ما مشكلة القائد العام للقوات المسلحة؟ يقول المقربون منه: لم تمنحوه فرصة، وتقول تقارير دولية إن " المالكي يحتاج إلى كتاب يحتوي على دروس عن القيادة والاصلاح" ويهز المواطن العادي يــده ساخراً : ماذا فعلوا غير الفشل ثم يكمل ساخطاً: إنهم دمروا البلاد.. على الضفة الأخرى نجد نواب دولة القانون يرون أن المالكي هو الحصن الأخير للدفاع عن الطائفة، والوقوف بوجه مخططات الأعداء والمتآمرين.. فيما آخرون يقولون :لا تنتظروا شيئًاً، إنه لا يعرف في العراق إلا مقربيه، وهو لا يملك غير القدرة على أن يتكلم من دون أن يقول شيئا، وأن يعد كثيرا من دون أن يتجاوز عقــد مؤتمر عشائري.
في مقابل هذا كله نجد القائد العام للقوات المسلحة يتهم خصومه السياسيين بالتربص، كما يتهم الإعلام بأنه محرِّض، وكل همـَّه هو تصيد الأخطاء والخطايا، ويرفض ومَن معه أي مناقشة للوضع الأمني داخل قبــة البرلمان.. ونراهم في جلسات السمر يسخرون من كل دعوة لمساءلة القادة الأمنيين.. بل ان بعضهم خرج بتصريح عجيب وغريب يقول: "صحيح أن المالكي هو القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية ورئيس جهاز المخابرات والمشرف على وزارة الدفاع، وهو من يُعيـِّن قادة الفرق العسكرية ، وهو مَن يجري التحركات للقطعات العسكرية والأمنية.. لكننا ترفض بشدة استجوابه او حتى مجرد التفكير في تضييفه لمناقشة الخروقات الأمنية " .
هكذا نجد مَن يصرّ على أن القاء المسؤولية على المالكي وقادته الأمنيين أمر غير مشروع ، إن لم يكن مستحيلا.. فالقاعدة التي يريد البعض ترسيخها تؤكد على أن المسؤول لا يخطأ أبداً، وأن الناس هي التي تُلقي بأنفسها إلى التهلكة، وهم مصدر للشرور والأخطار على العملية السياسية.
في كل الأحداث الأمنية الخطيرة تخرج علينا الماكنة الإعلامية للأجهزة الأمنية بسيل من البيانات المتناقضة، الأول يبشر العراقيين بالقضاء على رؤوس الإرهاب، والثاني يتكلم بخجل عن عشرات الضحايا الأبرياء ، فيما ثالث تنتفخ أوداجه وهو يؤكد أن هناك خرقاً امنياً قد حصل ولن يتكرر.
مسؤولون يهملون البحث عن الأسباب، وينشغلون بالبحث عن المبررات، في العالم يعتبرون التقصير الوظيفي "فضيحة" تلاحق صاحبها الى القبر.. قبل أشهر شاهدنا الجنرال الاميركي "بترايوس" يُقدم استقالته من جميع مناصبه، لان أعراف دولة المؤسسات يستحيل معها القبول بموظف يكون عرضة للابتزاز.. قد تبدو حكاية بترايوس قديمة، لكن اعادة روايتها الان أمر مهم، ونحن نرى ضابطا كبيرا مثل الفريق علي غيدان قائد القوات البرية يرفض رفضاً قاطعاً أن يوجَّه له سؤال عما يحدث من خراب أمني، بل ذهب به الخيال الى ان يُقيم دعوى ضد نائب لأن الأخير اتهمه بالتقصير.. حكاية بترايوس تبين لنا حجم المسؤولية الاخلاقية لصاحب المنصب حين يكتشف ان تصرفاً حتى وان كان بسيطاً يمكن ان يسبب ضرراً للبلاد.. جريمة بترايوس أنه أقام علاقة عاطفية خارج مؤسسة الزواج... وهي في عُرف مسؤولينا قضية "تافهة"، فما علاقة "رجل وامرأة " داخل غرف السياسة والأمن؟ وربما يهز الجنرال "غيدان" يــده ساخراً وهو يقول: إن أوباما ضعيف لأنه لم يستطع ان يحمي ضابطا كبيرا تقول سيرته الذاتية انه قدَّم خدمات جليلة للوطن.. ولا يعرف السيد غيدان ، ان استقالة بترايوس جاءت بمبادرة منه قبل ان تكون قراراً من البيت الابيض.. لانه يؤمن ان المنصب يلغي الحياة الخاصة، ويعاقب على أي خطأ حتى وان كان مجرد علاقة عاطفية عابرة.. المنصب العام في الديمقراطيات المحترمة مسؤولية تلزم نظاماً رقابياً صارماً على كل أنواع التصرفات والسلوكيات الشخصية للمسؤول، كل شيء تحت المجهر لصاحب المنصب العام: ثروته، علاقاته، حتى صحته ، المنصب العام عندهم مسؤولية عظمى، وفي عرفنا مجرد رضا ولي الأمر، في الأشهر الأخيرة ارتفعت معدلات العنف في البلاد، واكدت تقارير بعثة الأمم المتحدة في العراق أن شهر نيسان 2013 كان الأكثر دموية منذ عام 2008، وأن ما لا يقل عن 2345 عراقيا سقطوا بين قتيل وجريح في أعمال عنف طالت مناطق متفرقة من البلاد،. ومع هذا يصر البعض على ان منتقدي ادائهم الوظيفي، أعداء وخونة يعطلون مسيرة نهضة البلاد.. فيما عدّ أوباما ما جرى من جدل صاخب بشأن تفاصيل قضية بترايوس كلها تصب فى صالح أميركا... المهم ان تؤمن أن قوتك ليست في التهام الآخرين..
هكذا يريدنا القائد العام للقوات السلحة ومعه الفريق علي غيدان وبمعيتهم رهط من الجنرالات أن نغرق في بحر اللامبالاة، حين يصرون أن ينهوا الفواجع الأمنية بمكافأة القادة الأمنيين، وإيهام الناس بأنها تعيش أزهى عصور الاستقرار، وأن ما حدث انما هو مجرد سحابة صيف سرعان ما ستنجلي حتماً.
المهازل التي لا يحاسب عليها "علي غيدان"
[post-views]
نشر في: 18 مايو, 2013: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 5
احمد
يبدو ان اعمارنا تمر كسحابة صيف في سماء هذا الوطن.. رائع انت كعادتك
DR ADIL FAILY
The Prime Minister was not so before.He did not change himselv but the magic of the chair changed him.Saddam got the same disease.Saddam thought that he was a genius and more intelligent than Einstein.Abu Uday thought also that he was as a Muheeb Ruk
مواطن
الكل بات يعرف السياسيين والقاده العسكر ,أصبح لا يهمهم المواطن فالكل يلهث وراء حصد المكاسب الماديه التي يجنيها من وراء الفساد المستشري في جسد الدوله ..
المدقق
اتعرف لماذا ينجح الامريكيون ونفشل نحن ايها الكويتب ؟؟؟؟ انا اقول لك .. ان السبب الحقيقي في نجاحهم هو ان كافة افراد مجتمعهم يبذلون قصارى جهودهم من اجل وطنهم حتى ان كانوا من المعارضة ,, لكننا في بلدنا نجد ان الكتاتيب امثالكم يريدون اسقاط المالكي لكرههم الشخ
كاطع جواد
الحياة السياسية في العراق ليست مسؤولية أخلاقية بل هي مصالح نفعية و وقتية ، لذا نرى ان المسؤول غير مبالي بما يقوله الاخرون حتى وان كان على خطا طالما يكون رئيسه راضيا عنه ، المشكلة تكمن بعدم رسوخ مؤسساتنا المدنية بعد وعدم انتشار الثقافة الديمقراطية باستماع