اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > ذوو الاحتياجات الخاصة تكتنفهم المشكلات فمن يصنع الحلول؟

ذوو الاحتياجات الخاصة تكتنفهم المشكلات فمن يصنع الحلول؟

نشر في: 29 مايو, 2013: 10:01 م

في ذي قار هنالك شريحة تعاني من قساوة الحياة ،هم الصم والبكم، ولتجدنهم خارج إطار العناية من قبل الجهات الرسمية، وكأن هذه الجهات غير عابئة بهم، كيف يمكن لهؤلاء الحصول على الإنصاف في الدخل المعيشي والرعاية؟ كيف يتسنى لهم التخفيف عن كاهلهم عبء قساوة (الخ

في ذي قار هنالك شريحة تعاني من قساوة الحياة ،هم الصم والبكم، ولتجدنهم خارج إطار العناية من قبل الجهات الرسمية، وكأن هذه الجهات غير عابئة بهم، كيف يمكن لهؤلاء الحصول على الإنصاف في الدخل المعيشي والرعاية؟ كيف يتسنى لهم التخفيف عن كاهلهم عبء قساوة (الخرس)؟ هل من برامج لإغاثتهم؟ لا يزال الكثير منهم يكد للحصول على دخله المعيشي برغم الصعوبة التي يلاقيها نتيجة فقدانه حاسة النطق والسمع، كان من الممكن أن تبادر الجهات الحكومية لإجراء إحصاء لهؤلاء ومن ثم الاطلاع عن كثب على طبيعة حياتهم ومشكلاتهم لإيجاد الحلول لها.
البكم والصم في ذي قار
هنالك عدد هائل من البكم في محافظة ذي قار يعيشون أقسى الظروف المعيشية ناهيك عن الصعوبات التي يواجهونها في كيفية التفاهم فيما بينهم والأصعب أنهم يشعرون بالألم بالنسبة لمشكلة إيصال مشاعرهم وأفكارهم إلى الآخرين ( المتكلمين ) ،(المدى) أجرت لقاءً مع عدد منهم للاطلاع على طبيعة حياتهم بعد المتابعة والبحث ألتقيت مجموعة منهم يرتادون إحدى المقاهي في ذي قار يوميا خاصة في المساء لقضاء الوقت والتواصل فيما بينهم عبر تناقل المشاعر والأفكار، بواسطة لغة الإشارة الخاصة بهم ، ثمة شخص متكلم يدعى قيس كاظم محمد هو بتماس مباشر مع هذه المجموعة من البكم ( الخرس ) يقول قيس " أستخدم لغة إشارة خاصة بالخرس البكم تخص هذه المجموعة المحددة لتحقيق التواصل بينهم وبين المتكلمين فانا أبذل جهودا مضنية لمساعدتهم لأنهم بدوني سيظلون معزولين عن الآخرين من انعم الله عليهم بألسنة سليمة.
غياب لغة الإشارة الموحدة
لمست من خلال جولاتي الاجتماعية ومن خلال  لقائي مجموعة من البكم غياب لغة الإشارة الموحدة المتكاملة بين محافظات العراق ومناطقه تلك التي يوجد فيها هذا النمط من ذوي الاحتياجات الخاصة  ، كما يبدو أن كل منطقة يوجد فيها البكم يستخدمون لغة إشارة خاصة بهم هم من ابتدعوها دون الرجوع إلى أصول لغة الإشارة العالمية ،وهذه مشكلة كبيرة بحاجة إلى الحل ، وفق هذه المعطيات فإن لغات الإشارة المحلية المتفرقة والناقصة غير العالمية ؛ ضيقة الدائرة ولا تحقق طموح هؤلاء البكم في التواصل مع ثقافة المجتمع المحلي والعالمي، أو التواصل مع وسائل الاتصال بما فيها الوسائل المرئية (القنوات الفضائية) التي تقدم أخبار وبرامج خاصة بالبكم وكذلك الصم باستخدامها لغة الإشارة العالمية الموحدة .
ما هي لغة الإشارة ؟
لغة الإشارة هي مصطلح يطلق على وسيلة التواصل غير الصوتية التي يستخدمها ذوو الاحتياجات الخاصة سمعياً (الصم) أو صوتيا (البكم)، رغم أن هنالك ممارسات اخرى يمكن تصنيفها ضمن مستويات التخاطب الإشاري مثل إشارات الغواصين وبعض الإشارات الخاصة لدي بعض القوات الشرطية أو العسكرية أو حتي بين أفراد العصابات وغيرها وهي تستخدم:
