TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أعمار العراقيين تزيد ١١ عاماً

أعمار العراقيين تزيد ١١ عاماً

نشر في: 22 مايو, 2013: 10:01 م

سأحاول اليوم أن اهرب من أخبار الموت، وأحاول التعليق على محاولة "هروب جماعي" لسمك الصبور من مياه البصرة، وشكوى يابانية تعترض على عدم سماحنا لليابانيين بالبقاء اكثر من ١٠ أيام في العراق. وشيء يتعلق بزيادة المواليد التوائم، وإضافة ١١ سنة على إعمار العراقيين بحكمة حكومتنا وجهودها.
وقد سمعت بشارة على لسان رئيس مجلس وزرائنا الذي تحدث عن نتائج "الخطة الخمسية المنتهية" حسب وكالة المدى برس، قائلا إن عمر الإنسان العراقي في ارتفاع، فقد كان "قبل الخطة الخمسية" يعيش بمعدل ٥٨ سنة، أما بعد الخطة فصار العراقي يعيش ٦٩ سنة، أي إننا ورغم كل شيء حصلنا على ١١ سنة إضافية في الحياة.
تعالوا نستمتع قليلا ببعض المفارقات في اجتماع حكومتنا يوم الثلاثاء ويبدو ان بعض فقراته بثت تلفزيونيا. ان الحكومة لعجيبة، فهي تستطيع ان تضع خطة لزيادة أعمارنا ١١ سنة، لكنها لم تتمكن من اضافة ساعتين كهرباء. وانا متأكد ان معظم العراقيين مستعدون للتنازل عن الـ١١ سنة الإضافية في اعمارهم، مقابل الحصول على كهرباء، ونحن نناشد دولة رئيس مجلس الوزراء ان يقوم بتعديل جذري للخطة الخمسية الجديدة يتم بموجبها "تقصير أعمارنا وتطويل كهربائنا"، فبقاء العراقي ١١ سنة اضافية في هذا العالم، وبدون كهرباء، هو اكثر حفلات التعذيب مدعاة للسخرية السوداء.
ورغم ان الخطة الخمسية لرئيس مجلس وزرائنا نجحت في زيادة أعمارنا ١١ سنة بالتمام والكمال، فان الياباني لا يستطيع ان يبقى في العراق اكثر من ١١ يوما. هذا ما نقله وزير الخارجية السيد زيباري في الاجتماع ذاته ناقلا للحكومة كلام الخارجية اليابانية. فبغداد تمنح للمستثمر الياباني فيزا أمدها ١١ يوما فقط (والحكومة هذه الأيام تحب الرقم ١١ كما يبدو). أي ان لدى الياباني ١١ يوما وعليه استغلالها دقيقة دقيقة، في اكتشاف فرصة استثمارية ثم في البدء سريعا وبلا تردد بالمعاملات مع وزارات البيئة والداخلية ومجلس المحافظة، والاعمار والاسكان..الخ، وبالطبع فان الياباني لن يستطيع فعل اي شيء بهذه الايام العشرة، وسيتذوق المسقوف كل مساء في فندقه شديد التحصين ويعود الى طوكيو خائبا او نادما (حسب الظروف).
ويبدو الأمر وكأن الحكومة تقول للمستثمر هذا: نعرف أن وقتكم في اليابان ثمين جدا، ولذلك لم نمنحك أياماً اكثر في العراق. لماذا تضيع عمرك هنا أصلاً؟
ولعل الحكومة على حق بالنظر لظروفنا الحالية، وهي مطالبة بأن تصدق النصح للأصدقاء اليابانيين الذين نخشى ان "يروحوا بيها" في مفخخة أو عبوة، وبذلك سيضحك العالم على خطتنا الخمسية التي زادت في عمر العراقيين ١١ سنة، ونقصت عمر رجال الأعمال اليابانيين ٣٠ سنة.
ويبدو ان الاماكن الخطيرة مثل العراق تكون فيزتها صعبة دوما، حتى للأسماك. ففي خبر نشرته الزميلة "السومرية نيوز" قال صيادو البصرة ان سمك الصبور "الاسبور كما كان يسميه الجاحظ" صار شحيحا في شط العرب ومنطقة شمال الخليج. احد تجار مزاد السمك في الفاو يقدر ان ٨٠ في المائة من اسماك الصبور اختفت فجأة في هذا الموسم. ومن حق مركز علوم البحار كما ورد في الخبر، ان يفسر القضية بالتغيرات المناخية، لكن الصياد العراقي بالتأكيد سيدرك الاسباب السياسية والامنية التي جعلت الصبور يمتنع عن زيارة العراق هذه السنة.
وفي الحقيقة فان من حق امة "الاسبور" ان تكون لها تقديراتها الأمنية عبر تجنب الوقوع في شباك صيادينا المساكين الذين تحاصرهم العوامل المناخية والسياسية وحتى الخطط الخمسية وتجعل معظم مراكب الصيد في الفاو كما رأيتها اخر مرة، تضع لافتة كبيرة مكتوبا عليها "السفينة للبيع" إلى درجة تشعر معها ان الفاو بأسرها معروضة للبيع ولا احد يشتري.
وعلى ذكر طبيعة المجيء لاماكن خطيرة، أتذكر الآن اخر خبر قرأته عام ١٩٩٩، وكان ضمن تغطية رويترز لدخول الألفية الثالثة. فقد ورد في احصاءات اليوم الاخير من الالفية السابقة، ان نسبة التوائم المولودة في الاسبوع الاخير من عام ١٩٩٩، زادت الى خمسة اضعاف المعتاد. والامر دفع معلقا شهيرا خفيف الظل الى القول بأن العالم يصبح اخطر وأخطر الى درجة ان الاطفال لم يعودوا يمتلكون جرأة ان يأتوا الى الدنيا بمفردهم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 5

  1. محمد الحجامي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا اشكرك على هذا المقاله الجميله وانت والله الابداع وليس مبدع حبيت اقول شيء حسب فهمي المتواضع انت من المفترض ان تكتب على سماء العراق وليس المواقع ...

  2. قاسم عبد اللة

    لا فظ فوك سيدي الفاضل..... بوركتم

  3. عمار

    والله طرحك جدا جميل يعني اليكدر يزود اعمار العراقيين 11 عام ميكدر يزود كهربائهم ساعتين . بس السؤال المهم انه الناس الي ماتو (الى رحمة الله الواسعة) بالتفجيرات الاخيرة ببغداد وبقية المحافظات ممشمولين بمكرمة السلطان ال(11عام) فوق اعمار العراقيين

  4. Albert

    تحية طيبة للكاتب الكريم الف الف مبروك للعراقيين على زيادة اعمارهم فلولا القيادة الحكيمة لرئيس الوزراء لما راينا 11 عاما اخرى من الذل والحرمان الذي يعيشه غالبية الشعب العراقي وليمعن في الانتقام وتجريد الانسان العراقي من انسانيته

  5. سلام هاشم حافظ

    هل يحتاج العراقيون سنوات اضافية لاعمارهم , ام هم بحاجة ماسة وحقيقية لحياة تليق بالانسان خلال سني حياته طالت او قصرت ؟ مع تحياتي.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram