TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شعب مدرّع

شعب مدرّع

نشر في: 28 مايو, 2013: 10:01 م

الأوضاع الأمنية في العراق بتراجع ، ونشاط الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية في تصاعد ، والإجراءات المتعلقة بتحسين إدارة الملف سواء بتغيير القيادات ، أو بنشر المزيد من قوات الجيش والشرطة ،في أحياء العاصمة بغداد ، لم تعد مجدية ، مع إصرار ملحوظ على استخدام أجهزة الكشف عن المتفجرات ، على الرغم من الاعتراف الرسمي بفشلها في أداء عملها بحسب تصريحات مسؤولين .
في ساعة واحدة تشهد العاصمة بغداد سبعة انفجارات متزامنة بأحياء متفرقة ، الأمر الذي يعني ان منفذيها والجهات التي تقف وراء التخطيط لها، قادرة على ان تشل العاصمة وتعطل الحياة وتثير الرعب والخوف بين صفوف المدنيين ، وفي كل يوم تبعث تلك الجهات بهذه الرسالة لتؤكد أنها اللاعب الوحيد في الساحة بوجود ملايين العسكر ، فيما يكتفي كبار المسؤولين الأمنيين بإطلاق تصريحات تفيد بأن حوادث التفجير اليومية لا تعني تدهور الوضع الأمني ، ودليلهم في ذلك العثور على سيارات مفخخة معدة للتفجير تم تفكيكها بنجاح ، فتنقل بعض الفضائيات هذا الإنجاز وتكرره كخبر عاجل، ثم تبث أنشودة" ياعراق يومك هاليوم ".
أين الخلل في إدارة الملف الأمني ؟ هذا السؤال أصبح لدى العراقيين أصعب من البحث عن سر الخلود ، منذ غامر جدهم كلكامش في البحث عنه، وعاد خائبا من رحلته ، والخيبة امتدت منذ آلاف السنين ، وحتى الآن ، وتمثلت بفشل الحكومة في حفظ الأمن ، وعجزها عن ملاحقة المجاميع الإرهابية ، وعصابات الخطف والقتل بكاتم الصوت.
معالجة الخلل الأمني تركزت في المنطقة الخضراء المحصنة ، فاستحقت وصف" المنطقة المدرعة" ضد الرصاص والمفخخات ، وهذا الأسلوب في الحماية لم يتوفر للأحياء الأخرى ، فأصبحت أكثر تعرضا لحوادث التفجير المتكررة بشكل شبه يومي ، وربما لهذا السبب توجهت الأنظار هذه الأيام إلى توفير دروع للعراقيين بمختلف الأحجام ، والقياسات للإناث والذكور ، يتم تصنيعها في بلد معروف بإنتاج المعدات الأمنية ، ويتم توزيعها بين المواطنين عن طريق وكلاء البطاقة التموينية ، وتقوم الحكومة بإصدار قرارات ملزمة بارتدائها مع الخوذ الفولاذية أثناء الدوام الرسمي ، ومراجعة الدوائر، وعند التنزه ، وفرض غرامات مالية على من يخالف التعليمات على غرار إجراءات مديرية المرور في محاسبة سائقي المركبات رافضي وضع حزام الأمان أثناء قيادة مركباتهم .
"الشعب المدرع "وصف جديد سيضاف إلى العراقيين في حال اقتنع صناع القرار باستيراد 36 مليون درع بعدد السكان، لإشاعة الشعور بالاطمئنان وتعزيز الثقة بالأجهزة الأمنية ودورها في ملاحقة الإرهابيين ، وعناصر العصابات المنظمة، عندما يلتزم أصحاب الدروع بالتعليمات والضوابط الصادرة من" الجهات العليا " والمتعلقة بحظر بيع الدروع في الأسواق المحلية ، أو تهريبها للخارج . ولمعالجة الخلل الأمني ، يجب على العراقيين ان يطبقوا التعليمات بدقة ليتشرفوا بحمل اللقب الجديد "الشعب المدرّع " .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram