لوَّح المالكي بـ"إصبعه" من جديد في وجه الجميع قائلا: إن مجلس النواب شريك أساسي في الاضطراب الموجود في البلاد" تذكرت كيف أن المالكي نفسه ألقى خطاباً ثورياً في محاسن وفوائد السادة النواب عشية اختياره لولاية ثانية.. ولا تزال صفحات المواقع الالكترونية تحتفظ له بصور يُقبـِّل فيها النواب "الإرهابيين" من وجناتهم.
وفي اليوم الذي دخل الخطاب السياسي العراقي لغة التلويح بـ"الإصبع " وربما في الساعة الثمينة نفسها.. كان النائب علي الشلاه يقف متوعداً مندداً مهدداً، ثم حسم الأمر لصالح " إصبع " المالكي بالقول عن معارضيه إنهم "منزعجون من فشل الإطاحة ببشار الأسد ولهذا بحثوا عن متنفس آخر، فوجدوا العراق الذي بات يدفع ثمن هذا الفشل ليزرعوا الفتنة الطائفية فيه".. طبعاً السيد الشلاه نسي أو تناسى ما قاله قبل سنوات من أن أجهزة بشار الأسد ومخابراته تقف وراء التفجيرات التي تحدث في مدن العراق.
ظهور المالكي هذه المرة ومعه أداة التهديد "الاصبع"، لم يكن مجرد استعراض سياسي وإنما هي دعوة "مشكورة" لأن نتلاحم ونصبر.. وتم فيها الكشف عن ســرٍّ دفيــن من أن أجهزة كشف المتفجرات لا تعمل بصورة جيدة، وأن الحكومة في طريقها الى الاستعانة بالكلاب البوليسية.
قال أيضا وهو يُلوِّح بـ "إصبعه" إن البرلمان تحوَّل إلى منبر للبعثيين والطائفيين.. وأشار بـ "إصبعه" أيضا انه حليم.. يصبر علينا، لكنه لن يتوانى في البطش بنـا في أقرب فرصة.. الإصبع كان يشير الى ان صاحبه يستطيع ان يضع معارضيه في السجن.. وأن أعصابه يمكن أن تنفلت منه في أية لحظة.. وأنه يملك من السلطة والقوة ما تضعه فوق القانون.. او فوق العقد بين الحاكم والشعب.
طالما هدد الماكي بقطع أصابع المتآمرين وأيديهم.. وطالما ردَّد على مسامعنا من أن هناك مؤامرة خارجية وتدخلا اجنبياً ودساً صهيونياً وخبثاً امبريالياً، ودوراً لـ أردوغان، لكن كل ذلك لم يغير في قناعات الناس من ان ثمة فوضى أمنية يذهب ضحيتها العشرات كل يوم، وأن البلاد تعيش مأساة العنف الطائفي.. وهذه لا يحلها التلويح بـ "الإصبع" ولا بتخوين الجميع ، وانما تحل بتفاهم سياسي عاقل، تقوده الكتل السياسية مجتمعة.
في دهشة التطلع الى "إصبع" المالكي أمس، أعدت قراءة فقرات من كتاب عن "المعنى الخفي لحركات السياسيين" الذي قام فيه مؤلفه الفرنسي جوزيف ميسينجر بتحليل الحركات التى يصدرها السياسيون فى خطاباتهم وحواراتهم ولقاءاتهم، ففي فصل مثير خصصه المؤلف لظاهرة "الإصبع" الذي دائما ما نجد السياسي او المسؤول يلوح به امام شاشات الفضائيات، يكتب: "السياسي المنفعل دائما ما يستخدم إصبع اتهامه بامتياز.. وهو يستعمل إصبعه هذا من أجل اسكات الخصم، أو من أجل التلويح بالحجج عن حروب خيالية، ودائما ما يكون الإصبع الهائج هذا، هو إصبع غير متسامح، لان صاحبه لا يريد أن يمنح خصومه أدنى فرصة للتفاهم.. إنه أشبه بالحربة التي تعد للضرب تحت الخاصرة".
ونظل مع السيد ماسينجر الذي يخبرنا في كتابه أن "لكل رجل من رجال السياسة حركة أو علامة تُمَيِّزه، وتكشف الكثير عما لا يقوله، وكل هذه الحركات ليست من دون معنى، بل تفضح نوايا صاحبها" ولكي يثبت المؤلف صحة نظريته تابع عن طريق التسجيلات حركات عشرات الزعماء والقادة، كما طلب من 500 نائب فرنسي ان يساعدوه، وبعد اشهر من الدراسة والمراقبة والبحث خرج باستنتاجات مثيرة أبرزها إثارة عن السياسيين الذين لا يتوقفون عن رفع إصبعهم عالياً في الهواء حيث شبههم بأنصاف السحرة الذين يبحثون دائما عن اجابات غير صحيحة على الاسئلة التي تُطرح عليهم.
ويمضي الكاتب الفرنسي في تحليل شخصية زعماء "الأصابع" بأنهم "ليسوا ديمقراطيين بالمعنى الحرفي للكلمة.. فلم نجد أحداً منهم عاقب نفسه على فشله، بل نراه يدفن المشاريع الفاشلة ويمضى قدماً.. وهو بائع أوهام، إنه يأمر ويتوقع أن يطيعه الآخرون"،.. لاحظ عزيزي القارئ أن صاحبنا الفرنسي يتحدث وهو لا يعرف المالكي ولا "إصبعه" ولم يضعه ضمن القادة الذين أجرى عليهم بحوثه، هل تريدون أن أكمل إقرأوا هذه الجملة "غالباً ما يكون حقوداً وبعيداً كل البعد عن المرح والفكاهة، لأنه يخلط بين الفكاهة والسخرية، لا يستطيع أن يظهر موهبته من دون جمهور يهتف له " هذا ما يقوله الكاتب عن نموذج سياسيي " الأصابع".
هل سنجد أنفسنا محتارين في الوصف ونحن نرى رئيس مجلس الوزراء يلوِّح بـ"إصبعه" منفعلا.. بينما مقربوه يتحدثون عن المؤآمرات الخفية، فيما تنفلت البلاد الى مصير مجهول وغامض، إلا في العنف والخراب والفساد، وشهوة السلطة عند المالكي التي تريد أن تحوِّل العراق إلى مستعمرة للقمع والقهر والإذلال، لا يسمح فيه لقوة واحدة بالظهور لمقاومة "إصبع" رئيس مجلس الوزراء.
إصبع "المالكي"
[post-views]
نشر في: 21 مايو, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 2
مواطن
بل هو أبعد من هذه الدراسه فهو مقلد ليس أكثر من الذين سبقوه ماذا ننتظر من كان يبيع الحجر ويفتح الودع ويسخر الشياطين قي المحبه والرزف وغير ذلك.
مراقب
وما من كاتبٍ إلا سيُفنى... وويُبقي الدّهرُ ما كتبت يداهُ فلا تكتب بكفك غيرَ شيءٍ... يسرك في القيامة أن تراهُ