1- حركات اليدين: كالأصابع لتوضيح الأرقام والحروف.
2- تعابير الوجه : لنقل المشاعر والميول. وتقترن بحركات الأيدي لتعطي تراكيب للعديد من المعاني.
3- حركات الشفاه: وهي مرحلة متطورة من قوة الملاحظة إذ يقرأ الأصم الكلمات من الشفاه مباشرة.
4- حركة الجسم : كوضع بعض الإشارات على الأكتاف أو قمة وجوانب الرأس أو الصدر والبطن في استعمال إيحائي لتوضيح الرغبات والمعاني وذلك بشكل عام للتعبير عن الذات، وهي تختلف من بلد إلى آخر.
مترجم يتحدث عن البكم
حالفني الحظ بعد بحث مضنٍ للجلوس مع مجموعة من البكم الخرس وإجراء تحقيق عن طبيعة حياتهم والاطلاع على ما يختلج في نفوسهم من هموم ، استعنت بالمواطن قيس كاظم الذي كان ولا يزال زميل شريحة تسكن محافظة ذي قار كان قيس كاظم  مثل الظل  الذي يرافقهم في الحل والترحال ولكي ينقلني إلى أجوائهم كان بمثابة المترجم لإيماءاتهم فأنا ليس لدي دراية بمغزى إشاراتهم . نقل قيس لي ما يعتمل من خلجات وأفكار لدى هؤلاء كانوا مجموعة بائسة سواءً بالنسبة لمعاناتهم المعيشية أو معاناتهم اللغوية أو صعوبة الاتصال بينهم أو مع المتكلمين ، بعضهم عبر بالإيماء عن معاناته .
بكم يجيدون الكتابة
 للتعبير عن الهوية وملامح الشخصية استخدم  بعض البكم ممن ألتقيتهم القلم لتحقيق هذه المهمة  والمفارقة أن هؤلاء تعلموا الكتابة دون معلم بل عبر محاكاة الآخرين ، منهم الأبكم المدعو نعمة جهاد عادل الذي امتشق القلم وبدأ يخط تعريفا بشخصيته ، كتب نعمة:ـ أنا متزوج ولدي ولدان، أعمل فراشا في مدرسة الشباب الإعدادية بعقد أتقاضى بموجبه 150 ألف دينار وهو أجر زهيد جدا لا يسد حاجاتي المعيشية ، أليس من حقي المطالبة بتحسين وضعي المعيشي ؟
أبكم آخر يجيد الكتابة
أشار المترجم قيس كاظم إلى نقطة مهمة وميزة امتاز بها الأبكم غالب ساجت يقول قيس " من ميزات غالب قدرته على الكتابة لديه طفلان أحدهما يبلغ ثلاث سنوات والآخر سنتين من حسن حظ غالب أن طفليه  يتكلمان ،لذلك من المؤكد أنهما سيقومان بمساعدته كثيرا عندما يبلغان مرحلة البلوغ سيتمكن من خلالهما من الاتصال بالمحيط الاجتماعي سيكونان بمثابة مرشدين له ، يطالب غالب بتسجيل اسمه في جمعية البكم في ذي قار لتكون الوسيلة التي يستطيع من خلالها بث همومه "بعد لحظات بادر قيس كاظم الذي هو بمثابة دليل الخرس والبكم أو الوسيط ليومئ بيديه لأحدهم وهو روضان محمد صاحي الذي تربطه به قرابة حميمة فهو عمه أخو والده تحدث قيس قائلا بالنيابة عن روضان الأبكم " روضان رجل أبكم بالولادة من مواليد 1967 متزوج ولديه أربعة أولاد وبنت خرساء وبكماء هو يمارس مهنة البناء ليحصل على دخله المعيشي إضافة إلى حصوله على راتب الرعاية الاجتماعية .
أبكم وأصم
يتمنى روضان ويحلم أن يتكلم يوما ما لكنه حلم لن يتحقق إلا بمشيئة الله ، يطلب روضان الأبكم من الدولة وخاصة من مجلس النواب الالتفات إليه ولكل البكم وتخصيص راتب شهري لهم يعينهم على محنتهم الطويلة " .
يعاني بعض البكم من الصمم أيضا فتزداد معاناتهم سوءا ، من بين هؤلاء المدعو حبيب كريم خضير تحدث عنه قيس قائلا " معاناة حبيب مضاعفة ومؤلمة جدا فهو لا يتكلم ولا يسمع ويعمل عامل بناء متزوج ولديه ولدان أبكمان هما مالك ومحمد ، مثل بقية البكم والخرس يتمنى حبيب أن تبادر الجهات المسؤولة في الدولة لانتشالهم من الوضع المأساوي الذي يعيشونه "

