TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من يقتل شيعة العراق؟

من يقتل شيعة العراق؟

نشر في: 1 يونيو, 2013: 10:01 م

هاجم رجل دين شيعي، كُتّاباً ومثقفين شيعة، بسبب ما يعتقد بأنه سلوك غير منصف ناشئ من عدم تسميتهم قتلة الشيعة العراقيين بأسمائهم الحقيقية. يريدهم أن يقولون بأن سنَّة العراق يستهدفون شيعته في إطار سعار طائفي لا غرض من ورائه غير التصفية. يقول رجل الدين هذا، بأن أي حديث عما يجري في العراق خارج إطار مثل هذه الصراحة، هو كذب ودجل ولف ودوران لا طائل من ورائه.

في الحقيقة استفزني كلام هذا الشيخ، لأن هجوم رجال الدين على الاعتدال يعني رغبتهم بتمترس جميع شرائح وأطياف الشعب العراقي خلف ساتر الحرب الأهلية، وفي هذه الرغبة ما فيها من دفع، مقصود أو غير مقصود، من قبل المؤسسة الدينية باتجاه مزيد من التصعيد، يعني باتجاه مزيد من الدماء، وهو آخر ما نحتاج إليه في مثل هذه الأيام العصيبة.

ترفع بعض المثقفين، وهم قلة قليلة بالمناسبة، عن الاصطفافات، لا يأتي في سياق انتاج خطاب مخاتل وغير مفهوم، ولافي سياق إرضاء جميع الأطراف المتصارعة، ولا يأتي في سياق الانسلاخ من الذات والتنكر للجذور. أبداً، بل يأتي في سياق فهم عميق لحقيقة ما يحدث في العراق. وهو فهم قد لا يطيق النزول لأعماقه أمثال صاحبنا من رجال الدين، أو السياسيين أو المثقفين، التحشيديين.

والدليل على أن الموضوع يتعلق بالفهم العميق هو ازدواج رجل الدين المقصود وأمثاله. فهؤلاء يرفضون تحميل الدين الإسلامي جريرة القتل الوحشي الذي يطال المدنيين العزل، لكنهم لا يقبلون تنزيه المذهب السني من هذه الجرائم، وهذا منتهى الازدواج. بالتأكيد لا يجوز لنا رفض تحميل الإسلام جرائم الإرهاب من جهة، ثم نحمل، من جهة أخرى، هذه الجرائم لمذهب من مذاهبه!

بالمحصلة أقول لفضيلة الشيخ: بأن سنة العراق كما غيرهم من السنة، لا يتحملون مسؤولية هذه الجرائم، كما ترفض أنت وأرفض أنا أن يتم تحميلنا أياً من الجرائم التي ارتكبها الشيعة، على الأقل جرائم المتنفذين منهم، حكاماً وقضاةً وسياسيين ورجال دين مدججين بالأسلحة.

بعبارة أخرى؛ أما أن يكون سنة العراق مسؤولين عن التفجيرات الأخيرة، الأمر الذي يوجب تجريمهم وتجريم الإسلام من خلالهم، وفي النهاية تجريم حتى الشيعة. أو أن نعتبر أن ما يجري هو جريمة منظمة تقوم بها جهات سياسية مدعومة من قبل دول إقليمية، وأنها تلبس لباس الدين لضرورات تمويهية. بالنسبة لي أفضل الخيار الأول وهو أن نجرم الإسلام، ونمنعه من التدخل بأمور الناس خوفاً من جرائمه، فهل يقبل فضيلة الشيخ بهذا الخيار، وهو سياسي مشترك بالعملية السياسية وينتمي لحزب إسلامي؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. شموع الفرات

    من يجرم الاسلام فليس بمسلم ثم كيف نطلب من الدين عدم التدخل بامورالناس؟الدين محورالحياةودستورها الدائم ...الاولى ان نجرم العقول البشريه التي تقوم بتنظيمها جهات سياسيه لها غايات معروفه

  2. شموع الفرات

    من يجرم الاسلام فليس بمسلم ثم كيف نطلب من الدين عدم التدخل بامورالناس؟الدين محورالحياةودستورها الدائم ...الاولى ان نجرم العقول البشريه التي تقوم بتنظيمها جهات سياسيه لها غايات معروفه

  3. كاطع جواد

    الشيء العجيب ان تاريخنا لم يشهد مثل هذه الطائفية الدامية من قبل !! نعم كانت هناك نعرات طائفية تصدر من بعض الجهلة هنا وهناك لكنها لا تصل الى حد القتل والتمثيل بالجثث كما هو حاصل اليوم ، يجب ان تكون لنا وقفة فاحصة و موضوعية لما يحصل اليوم في المجتمع العراق

  4. قاسم عبد اللة

    الحقيقة ان رجال الدين الذين حشروا انفسهم بالسياسة بعد الاحتلال هم عملاء بدرجة امتياز للاجنبي ..،

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram