TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قراءة في دعوة السيد الحكيم (1)

قراءة في دعوة السيد الحكيم (1)

نشر في: 24 مايو, 2013: 10:01 م

 

سأظل أتذكر باعتزاز وإعجاب كبيرين موقف السيد عمار الحكيم الشجاع بوجه أولى بوادر دكتاتورية المالكي. كان ذلك في اليوم الذي أمر فيه الأخير مفوضية الانتخابات، أمرا، بإعادة "العد والفرز" بصفته القائد العام للقوات المسلحة. خرج الحكيم، يومها، معلنا بوضوح رفضه لتلك اللغة التي تعني عودة الدكتاتورية بشكل صريح. بعدها لم يتجرأ المالكي على النطق بها ثانية رغم ان أفعاله الاستبدادية ظلت تتصاعد ببشاعة.
وباعتزاز أيضا نظرت لدعوة السيد الحكيم الأخيرة للقوى السياسية الى الاجتماع، والتي، كما جاء في الأخبار، قد نالت قبولا وترحيبا واسعين من اغلب الكتل السياسية. رغم ذلك دبّ في قلبي شيء من عدم الارتياح. قضّيت ليلة البارحة كلها أبحث عن سبب له فلم أجده الا عند الصباح. في الحقيقة وجدت سببين وليس واحدا. الأول عام يشمل كل مبادرات الدعوة للقاء السياسيين التي من يرجو منها خيرا يكون كطابخ الفأس الذي "يرجه من الحديدة مرك".
شيء آخر له علاقة بالعام أيضا هو ان السيد الحكيم حدد هدف الاجتماع بإصدار بيان "ضد الإرهاب يطمئن المواطنين". يعني بيان إدانة. أؤكد لسماحة السيد ان ألف ألف بيان إدانة لما يحدث بالعراق من مصائب لا يطمئن مواطنا واحدا ولا يمنع إرهابيا من ارتكاب جريمة. الناس تحتاج أفعالا وليس بيانات كي تطمئن. أقول هذا والسيد الحكيم يعرف ذلك اكثر مني كما يظهر من بيانه الذي اعترف فيه بأن الأخطار التي تحيط بالعراق "لا تنفع معها الإدانة والاستنكار". اليس من حقي ان اسأله اذن: ما جدوى اجتماع سيكتفي بإدانة الإرهاب وصاحب البيان يعرف ان الإدانة لا تنفع؟
في احد البلدان شاع، يوما، ان مياه الحنفيات ملوثة فخاف الناس وعمهم الفزع. لم يجد رئيس حكومتهم غير ان يتقدم وزراءه وينزل بهم للشوارع. اختار بيت مواطن بسيط فشرب بكفيه من ماء الحنفية ثم تبعه الوزراء. بعد يوم من ذلك ظهر الحاكم بنفسه على الشاشة بكامل صحته. عندها فقط اطمأن الناس وعادوا لشرب ماء الحنفية.
لا يطمئن المواطن إلاّ إذا وجد السياسي الحاكم قد جعل شوارع العراق آمنة مثل شوارع الخضراء وبيوتها. ولا يطمئن المواطن إلاّ إذا وجد القابعين في الخضراء قد هدموا اسيجتها وصاروا يعيشون بين الناس.
جميل أن يحسب السيد الحكيم حاجة المواطن العراقي في هذه الأيام للاطمئنان. مهمة كهذه تحتاج الى تغيير جذري ليس في رأس السلطة التنفيذية حسب، بل وتحتاج أيضاً الى كنس كل الذهنيات التي عجزت بفعل طائفيتها وتخلفها عن حماية المواطن وعن إيقاف الإرهاب عند حده.
من يريد للعراق بث الطمأنينة عليه ان يجعل "أم سعد" العراقية التي تعيش في قطاع 10 بمدينة الصدر، التي هدها الخوف والفقر والتعب، تعيش بأمان ورفاه مثلما تعيش اخواتها بالوطن والدين والمذهب، ايضا، كـ "أم اسراء" و "أم أحمد" و "أم مجاهد" الساكنات بالخضراء.
للحديث بقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. المدقق

    ظلوا حيوا المواقف واهلها بس ما تعرفون تسكتون علمود الناس شوية تهدى وصايرين 24 ساعة تهيجون الناس وتحرضوهة .. بس مثل ما كالو كبل لا يصح الا الصحيح .. والصحيح الوحيد بهذا الوطن هو المالكي غصبن عليكم ...

  2. رمزي الحيدر

    أنت تحكي عن أُمنيات لا تتحقق، رئاسة الوزراء والوزراء والبرلمانيين لا يغادرون المنطقة الخضراء لأنهم لا لا صلة و لا علاقة لهم بما يجري للشعب العراقي. و الشئ الثاني ، هو لو جلبت ( مكانيس ) العالم كلها لإيمكنك كنس العقليات الطائفية و الأفكار المتعفنة.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram