سأظل أتذكر باعتزاز وإعجاب كبيرين موقف السيد عمار الحكيم الشجاع بوجه أولى بوادر دكتاتورية المالكي. كان ذلك في اليوم الذي أمر فيه الأخير مفوضية الانتخابات، أمرا، بإعادة "العد والفرز" بصفته القائد العام للقوات المسلحة. خرج الحكيم، يومها، معلنا بوضوح رفضه لتلك اللغة التي تعني عودة الدكتاتورية بشكل صريح. بعدها لم يتجرأ المالكي على النطق بها ثانية رغم ان أفعاله الاستبدادية ظلت تتصاعد ببشاعة.
وباعتزاز أيضا نظرت لدعوة السيد الحكيم الأخيرة للقوى السياسية الى الاجتماع، والتي، كما جاء في الأخبار، قد نالت قبولا وترحيبا واسعين من اغلب الكتل السياسية. رغم ذلك دبّ في قلبي شيء من عدم الارتياح. قضّيت ليلة البارحة كلها أبحث عن سبب له فلم أجده الا عند الصباح. في الحقيقة وجدت سببين وليس واحدا. الأول عام يشمل كل مبادرات الدعوة للقاء السياسيين التي من يرجو منها خيرا يكون كطابخ الفأس الذي "يرجه من الحديدة مرك".
شيء آخر له علاقة بالعام أيضا هو ان السيد الحكيم حدد هدف الاجتماع بإصدار بيان "ضد الإرهاب يطمئن المواطنين". يعني بيان إدانة. أؤكد لسماحة السيد ان ألف ألف بيان إدانة لما يحدث بالعراق من مصائب لا يطمئن مواطنا واحدا ولا يمنع إرهابيا من ارتكاب جريمة. الناس تحتاج أفعالا وليس بيانات كي تطمئن. أقول هذا والسيد الحكيم يعرف ذلك اكثر مني كما يظهر من بيانه الذي اعترف فيه بأن الأخطار التي تحيط بالعراق "لا تنفع معها الإدانة والاستنكار". اليس من حقي ان اسأله اذن: ما جدوى اجتماع سيكتفي بإدانة الإرهاب وصاحب البيان يعرف ان الإدانة لا تنفع؟
في احد البلدان شاع، يوما، ان مياه الحنفيات ملوثة فخاف الناس وعمهم الفزع. لم يجد رئيس حكومتهم غير ان يتقدم وزراءه وينزل بهم للشوارع. اختار بيت مواطن بسيط فشرب بكفيه من ماء الحنفية ثم تبعه الوزراء. بعد يوم من ذلك ظهر الحاكم بنفسه على الشاشة بكامل صحته. عندها فقط اطمأن الناس وعادوا لشرب ماء الحنفية.
لا يطمئن المواطن إلاّ إذا وجد السياسي الحاكم قد جعل شوارع العراق آمنة مثل شوارع الخضراء وبيوتها. ولا يطمئن المواطن إلاّ إذا وجد القابعين في الخضراء قد هدموا اسيجتها وصاروا يعيشون بين الناس.
جميل أن يحسب السيد الحكيم حاجة المواطن العراقي في هذه الأيام للاطمئنان. مهمة كهذه تحتاج الى تغيير جذري ليس في رأس السلطة التنفيذية حسب، بل وتحتاج أيضاً الى كنس كل الذهنيات التي عجزت بفعل طائفيتها وتخلفها عن حماية المواطن وعن إيقاف الإرهاب عند حده.
من يريد للعراق بث الطمأنينة عليه ان يجعل "أم سعد" العراقية التي تعيش في قطاع 10 بمدينة الصدر، التي هدها الخوف والفقر والتعب، تعيش بأمان ورفاه مثلما تعيش اخواتها بالوطن والدين والمذهب، ايضا، كـ "أم اسراء" و "أم أحمد" و "أم مجاهد" الساكنات بالخضراء.
للحديث بقية.
جميع التعليقات 2
المدقق
ظلوا حيوا المواقف واهلها بس ما تعرفون تسكتون علمود الناس شوية تهدى وصايرين 24 ساعة تهيجون الناس وتحرضوهة .. بس مثل ما كالو كبل لا يصح الا الصحيح .. والصحيح الوحيد بهذا الوطن هو المالكي غصبن عليكم ...
رمزي الحيدر
أنت تحكي عن أُمنيات لا تتحقق، رئاسة الوزراء والوزراء والبرلمانيين لا يغادرون المنطقة الخضراء لأنهم لا لا صلة و لا علاقة لهم بما يجري للشعب العراقي. و الشئ الثاني ، هو لو جلبت ( مكانيس ) العالم كلها لإيمكنك كنس العقليات الطائفية و الأفكار المتعفنة.