذ تعظيم سلام لها، فوجود ادعاء عام أو نيابة عامة في بلد يعني ان هذا البلد في خير وان أهل هذا البلد في الحفظ والصين! (أقصد الصون).
شخصياً لأول مرة أعرف ان لدينا ادعاءً عاماً .. كنت أظن ان هذه المؤسسة راحت بين الرجلين مثل عدد غير قليل من مؤسسات النظام السابق. لكن ها هي هذه المؤسسة موجودة وقائمة، فلنحمد الله على انها صحت أخيراً من غفوتها الطويلة، وانها تعود الينا بكامل قيافتها وهندامها .. والعود أحمد!
وعليه فانني بهذه المناسبة السعيدة أزجي التهاني والتبريكات لنفسي ولكل عراقي شاعر، مثلي، بالغيظ والحنق على الدولة، بحكومتها وبرلمانها وسلطتها القضائية، لأنها لا تقوم بواجباتها على ما يرام، فالآن يلوح لنا شعاع ضوء في نهاية النفق.
ولكن.
ادعاؤنا العام اختار أن يعلن عن نفسه بتقديم دعوى الى مجلس النواب يحثّه فيها على النظر في أمر غياب رئيس الجمهورية جلال طالباني والبحث في بديل عنه. وهي دعوى رفضتها اللجنة القانونية في مجلس النواب الذي له وحده بموجب الدستور سلطة تعيين رئيس الجمهورية وعزله وتعيين بديل عنه في ظروف معينة حددها الدستور.
بعيداً عن موقف اللجنة القانونية، لنفترض ان للادعاء العام علاقة ما من قريب أو بعيد بأمر رئيس الجمهورية، ولنسأل الادعاء العام الذي عليه واجب تأمين الحق العام والحق الخاص بالمطالبة بهما، هل غابت تماماً كل قضية تتعلق بالحقوق العامة والخاصة، ولم يجد الادعاء العام ما يفعله سوى الطلب من البرلمان ايجاد بديل عن الرئيس طالباني؟
من المفترض ان لكل مؤسسة أولويات، ومن المفترض أن تكون لإدعائنا العام هو الآخر أولوياته، وبخاصة المتصلة بالحقوق العامة والخاصة .. وعليه فمن المفترض ان يضع الادعاء العام في سلم اولوياته الآن قضية جهاز الكشف عن المتفجرات المزيف، وأن يتابعها ويلاحق المتورطين فيها مثلما فعل الادعاء العام البريطاني الذي لاحق التاجر البريطاني الغشاش واحاله الى القضاء الذي وجده مذنباً وحكم عليه بالسجن عشر سنوات، مع الفارق ان قضية التاجر الغشاش بالنسبة للادعاء العام البريطاني هي قضية نصب واحتيال واساءة الى سمعة بريطانيا، اما بالنسبة لادعائنا العام فالقضية لها جوانب خطيرة للغاية، أقلها الفساد المالي والاداري ونهب المال العام وأشدها التسبب في قتل وجرح آلاف العراقيين واتلاف ممتلكاتهم.
هل يرغب السادة رئيس واعضاء الادعاء العام في أمثلة أخرى لما يفترض ان يكون في سلم اولوياتهم؟ .. اليكم قضية مجزرة الحويجة .. واليكم قضية صفقة الاسلحة الروسية التي لم تتم بسبب الكشف المبكر عن فسادها .. واليكم كذلك قضايا الوزراء والنواب وسائر كبار المسؤولين في الدولة المتهمين رسمياً من هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية بالفساد المالي والاداري .. أليست هذه قضايا مهمة ومن المفترض ان تكون في صلب اهتمامات ادعائنا العام؟ لماذا ادعاؤنا العام لم يزل في غفوة عميقة حيالها؟
الادعاء العام .. صحّ النوم!
[post-views]
نشر في: 15 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
سلام
حاميها حراميها