القتل بدم بارد وفي وضح النهار آخر ما لدى التيارات التي تدعمها الحكومة لتأسيس دولة المشايخ والتي يريدونها نسخة من أفغانستان حيث لا مجال للفرح والرفاهية .. المجال فقط لقطع أنوف النساء، ورفع راية الجهاد ضد المسيحيين.
قُتل عشرة مواطنين أيزيديين بعد أيام من بيان أصدره أحد رجال الدين طالب فيه "الغيارى" بأن يجففوا منابع "الكفر" ويحافظوا على الإسلام الذي تهدده مجموعة من ألايزيديين الفقراء الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت فتصوروا أن في بغداد فسحة من أمان وعيش لهم.. فإذا بهم يعاملون كلاجئين في دولة شعارها القانون ومسؤوليها "متقين" ينتمون الى أحزاب دينية ترفع شعار الدفاع عن المظلومين.
بيان رجل الدين كان بمثابة السيناريو المحكم للإجهاز على هؤلاء المساكين واصطياد من يقترب منهم.. ولان فرق القتل اليومي تنتشر في مدن العراق، ومهمتها الاساسية تعميد دولة المشايخ بدم الضعفاء والمساكين، فان لا احد من "حجاج " السلطة مارس اضعف الايمان واستنكر هذه الجريمة.. ولهذا لابد ان يثار هذا السؤال المهم، ما دور الحكومة وأجهزتها الأمنية، وما علاقتها بالمجموعات التي تنتشر هذه الأيام لترهيب الايزيديين واجبارهم على ترك البلاد ؟ لماذا لم نسمع او نقرأ تصريحا لرئيس مجلس الوزراء يندد بهذه الجرائم ويطمئن الناس ؟ في الرواية التي نشرتها وكالة المدى برس امس الاول تفاصيل كثيرة .. ابرزها ان "سائق سيارة كوستر ينتمي الى مليشيا تغذيها الحكومة و"تسمنها" قام بقطع الطريق بشكل تام ومنع مرور أي سيارات عبر الشارع.. فيما بقية المسلحين ترجلوا من سياراتهم، وهم يحملون المسدسات بأياديهم، فأطلقوا نيران أسلحتهم مباشرة الى رؤوس اصحاب المحال ليعدموهم، أمام المارة في فترة زمنية لم تستغرق سوى سبع دقائق فقط.
ميلشيات تبحث عن سلطة تفرضها على المجتمع وتخيلت أنها ما دامت تحظى برعاية رئيس مجلس الوزراء ومقربيه.. وإنها تنفذ فتاوى رجل الدين، فان على العراقيين جميعا ان يسيروا وراءها، ولا مكان لشعار "لكم دينكم ولي ديني ".. يقتلون الناس بدم بارد ويطاردونهم في الطرقات بوحشية يسمونها عملا وطنيا ودينيا.
المطلوب أن يعيش الجميع في ظل أسطورة الخوف.. إنها الحرب التي التقت عندها المصالح.. بين فرق الإعدام ومندوبيهم في مكتب رئيس مجلس الوزراء.. ولهذا على المواطن أن يظل خائفا وأن يحمل بجدارة لقب مواطن "ذليل"، مطلوب تنظيف البلاد من الذين يرفضون الانصياع لأوامر دعاة الفضيلة، مطلوب أن تؤمن الناس أن أصحاب السلطان يريدون حمايتهم من الرذيلة، والحفاظ عليهم من شرور الكفار، ومطلوب أن لا يغادر العراقيين مرحلة وصايا القائد "المؤمن" التي لها الفضل في صياغة القيم التي على الرعية الالتزام بها.
إنها حروب الدفاع عن المصالح والمغانم.. لا قبلها ولا بعدها.. ليس مهما أن تتدمر مؤسسات الدولة.. أو تتحول المؤسسة الامنية الى متفرج ، واحيانا شريك في الجريمة، ففي النهاية كل شيء يصب في مصلحة صاحب السلطة.. وليس مهما بناء اجهزة امنية حقيقية مهمتها حماية المجتمع وقوانينه والحفاظ على امن الناس .. وانما الاهم في نظرهم تأسيس اجهزة لمحاربة الضعفاء واشاعة الجريمة.
المشهد الذي جرى قبل ايام يثبت بالوقائع ان هذه المليشيات تنتظر في الخدمة ولا يهم من يوجهها.. رجل دين او مسؤول كبير او مقرب من رئيس مجلس الوزراء. وهي متأكدة ان هؤلاء يحتاجونهم في اي لحظة.. وها هم قد خرجوا الى النور.. وعادت معهم ممارسات اعتقدت الناس انها انتهت في ظل شعارات دولة القانون.. لكن النظام الحكومي اصر على اعادة مشاهد القتل المجانية.. واعادت القتلة الى الحياة، بعد ان هبط محاربوهم الاشاوس من "كوستراتهم" في غزوة مقدسة ضد الإيزيديين والمسيحيين.
إذن ليس علينا إلا أن نسمع و نطيع، فقد تصور "رجل الدين" اننا مجموعة من السبايا والعبيد في مملكته، ليس مطلوبا منهم سوى الاستماع إلى تعليماته و تنفيذ ما يأمر به، و أن نقول له بصوت واحد: سمعاً و طاعة يا مولانا.. أعطنا يدك لنقبلها، وبدلا من ان نسمع فتاوى وخطبا تدين القتل على الهوية ونهب ثروات البلد، والفشل الامني والسياسي، نجد الجميع يخطط لتحويل العراق الى إمارة يحكمونها بصولجان الحشمة و سياط الاستبداد، يريدونها امارة شبيهة بإمارة طاليبان، وإلا ماذا نسمي ما جرى تحت سمع وبصر الحكومة و مباركتها؟..
فيا ايها السادة اصحاب السلطان ومعكم قواتكم الأمنية والمليشيات، وفرق الاعدام.. رسالتنا واضحة: لن ندعكم تطردون المسيحيين والايزيديين من البلاد.. والاهم لن نترك لكم العراق.
الى صاحب فتاوى الإعدام: لن نترك العراق
[post-views]
نشر في: 17 مايو, 2013: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 9
تشييع بغداد
ما حدث وسيحدث هو محاولة تشييع بغداد تدريجيا, اي طرد المسيحيين واليزيديين والسنة منها وابقائها للشيعة فقط, حتى اذا تقسم العراق تكون بغداد محافظة شيعية
شاكر العبودي
لماذا تقول هجمة ضد الايزيديين والمسيحين ؟؟ قل هجمة ضد بائعي الخمور فكم شخصا قتل بسبب هؤلاء شاربي الخمور و بائعيها ؟ وكم شخصاسيعيش بسبب خلاص المجتمع من هؤلاء المفسدين ؟
كاطع جواد
كلام مؤثرة لجريمة مروعة ولكن يبقى السؤال المهم والاهم ، ما العمل لايقاف هذا النزف الدموي ؟؟ هل نبقى نصرخ عراق يا عراق ، ام نشتكي عند من له الحل والربط ..ام ماذا؟؟؟؟.. هل نبحث عن مليشيات مضادة ما دام لا يوجد للحكومة وأجهزتها الأمنية دور في حماية المواطن
جوني وولكر
اشد ما يستفز الانسان الحر الحقيقي هو تحريم الخمر وتحليل القتل , لعن الله المحرض والقاتل والذي ساعد والذي أيد , حتى الدين الذي يستخدمه المسفدون الحقيقيون درج تحريم الخمر لاربع مراحل وختمها فاجتنبوه ولكن القتل حرم قطعا بلا تدريج , اجزم ان منفذي العمل الاجرا
سلام حسن
اعتقد انها ديكتاتورية طائفية تمر في مراحلها الاخيرة وتلفظ انفاسها,تريد خلط جميع الاوراق من اجل ديمومة سلطتها عبر امرار الولاية الثالثة.
مواطن
الى الأخ شاكر أعتقد من ساند هذه الهجمات بقلبه فقد شارك في الجريمه بقلبه فالقنل أيضا له من يسانده بالمال والسلاح والدعم المعنوي فأذا كان البلد على شاكلتك فقرأ على الدنيا السلام..
احمد
هههههههه احدهم رأى الحصان ولم يرى العربة!..
أبو تمام
إلى العبودي .. شاربو الخمور أفضل وأقرب إلى الله من شاربي الدماء .. عودوا إلى جوهر الدين يا أدعياء الفضيلة
شاكر العبودي
السلام عليكم .. اعتذر الى الله و اليكم .. انا لا ابرر القتل وانما كنت اسأل عن سبب تحريف الجريمة باتجاه الايزيديين او المسيحيين هي جريمة نعم .. ولكن ضد بائعي الخمور وعلى العموم استغفر الله ان كنت اسأت التعبير