مواطنون يطالبون بإنصاف تلك الشريحة
يرى العديد من المواطنين من مختلف الشرائح بما فيهم إعلاميون ونشطاء مدنيون في محافظة ذي قار ان من وظائف الإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني تسليط الضوء على الفئات المهمشة في المجتمع وإظهار مشاكلهم وما يعانونه من ظلم وحرمان لذلك  من مسؤوليات الإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني إعداد برامج من شأنها ان تناقش المشاكل والمعوقات التي تواجه أفراد هذه الشريحة  واقتراح إيجاد الحلول فالبكم والصم  مهمشون محرومون من ابسط الأشياء محرومون من التعليم ومحرومون من الوضع المعاشي المناسب لذلك نطالب مجلس النواب العراقي بتشريع وتفعيل القوانين التي تضمن لأفراد هذه الشريحة حقوقها وتضمن لهم سبل العيش والحياة الكريمة أسوة ًبأخوتهم من فئات المجتمع الأخرى .
استطلاع آراء
نخبة من المواطنين تحدثوا عن أفراد هذه الطبقة واقترحوا حلولا لمشكلاتها  يقول الدكتور سعود عزيز ياسر " من الممكن للجهات المعنية الرسمية ومنها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المبادرة إلى وضع الخطط التي تتضمن تطوير واقع أفراد شريحة الصم والبكم ومنها تطوير مهارة لغة الإشارة لديهم فهنالك أميون منهم أو ضعفاء في مجال لغة الإشارة ومن البديهي أن تطوير هذه القابلية يتم عبر إقامة ورش التأهيل " وفي إشارة واضحة لدعم هؤلاء يقول المعالج الطبيعي فاضل عباس عبد الركابي " إن أفراد هذه الطبقة يشعرون بالعزلة عن المجتمع بسبب عوقهم اللساني لذلك ينبغي دمجهم مع  مجتمع الناطقين عبر تفعيل مهرجانات رياضية واجتماعية وثقافية تخصهم ومن الممكن تقديم عروض مسرحية في هذه المهرجانات بلغتهم ( لغة الإشارة ) لتخفيف وطأة عوقهم لكي يشعروا أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع ".
استحداث صفوف للتعليم
بخصوص التعليم يقترح المشرف التربوي عبد الأمير المسافر قائلا " من الممكن جدا استحداث صفوف تعليم الصم والبكم من قبل وزارة التربية والتعليم في المحافظات وفق معايير ونظام لغة الإشارة " بنفس الطريقة يقول المواطن أبو سجاد الحجيمي " ليس صعبا على الجهات الرسمية فتح باب التعليم لهؤلاء المعاقين لسانيا للتخفيف من معاناتهم كما أود أن أشير بأنهم يملكون القدرة على التعلم لكن وفقا لنظام لغة الإشارة إلا ان الصعوبة تكمن في أمية الناطقين بالنسبة للغة الإشارة ، فكيف يمكن دمجهم في مجتمع الناطقين وهو مجتمع أغلب أفراده لا يملكون القدرة على  التفاهم مع هؤلاء ، لذلك أقترح تأهيل أفراد ناطقين وتعليمهم لغة الإشارة يكونون بمثابة مترجمين لهم يرافقونهم أنى وجدوا " .

مشكلة مجتمع الناطقين مع البكم والصم
في ذي قار ثمة صعوبة تواجه أفراد شريحة الصم والبكم في كيفية إيصال أفكارهم ومشاعرهم للناطقين بنفس المستوى تبرز الصعوبة بالنسبة للكثير من الناطقين الذين لا يجيدون لغة الإشارة من هنا ثمة مقترح من قبل بعض المهتمين يتضمن استحداث منهج لغة الإشارة بجانب المناهج المدرسية في المرحلة المتوسطة فهل ثمة صعوبة أو استحالة في تحقيق ذلك ؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram