لا ألوم كل عراقي ضحك يوم سمع باسم وزارة "الناطقية". إن وقع اسمها الغريب، لوحده، على الأذن يكفي ان يُضحك حتى الساكن في القبر. ربما كان "الضحك" واحدا من أهم أسباب إلغائها، فيما بعد، وتحويل وزيرها الى "ناطق" بعقد "خاص". هنا يعني أن التعيين جاء بقرار، او عقد، من رئيس مجلس الوزراء دون تدخل من برلمان أو رئيس دولة.
المفروض ان المصلحة العامة، لا غيرها، وحاجة الحكومة الملحة لناطق رسمي هما اللتان دفعتا المالكي لاقتطاع مبلغ "محترم" من خزينة الدولة كراتب تعاقدي للدباغ وموظفي إدارة مكتبه، إضافة لمخصصات النثرية والحماية وما لف لفها. كان هذا هو المفروض، لكن ماذا عن المطلوب إثباته؟
بعد ستة أشهر من إبعاد الناطق السابق، أو طرده من منصبه كما يشاع، لم نلحظ أيّ تغيير مهم، أو حتى غير مهم، على أداء الحكومة سلبا أو إيجابا. المسألة تعني، بكل بساطة، إن الحكومة لم تكن بحاجة لناطق. وهي فعلا كذلك. الحاجة للناطق الرسمي تنبع من احترام الحكومة لشعبها ومن إيمانها بأنها خادمة للشعب ومطالبة أن تكشف له حقيقة كل حدث يخص حاضره ومستقبله.
من المؤسف أن يجد الكاتب نفسه مضطرا لضرب أمثلة، لقرائه، كي يوضح بديهيات يعرفها طفل الروضة قبل طالب الجامعة. مثل هكذا توضيح لا بد منه أحيانا، أو غالبا، في زمن الجاهلية الطائفية. جهل الجاهلين دفع الله تعالى الى أن "لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها". ووحده يعلم أي مثل سيختار لو كان بزمن نزول القرآن طائفيون مثل الذين نسمعهم اليوم وتطل علينا وجوههم "الفلحة" لو فتحنا "الحنفيات" قبل الفضائيات.
إن ثبوت عدم الحاجة لـ"ناطقية" الدباغ بعد أشهر طويلة من غيابه يعني أن قرار تعيينه، منذ البداية، لم يكن يختلف عن تعيين سائق لنقل الأطفال من والى المدرسة التي تجاور بيتهم حائطا بحائط. لا يقدم على تعيين السائق، في تلك الحال، الا من به خلل عقلي أو من كان راتب السائق لا يخرج من جيبه. مال عمك ما يهمك! لو كان هذا السائق موظفا عند دولة محترمة، فقطعا سيحال للمحاكم بتهمة الفساد و"سيزوّع" القضاء من عيّنه كلّ فلس صرف له.
غاب الدباغ ولم يُفتَقَد شأنه شأن حنون الذي لم يزد في الإسلام خردلة ولم يكن للنصارى به شأن. لكن السؤال العلقم يظل: من "سيزوّع" أموال الدولة التي هدرت باسم "ناطقية" وهمية من بطن الذي كان سببا بإهدارها؟
مال عمّك ما يهمّك
[post-views]
نشر في: 17 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
قاسم عبد اللة
ياسيدي الفاضل ان حكم المالكي كارثة حلت بالعراق بكل ما تحمل هذة الكلمة من معنى....
المدقق
صدقت ايها الكويتب المتدكتر فوالله الذي لا اله غيره يوجد لدينا اناس لا نفتقدهم مهما غابوا بل بالعكس فاحيانا يكون غيابهم نعمة فضيلة ومن هؤلاء الناس هو انت ايها المتعبقر فغيابك عيد ووجودك مرض وكآبة .. احييك على صراحتك ...