TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سلاما ياعراق :المدمن الطائفي

سلاما ياعراق :المدمن الطائفي

نشر في: 18 مايو, 2013: 09:01 م

وان شاع ارتباط الإدمان عند الناس بمسألة تعاطي المخدرات أو تناول الخمور والتدخين، لكن هناك من يدمن اشياء ليست مادية. مر زمن على العراق اشتهر به وجود مدمنين، حرفيا، على سماع أم كلثوم من الصباح الى الليل. كان بينهم من لا يفارق "مقهى السيدة" حتى لحظة تناول طعامه الذي يأتيه وهو في المقهى. اضطر ذوو بعضهم ان يذهبوا بهم الى الأطباء النفسانيين لعلاجهم من الإدمان على سماع "السيدة"!
للإدمان أسباب متنوعة. منها الجهل والتربية الخاطئة وأصدقاء السوء وعصابات المتاجرين بدماء الأبرياء. وهناك جماعات تسعى الى نشر الإدمان بين فئات معينة من المجتمع بطريقة ممنهجة ومحسوبة. كما ان هناك حكومات قد تفعل ذلك. الحركات المتطرفة والإرهابية والأحزاب الطائفية، مثلا، تسعى لنشر "الإدمان الطائفي" خاصة بين الشباب. متابعة سريعة للفضائيات المتخصصة بتغذية مدمني الطائفية، وتصفح لمواقع فيسبوك شخصية وعامة تتناول الشأن العراقي، تكشف لنا بسهولة عن حجم وخطورة انتشار هذا النوع من الإدمان.
المدمن الطائفي هو من يقيّم الآخر وفقا لانتمائه المذهبي وليس وفقا لأفعاله أو آرائه أو سلوكه. ولأنه مدمن فهو يشعر بحاجة ماسة لمن يغذيه بجرعات الكراهية كي يتخلص من القلق والتوتر، شأنه شأن مدمن المخدرات. تراه يقلب الدنيا على الكاتب الذي لا يلبي حاجته "الإدمانية" أو يشبعها.
فالطائفي الشيعي لا يرضى على كاتب يمس المالكي حتى ولو  "بقبلة" انتقاديه لان الأخير شيعي لا أكثر ولا أقل. ليس مهماً عند الطائفي ان نكتب عن انتشار البطالة والفساد والفقر واستفحال الإرهاب وغياب الخدمات، فهذه كلها في نظره لا اهمية لها. يكفيه فقط أن الحاكم من طائفته وليخرب البلد ومن فيه. يحاول الطائفي أولا، باسلوب ناعم بعض الشيء، حث الكاتب الذي من طائفته، على ان "يرحم" حاجته الملحة لمدح المالكي حتى لو كذبا. لكنه حين ييأس من الاستجابة تتحول تلك النعومة الى شتائم ومسبّات وبذاءات وتأليف تهم لا تمر ببال أي سوّي.
الحالة تنطبق تماما على السني المدمن طائفيا. فان كان المدمن الشيعي يرى، بسبب إدمانه، كل أبيض معتدلي الشيعة أسودا، فشبيهه السني يرى كل أبيض معتدلي السنة اسودا أيضا.
وحتى لا يطول هذا العمود اخترت لكم نموذجا مثاليا لمدمن طائفي سني بالصوت والصورة على هذا الرابط: http://www.hawamer.com/vb/showthread.php?t=1208358
انه الشيخ طه الدليمي. لا تركزوا على كلماته، فقط، بل تابعوا، أيضا، حركاته الجسدية وملامح وجهه ونبرات صوته وقارنوها بصور المدمنين التي مرت عليكم في واحد من الافلام العربية أو الأجنبية. كل هذا الصياح والعياط و"التدبيج" سببه ان رجل دين سنيا معتدلا ذكر الإمام الحسين وزينب بخير. شتمه الدليمي بأبشع ما يمر في البال من شتائم فقط لان الرجل معتدل.
اشكر الله وأحمده الذي جعل وجوه كل المدمنين الطائفيين، مهما كان مذهبهم، متشابهة من ناحية القبح، فزد وجوههم قبحا يا رب العالمين. آمين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. قاسم عبد اللة

    مقال رائع.... اؤيدك ياسيدي الفاضل..... نعم هناك مدمنون طائفيون ومنهم قارئك المدعو ( المدقق) واللة يضحكني هذا الرجل اكثر من اسماعيل ياسين... فهو مدمن طائفي ومدمن للظاهرة المالكية البائسة ... فهو اما انسان جاهل ومدمن او موظف من قبل المالكي لمتابعة الكتاب ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram