تصعيد امني خطير تعيشه جميع المدن العراقية هذه الأيام، ينذر بكارثة الانحدار نحو منزلق خطير، قتل متبادل وشراهة لإحداث خراب شامل، وليس في الافق ما يشير الى هدنة او تهدئة. العراقيون يستغيثون ومخاوفهم من حصول انفلات امني يمهد لكارثة باتت هاجسهم الوحيد، صرخات الاستغاثة لا تجد استجابة من المسؤولين والقادة السياسيين، وهؤلاء في الظروف الحرجة العصيبة اكتفوا بالتنديد والاستنكار والتحذير، وكأنهم وجدوا في الواقع الراهن فرصة اخرى لتوسيع حلبة الصراع والتنافس على حساب شعب، تعطلت كل تمنياته وتطلعاته بفعل رغبة المشاركين في مارثون الوصول او الاحتفاظ بالسلطة.
من يستجيب لاستغاثة العراقي؟ سؤال يتردد، وعلامات استفهام كبيرة ترتسم على الوجوه، وحديث الشارع يشير الى حصول عمليات قتل على الهوية في احياء متفرقة من العاصمة، ومشرحة بغداد بدأت تستقبل الجثث مجهولة الهوية. اي مصير تعيس ينتظر العراقي؟ من يمتلك الجرأة على الاجابة ويضع حدا لفصل مأساوي جديد؟ هناك من يصر على استمرار هذا الفصل بكل مشاهده لاعتقاده بان مكاسبه السياسية والفئوية تتحقق من خلال هذه الاسلوب، ولا ينتابه ادنى شعور بانه متجه لفتح ابواب جهنم.
أحد الذين نراهم على شاشات الفضائيات لطالما ردد مفردة "كامت" بمعنى ان المشكلة تتصاعد في معرض وصفه للاوضاع في العراق بعد انسحاب القوات الاميركية وتفاقم الازمة السياسية بفعل اتساع الخلاف بين الاطراف المشاركة في الحكومة، واندلاع التظاهرات في اكثر من محافظة عراقية تضاف اليها الاحداث في سوريا. والغريب في الامر ان معظم القوى السياسية تدرك المخاطر، وتصريحات قادتها وزعمائها تطالب ابناء الشعب بالحفاظ على تماسك وحدتهم، وتدعوهم الى نبذ العنف بكل اشكاله لتوطيد السلم الاهلي والحفاظ على التجربة الديمقراطية، ولكن الواقع على الارض يسير باتجاه المجهول.
استغاثة العراقي سمعتها منظمات دولية، وعواصم اجنبية، فدعت بدورها المسؤولين والسياسيين الى تدارك المشكلة، بمعنى انها طالبت المغامرين والعازفين على الوتر الطائفي بالابتعاد عن محاولات فتح ابواب جهنم، وتسوية الازمات بشكل يرضي كل الاطراف، وبخلاف ذلك ستكون الساعة "سودة مصخمة على روسكم" على حد تعبير امرأة في الستين من عمرها فقدت ابنها وحفيدها في التفجير الارهابي الذي حصل في حي الاعلام بمنطقة البياع الاثنين الماضي.
التاريخ العراقي سجل احداثا قديمة، واخرى جديدة، تؤكد ان الدم كان ولايزال هو الاكثر حضورا في الساحة في غياب العقل، واستنادا لوقائع تاريخية معروفة، ليست بعيدة زمنيا، بإمكان تدارك الاوضاع عندما يسمع الجميع استغاثة العراقي ويلبي نداءه، بملاحقة كل شخص يحمل السلاح، والذهاب نحو حل سياسي عاجل لانهاء التوتر، وعزل اصحاب مغامرة فتح أبواب جهنم، واسدال الستار على الفصل المأساوي، وتلك أمنية الجميع لإنقاذ البلاد من كف العفريت، العراقي يستغيث فهل من مجيب.
العراقي يستغيث
[post-views]
نشر في: 21 مايو, 2013: 10:01 م