لماذا ضغطت الجهات "المجهولة" عينها، زر "اعادة تشغيل" آلة الموت بنحو متسارع لم نعتد عليه منذ سنوات؟ انني انصت الى مجموعة رسائل منذ مساء الجمعة.
أيا كان القاتل، شمالا وجنوبا، فان نتيجة عمله ستؤدي الى منح الجنرالات صلاحيات اكبر. سيجعل الساسة ينفقون وقتا اطول مع الضباط وتقاريرهم الامنية ويغضون النظر عن اخطاء كبرى. نفوذ العسكر في الشارع وفي مكاتب الساسة سيتضاعف. ورغبتنا في منح الحياة لمسة مدنية ستؤجل مرة اخرى. وحين يتزايد حضور العسكر في الشارع ومكاتب الساسة فان نتائج مريعة ستترتب عليها ماليا وسياسيا واجتماعيا.
أيا كان القاتل، شمالا وجنوبا، فإن نتيجة عمله ستعني اننا سننسى اخطاء الساسة وخطاياهم الكبرى، وسننشغل بالنار التي اشتعلت في ثيابنا. سنكف قليلا او كثيرا عن بحث صفقات الفساد وتلكؤ التنمية، وسياسات الارتجال التي تغامر بمستقبل كل شيء، وسننتظر من القادة ان ينقذونا ويتحول مرتكب الخطايا الى "منقذ افتراضي".
أيا كان القاتل، شمالا وجنوبا، فالنتيجة هي ان اصوات الاعتدال لن تجد من يسمعها، وشريحة واسعة من الجمهور ستبحث عن اصوات متشددة تنادي بالثأر وتبحث عن جهة يجري الثأر منها.
ايا كان القاتل، شمالا وجنوبا، فإنه يريدنا ان ننسى ونتجاهل (ونتخلى عن) رياح التغيير التي جاءت بها انتخابات مجالس المحافظات، والتي حقق فيها الاتجاه الرافض للغة الحرب والعنف والتفرد، نصرا واضحا وينتظر ان نرى نتائج اوضح لهذا في انتخابات البرلمان التي يفترض ان تجري بعد بضعة شهور.
أيا كان القاتل، فإنه لا يريد ان يرى جمهورا تتنوع اتجاهاته في صناديق الاقتراع، ونخبة قد تنجح في وضع نواة حوار، وجهودا معتدلة تمنع كل يوم اسباب الاقتتال وتدعو لتغليب لغة التعقل.
أيا كان القاتل فانه لا يريد ان يرى العراقيين يبدأون مداولات لمراجعة العملية السياسية وتدعيم الحياة الدستورية، وتحسين المشاركة في الهيئات الحاكمة بما يعني ذلك من دعم لاستقرار صحيح واستقطاب للاعمال والمصالح الكبرى.
استمع لاخبار الموت المتسارع واسمع مخاوف الاصدقاء في غرف التواصل الاجتماعي، من البصرة الى الموصل، ورغبة بعضهم في الهرب من شبح الموت، وملل آخرين من فكرة الموت اليومية التي تطرق ابواب الجميع.
ان كل البلدان تتنوع مذهبيا ودينيا وعرقيا. وكلها تختلف على مصالح كبرى، لكن عددا قليلا من البلدان سيئة الحظ، تعالج الخطأ بالخطأ.
كيف سندرك ومتى، ان منح الجنرالات مزيدا من المال والصلاحيات على حساب كل شيء، لن يوفر لنا الامن؟ وأن ابقاءهم مقدسين فوق الرقابة والحساب والعتاب، هو سبب لتكرار اخطائهم وتضخم خطاياهم.
ننفق ٢٠ مليار دولار على الامن دون ان نمتلك امنا. ننفق هذا المال الطائل ونتخلى عن حقوقنا كبشر ونتقبل رؤية العسكر وهم يشكلون عددا اكبر من المدنيين في الشارع، وضجيج عرباتهم واجهزة اتصالهم يطاردنا ليل نهار، ونظل بلا امن.
يموت الكثير من عناصر المؤسسة العسكرية وتخرب حياة العديد منهم، وتظل قياداتهم برسم العصمة لا يحاسبها برلمان ولا يعاتبها مجلس، ونحن لا نمتلك امنا.
"الدنيا تنقلب" فوق رؤوسنا، ورئيس مجلس الوزراء وفريقه السياسي والعسكري، يستنكفون من الذهاب للبرلمان لمناقشة موتنا المتسارع، قائلين ان ذهابهم سيجعل "الدنيا تنقلب". هل دنيانا غير دنياهم يا ترى؟ ألم يشاهدوا دنيانا وهي تتقلب في أسوأ مشاهد الكوميديا السوداء والحمراء؟
ليس منح الجنرالات سلطة اكبر هو الحل، ولا موت المزيد من المدنيين والعسكر هو الحل. بل أن بقاءهم خارج دائرة العتاب والحساب هو الذي أطال عذابنا.
ليس نسيان اخطاء الساسة وخطاياهم والاستمرار في "مسامحتهم" هو الحل. وليس الالتفاف حول "رجل يقول انه قوي وسيحمي العراقيين او طائفة منهم" هو الحل. ليس خفوت صوت الاعتدال مراعاة لغضب الجمهور هو الحل. ان العجز السياسي هو الذي يقوم بتزييت البنادق وتجهيزها لحفلة الموت الراقصة. ان تراكم الخطأ تلو الخطأ بمبرر "حالة الطوارئ" هو الذي يشحذ رؤوس الرماح ويجعل حتى المسالمين يتحسسون خناجرهم.
ان العجز السياسي يترك فراغا بمثابة حفرة عملاقة لا يملؤها سوى الدم. كل هذا الجفاء بين ممثلي مراكز القوى الدينية والاجتماعية، يترك فراغا يملؤه ناقصو الحكمة. صمت الحكماء لن يؤدي سوى الى صعود زعيق الموت، الذي اخذ "يهجم بيوت العراقيين" بوتيرة متسارعة لم نألفها منذ اعوام.
أياً كان القاتل فهذه النتيجة
[post-views]
نشر في: 18 مايو, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 5
ابوكرارالفريجي
زعيق الموت يهجم بيوت العراقيين بوتيرة متسارعه لم نالفه منذ اعوام)اخرعبارات الاستاذ العبقري لم يالفها قبل انفجارات جامع ساريه والعامريه ولم نسمعه يتكلم عن هجم البيوت قبل هاتين الحادثتين وكان ماحصل في مدينة الصدر وحسينيات كركوك واسواق بغداد الشعبيه كان بمثا
اياد وانلي
تحية الى البطل سرمد الطائي انت وامثلك من اصحاب الاقلام ال ا الشريفةالخط الدفاعي الاخير الذى بقى عندناونحن نتمنى من الله ان يحفظكم من مشاريع الحزب الحاكم الخطيرة والخاصة بتكميم الافواه
المدقق
ان مقالك لا يساوي شيئا ولا يستحق الرد ابدا لانك مريض نفسيا وانصحك ان تعالج نفسك من عقدة المالكي وتترك الكتابة والصحافة لاهلها قبل ان ياتي يوم نلطم فيهاللطمية الشهيرة gt gt
قاسم عبد اللة
بارك اللة فيكم..... انتم وامثالكم تبنون الاوطان.... ولكن العلة ان من يحكم الان قد ملك الجهل كلة!!!!!
سالم الانباري
سلمت يداك ياابن العراق البار