TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بطل الفيلم

بطل الفيلم

نشر في: 25 مايو, 2013: 10:01 م

 

الجيل  السابق من العراقيين  من سكان المدن يوم كانوا في مقتبل أعمارهم اختاروا من  أبطال الأفلام العربية والأجنبية شخصيات  كانت باعتقادهم  رموزا للبطولة،  في الدفاع عن الحق  والمظلومين ، وتحقيق العدالة  والانتصار على الباطل ، طيلة تلك السنوات  لكثرة عرض وتكرار افلام الراحل فريد شوقي عبر شاشة التلفزيون الأسود والأبيض ، استحوذ الممثل على  اهتمام المشاهدين بوصفه رمزهم المفضل ، وكان الجمهور يبدي حماسته ويطلق كلمات التشجيع عندما يطارد بطلهم  الممثل الراحل الآخر محمود المليجي الذي يؤدي عادة دور الشرير ، وبعاصفة من التصفيق ، تعبر مشاعر الجمهور عن اصطفافه مع الأقوياء  في ملاحقة الأشرار.
الإعجاب بفريد شوقي او  حسن رمزي  او عمر الشريف لم يقتصر على الشباب والمراهقين بل امتد الى  الشابات والنساء ، فأثناء عرض فيلم السهرة  العربي  مساء الخميس تذرف صاحبات المشاعر الرقيقة الدموع ، ومع تناول "حب الركي" هناك من تصب غضبها  ولعناتها على راس  محمود المليجي لسعيه الدائم لتفريق  المحبين والعشاق والأزواج بمخططات لإرضاء نزواته الشريرة ، ومع مجريات أحداث الفيلم ، وقبل مشهده الاخير ترتسم علامات الانشراح والسعادة على وجوه المشاهدات  لأن النهاية وكما اعتادت السينما المصرية وقتذاك تكون  بالزواج ، والحكم على صاحب المخططات بالسجن المؤبد بعد اكتشاف تورطه بتجارة المخدرات ، ويحيا العدل .
  شجاعة البطل الرمز في ذلك الوقت يستمدها من قواه البدنية وليست العقلية ، فهو لوكان يملك جزءا من  الثانية لما تعرض للمشاكل والمتاعب ، وحمل المشاهدين اعباء همومه وحزنه ، ولكنه عندما يكتشف المخطط يسخر ما يمتلكه من قوة ، لملاحقة الأعداء في عقر  دورهم ،  وعن طريق الركلات وتوجيه الضربات الى الخصوم ، يحسم المعركة المصيرية لصالحه ، فيتوجه المشاهدون بطلا للأجيال لم يشهد التاريخ الحديث والقديم مثيلا له  في الدفاع عن  النبل بأخلاق الفرسان  المدافعين عن الحق المغتصب .
المدافعون عن الحق في أفلام ذلك الزمن لم  تكن لديهم علاقات ، مع جماعات مسلحة ، أما منافسوهم فكانوا يبحثون عن  مرتزقة لخوض المعركة باستخدام العصي  لصالح من يدفع لهم المال ، او قضاء ليلة حمراء مع  امرأة لعوب ، سخرت إمكاناتها وما تملك من مواهب  الاحتيال والتآمر لتصطف مع الشرير.
  بطل الفيلم فقد حضوره في اذهان العراقيين ، قبل ان  تتوجه السينما المصرية الى  انتاج موجة جديدة من الافلام ،  لان اكثر  الممثلين من امثال فريد شوقي ومحمود المليجي وتوفيق الدقن ،  فارقوا الحياة ، وشغل مواقعهم آخرون ، لم يستطيعوا ان يقنعوا المشاهدين  بانهم رموز للبطولة ، والعامل الآخر لاندحار البطل ان مستجدات الاحداث في الساحة السياسية  العراقية ،  وهموم الحياة ومتاعبها  ومعاناتها المريرة ، جعلت العراقيين يفقدون الثقة بأي بطل يمكن ان يحقق العدالة وينتصر للحق ، وهم ينظرون الى واقعهم الراهن وكأنها مطاردة ليست لها نهاية بين فريد شوقي ، ومحمود المليجي ، وهم  يستطيعون أن يشخصوا من يمثل دور الأول والثاني ،
النهاية.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram