قائد تنظيمات الموت في القاعدة او الميليشيات، كان مشردا منبوذا ومحاصرا الى حد كبير، طيلة السنوات الخمس السالفة، حين كان الجميع يحاولون وضع الحوار بديلا للعنف. لكن قادة تنظيمات الموت سعداء اليوم بأنهم لن يظلوا عاطلين عن العمل ومشردين، فمهنتهم ستنتعش، لا بسبب السياسي الذي كفر بالحوار والحلول السلمية، بل ايضا بسببكم ايها المتحمسون للحرب والمصفقون لمزامير المعركة.
حماس بعض الجمهور للحرب، يدخل السعادة على قلوب كل صانعي الموت والمتورطين بالفساد على حد سواء. واذا تقدم سيناريو الخيبة فسينتقل المتحمسون السذج المساكين الى باطن الأرض، وسيبقى الفاسدون يمرحون على سطح الأرض. كلما تقلصت مساحة العقل زادت أرباح كل أشكال التطرف والاستهتار. أين هو الواقعي والمثالي من هذا؟
سيموت المزيد من العراقيين بطريقة مؤلمة اذا لم تنجح مبادرات التهدئة ولم يحصل تقدم سياسي يحاصر مسلحي الطوائف. المتحمسون للحرب من الجمهور، منشغلون الآن بحماسهم. لكن عليهم ان يتذكروا أننا وبعد ان نموت بألم نتيجة قرارات الساسة، فإن الساسة هؤلاء سيبرمون صفقة أخرى مستفيدين من آثار لي الأذرع الدموي، ويتقاسمون غنائم البلاد وينشغلون بالاستمتاع بلذائذ الحياة ويظلون يمشون بزهو فوق سطح الأرض التي ينام في باطنها الموتى.
لم يندلع صراع أهلي بعد، ومن المستبعد ان يندلع صراع كامل يكون فيه الجميع ممسكا برقبة الجميع. ان جزءا كبيرا من العراقيين لا يريدون ان نتورط بحرب إضافية. لكن هناك هلعا مشروعا لا يزال محدودا، ولايزال من الممكن إطفاؤه لو خففنا قليلا من حماسة "انصار الحرب".
هؤلاء المتحمسون موجودون في كل الشعوب. وهم في الأمم المتحضرة منبوذون اجتماعيا وسياسيا ومحاصرون. اما في لحظة انتكاس الأمم ثقافيا فان من يدق طبول المعارك والموت يحجز له مكانا في صدارة المشهد. وهو مشهد خراب بالطبع.
لكن انصار الحرب بين الساسة لديهم جمهور مسكين. كنت أتحدث امس، ويتحدث معي كثيرون طيلة الأسابيع الماضية، عن أهمية ان يمارس العقلاء ضغطا على الحماقة السياسية ويطلقوا حوارا عاجلا تأخر سنتين منذ "ورطة" الهاشمي. كثيرون من الطرفين، علقوا على كلامي بالقول ان "الحوار لا ينفع، هؤلاء ليس لهم إلا حد السيف".
المتحمس لا يريد ان يتذكر كم مرة جرى سفح دمائنا بأكثر الشعارات حماسة. وبينما كانت الجماهير تصفق لمزامير المعركة ودفوف المنشدين، كان "القائد" يسترق النظر الى الجمهور ويسخر ويضحك من كل قلبه. فرحان لأن الجمهور يسهل خداعه ويسهل سوقه لمعركة بلا معنى. ومن السهل دوما على "الزعماء" دفن الموتى المتحمسين وتأبينهم، ومنح زوجاتهم أو أمهاتهم فتات الغنيمة، بينما يظل أمثال السيد الشابندر يتصالحون مع أمثال السيد مشعان في المشهد الذي تعرفونه، ويسبب للجمهور المتحمس نفسه، حرجا كبيرا.
سيظل الزعيم يدفعكم ايها المتحمسون، الى الموت. وهو يشعر بسعادة حين يراكم قد انشغلتم عميقا بطقوس العذاب الدموية وبالبكاء على أحبتكم وأنفسكم. سيكون سعيدا بمقدار الكراهية التي تنمو في قلوبكم. لأن كل ذلك سينسيكم ان تسألوا السلطان عن الفشل والفساد. وسيشغلكم عن مراقبة المال السحت وهو ينمو في بيته وعند أعوانه. وسيكون سعيدا لأنه احتفظ بمنصبه زعيما لجماعة بشرية خائفة لا تؤمن بالحلول المتحضرة وتهرع الى القتال أو تصفق مع مزامير المعارك.
كثيرون يعلقون على كلامي بالقول ان "الحوار لا ينفع، هؤلاء ليس لهم إلا حد السيف، وان الحديث عن الحل السلمي مثالية حالمة". لكن هؤلاء مطالبين بالانتباه الى ان الحالم والمثالي وغير الواقعي، هو من يعتقد بإمكانية ان يجري إخضاع الناس بالسيف. وإمكانية ان نستسلم لشهوات ساسة تنقصهم الحكمة، ونكون ضحية صفقاتهم التي تتقلب بين متطلبات التهدئة ودواعي المغامرة بحياة المزيد من الجمهور.
أيها المتحمسون للحرب، ان الساسة الفاسدين وحاملي السلاح الأهوج، سعداء بكم وبكل الكراهية التي تنمو في قلوبكم. سعداء بكل الجهل الذي يجعل الشعوب المسكينة تواصل إرسال احلى شبابها الى المقابر، تلبية لنزوات أشباه صدام حسين، الذي يريد الكثيرون إبقاءنا داخل سجنه ورهاناته الاشد تخلفا.
الى أنصار الحرب حصراً
[post-views]
نشر في: 26 مايو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
أسعد البصري
الحرب ................. أسعد البصري أيها الرجال الفارغون في بلادي يا بقايا الأشباح ، و أبناء الشهداء لماذا تخدعون أنفسكم ؟ الحرب لم تنته نحن الذين هربنا بعيداً ، كل هذه السنين نخبركم الحقيقة الحياة كئيبة ، في هذا السلام الخانق لقد تم سجن الحرب ، تحت الأرض
أسعد البصري
الحرب ................. أسعد البصري أيها الرجال الفارغون في بلادي يا بقايا الأشباح ، و أبناء الشهداء لماذا تخدعون أنفسكم ؟ الحرب لم تنته نحن الذين هربنا بعيداً ، كل هذه السنين نخبركم الحقيقة الحياة كئيبة ، في هذا السلام الخانق لقد تم سجن الحرب ، تحت الأرض