في الأوساط الإعلامية لطالما تردد سؤال حول جدوى قرار المستر بريمر حل وزارة الإعلام التابعة للنظام السابق، وهل حقق غاياته وأهدافه؟ إعلام السلطة هذه الأيام عاد بقوة، ليس عن طريق وزارة او هيئة او شبكة، ولكن بوجود عقلية صاحبة تأثير وقرار في توطيد وترسيخ هذا النوع من الإعلام المستند الى نظرية الوزير، الله يذكره بالخير، محمد سعيد الصحاف في ملاحقة ومطاردة العلوج.
في الساحة العراقية عشرات الفضائيات ووكالات الأنباء ومئات الصحف والمواقع الالكترونية، اغلبها اتفق على حمل السياط وجلد الجمهور على مدار الساعة، في محاولة للتأثير في توجهاته بقبول خطاب تبناه السياسيون وعلى مدى أكثر من عشر سنوات جعلوه أحد أدوات تنافسهم للوصول الى السلطة.
بريمر "شعّل الفتيلة" على حد وصف احد الإعلاميين وقراره شمل الوزير الصحاف فقط ، ونظريته في ملاحقة العلوج ظلت حاضرة وفاعلة ، يتداولها العاملون في مسطر الإعلاميين، ويتم بثها عبر شاشات فضائيات حزبية ، اعتادت ان تنقل بشكل مباشر صلاة الجمعة في قم وطهران. وتلك الفضائيات الخاضعة لاشراف "دفان المصالحة" تجاهلت الاسبوع الماضي ان تعرض عبر شريطها الاخباري انباء وقوع حوادث تفجير في احياء متفرقة من العاصمة، واكتفت ببث اخبار تفكيك سيارات مفخخة، من قبل صناديد الداخلية.
"فتيلة بريمر" جعلت الساحة الإعلامية العراقية تشهد منذ أكثر من عشر سنوات انبعاث الدخان من مؤسسات إعلامية تقول إنها مستقلة، تعمل على نقل الحقيقة وإدانة ملاحقة المتظاهرين في البحرين، وترفض تناول قضية اعتقال عراقيين في طهران، صدرت في حقهم احكام بالسجن بتهمة تجاوز الحدود. وتلك المؤسسات تؤكد أنها ليست منحازة لأي قائد سياسي أو مسؤول سواء كان يرتدي العمامة او العكال او الجراوية. "فتيلة بريمر" خلقت جيلا من "اسطوات" الإعلام الموجه، وأصبح واحدهم يحمل "شبكة" لصيد الأخبار، يقدمها مجانا للجمهور المتعطش لمتابعة الأوضاع الامنية والسياسية. وواقع الحال يشير الى ان العراقيين بعد ان عرفوا معنى العلوج، اخذوا يبتعدون عن متابعة الإعلام الحزبي، والاعلام المختص ببث اخبار تتعلق بنشاطات الجيش العراقي الحر وجماعة النقشبندية، واعلام اخر تخصص بعرض نشاطات المسؤولين، وتفقدهم احوال الرعية على طريقة برنامج "الشرطة في خدمة الشعب"، وكان المقدم العقيد في الشرطة يطل على شاشة الاسود والأبيض ويعرض فيلما مصورا ويقول مخاطبا المشاهدين "شوفوا هؤلاء إخوانكم فئة من النفر الضال تخلوا عن القيم الأخلاقية، والعيون الساهرة للشرطة العراقية ضبطتهم يشربون العرك على سكة القطار، وبحوزتهم صور خلاعية". ويقوم البرنامج بعرض صور النفر الضال واشادة بعناصر الشرطة الساهرين على حماية العراقيين وممتلكاتهم.
فضائيات "فتيلة بريمر" الحريصة جدا على متابعة تظاهرات البحرين، لم تعلق على اعدام شباب في صولة الهجوم على محال الخمور، لان القضية من وجهة نظرها، تتعلق بعلاقة الضحايا بالعلوج.
"فتيلة" بريمر
[post-views]
نشر في: 18 مايو, 2013: 09:01 م