TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حماس تتفرغ لنشر الفضيلة

حماس تتفرغ لنشر الفضيلة

نشر في: 24 مايو, 2013: 10:01 م

بعد إنجاز حركة حماس لكل الأهداف التي انطلقت لتحقيقها، فإنها تتصدى اليوم لمهمة جديدة مقدسة، كشف عنها وزير داخليتها في غزة، وحددها بأن الأجهزة الأمنية ستراقب كل من يسهم في إخفاض مستوى الرجولة، سواء كان ذلك بارتداء السراويل الضيقة، أو إطالة شعر الرأس، "شعر اللحية مسموح ومرغوب"، وهدد بعد أن ازدرى كل منظمات حقوق الإنسان بترحيل المخالفين، لأنه لا مكان لهم في إمارته الإسلاموية، معلناً أن لديه أساليبه الخاصة التي سيطبقها، طبعاً بإذن الله.
قبل هذا الإعلان المغرق في تسلطيته، كان الوزير أمر أجهزة الشرطة التابعة له باحتجاز عدد من الشبان، وقص شعورهم، وإجبارهم على توقيع تعهد بعدم إطالة الشعر، أو ارتداء سراويل غير مرضي عنها ما، أثار فعلياً مخاوف المراكز الحقوقية، التي طالبت آنذاك النائب العام في غزة، بفتح تحقيق جدي في تلك الاعتداءات التي تمس الحريات الخاصة للمواطنين، وما رافقها من اعتداءات بالضرب، تعرض لها المحتجزون، كما طالبت الحكومة المقالة باحترام حريات المواطنين المكفولة دستورياً، ووفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
حماس بعد هدنتها مع "العدو الصهيوني"، تتفرغ اليوم لإطلاق حملة "ترسيخ الفضيلة"، وكأن القطاع يسبح في الرذيلة، وتعمل كما تقول على ترويج ما تعدّه القيم الأخلاقية الإسلامية، وتنسى أو تتجاهل في سعيها لبناء "المجتمع المؤمن"، أنه يعيش في القطاع منذ أكثر من 1500 عام، مسيحيون مؤمنون أيضاً، وهم ليسوا مضطرين للاقتناع بالإيمان الحماسي، الذي دفع حكومة الحركة لإصدار قرارها التاريخي، بمنع الاختلاط بين التلاميذ من الجنسين بعد سن التاسعة في مدارس القطاع، وليس سراً أن مواطني القطاع، يرون في حملات "أسلمة المجتمع"، الرامية لفرض رؤية وفكر الحركة على المجتمع، تشكيكاً بأخلاقهم وإساءة الظن بهم، وهو ما يرفضونه بشدة، فيما يدافع الشباب منهم عن حقهم في ارتداء ما يناسبهم، ما دام الأمر لا يخرج عن الحياء والمظهر العام.
في سياق برنامجها الإيماني، تتعامل حماس مع المرأة فقط بوصفها أختا كريمة، بمعنى ربط الاعتراف بها بوجود الأخ، الذي يسبغ عليها صفة الكريمة، وتعتمد في كل قراراتها الإيمانية على كونها حركة تقود المقاومة، ما يعني في آخر الأمر عصمتها، لأن الحديث عن أمور كالحريّات الشخصيّة وحقوق الانسان ليست في محلها، وكأن على الغزّي الامتناع عن التعبير عن استيائه ورفضه لأي من القرارات الحمساويّة، وباعتبار أنه ليس ممكناً التعامل مع حكومتها باعتبارها حكومة عاديّة تحكم بشراً عاديين.
في ظل تجاهل حماس لمعضلة المخدرات، التي تكاد تعصف بشباب غزة، سيقول البعض إن حملة ترسيخ الفضيلة سلميّة، رغم أن جوهرها هو الاعتداء على الحرية الشخصية، وفرض رؤية القائمين بها على مجتمع، قد يرفض جزء منه هذه الرؤية، في حين يسأل البعض، دون توقع الجواب، إن كانت حماس تقبل بحملة مماثلة تنصح بحلق اللحى، على اعتبار أن مظهرها منفّر، إضافةً لما تسببه من إعاقات عند الأكل، لكن الاجابة معروفة بالتأكيد، فغزة التي كان فيها سبع دور للسينما قبل النكبة، تضم اليوم زاوية للصوفيين، وتقوم جهات مرتبطة بحكومتها المقالة بالدعوة لأسلمة المسيحيين، مع أن الكثير من سكانها يرفضون التدين، ويقول بعضهم بإمكانية أن يشرب كأساً ويقاوم الاحتلال، على اعتبار أن المقاومة ليست مشروطة بارتياد المسجد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram