TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من أمن العقاب أساء الأدب

من أمن العقاب أساء الأدب

نشر في: 19 مايو, 2013: 10:01 م

كثيرا ما نتحدث عن حقوق المواطن، وننسى مسؤولية هذا المواطن في الحفاظ على هذه الحقوق، والسعي للمطالبة بها عندما تتعرض للانتهاك أو التجاوز من قبل الآخرين، وكثيرون أولئك الذين يتنازلون عن حقوقهم تجنبا للدخول في إشكاليات إجراءات الشرطة والمحاكم، وما يعتريها من تأخير ومراجعات وفساد إداري ورشوة ، قد تكون ثقيلة على المواطن لعدم توفر المال لديه ، وقد يكون لا عمل له ومع ذلك فهو لا يكلف نفسه عناء الإبلاغ عما يتعرض له من انتهاك لحقوقه بشكل أو بآخر، مع أن المسؤولية الوطنية تحتم عليه أن يكون عينا للأمن ضد أي مخالفات يتعرض لها هو أو غيره من المواطنين، درءاً للخطر الذي يتعرض له المجتمع على أيدي المجرمين والعابثين بقيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وتساهل المواطن في المطالبة بحقوقه يشكل حافزا مباشرا لانتشار الجريمة والتعديات والتجاوزات التي يتعرض لها هذا المواطن من قبل الخارجين عن القانون وضعاف النفوس أو حتى من قبل بعض أفراد أجهزة الأمن أنفسهم ، وهذا نوع من التسيب والإهمال والتخاذل في المطالبة بالحق المشروع.
أن بهمل المواطن المطالبة بحقه، هو في حد ذاته خيانة للأمانة الوطنية، يجب أن يعرف المجرم عقوبته بعد أن يعترف بجريمته، وأسوأ ما في الأمر أن لا يكتفي المواطن بإهمال المطالبة بحقه، بل قد يصل الأمر به إلى حد حماية المجرمين والخارجين عن القانون فتجده يتستر أو يخفي من إيصال المعلومة عمن اعتدى على حرمات الآخرين، وتجاوز قيم المجتمع، وأساء التصرف بحق المواطن، ولم يحترم عادات وتقاليد المجتمع ، كما لم يحترم حق الجيرة تجاه هذا المواطن الذي سكن بجواره ،
لكن الأسوأ من ذلك كله هو أن المواطن إذا تقدم بشكوى في مركز الشرطة ضد أحد المسيئين وأحيلت الشكوى إلى المحكمة المختصة سيدخل في دوامة المواعيد البعيدة، وربما تدخل أحد المحامين الطفيليين المحتالين الذين يحيلون الحق إلى باطل، ليمدد فترة المحاكمة، وربما خرج المدعى عليه سليما معافى ـ
لاعافاه الله لا هو ولا محاميه ـ وبذلك تهدر الأوقات وتضيع الحقوق، ويجد المجرم فرصته لتكرار جريمته، لأن من أمن العاقبة أساء الأدب، وفي ذلك ضياع للحقوق الخاصة والعامة، وكان الأولى أن يكون العقاب حاسما وفي وقت سريع، عقابا للمجرم وردعا لأمثاله، وإلا سيتحول المجتمع إلى حاضن لعبث المجرمين وتجاوزاتهم الأخلاقية وأعمالهم الإجرامية، والمسؤول هو الكفيل الذي لم يستطع ردع كفيله، وتسليمه الى المحكمة في حالة تبليغه حتى يصدر الحكم المناسب ضده، وكذلك المحكمة التي تؤجل المحاكمة مرات عديدة وفي فترات متباعدة، ولا تطلب التحفظ على المجرم خلال فترة المحاكمة، وفي النهاية لا المواطن يعاد له حقه، ولا المجرم ينال جزاءه، ولا المجتمع يسلم من شر المجرمين والعابثين بأمنه وقيمه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram