TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مساعٍ حميدة

مساعٍ حميدة

نشر في: 8 يونيو, 2013: 10:01 م

لا تحتفظ ذاكرة العراقيين سابقا ولا حقا بأية ذكريات طيبة عن "المساعي الحميدة " فمنذ اندلاع الحرب العراقية الايرانية، مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي، علقوا آمالهم على المساعي الحميدة لايقاف الحرب بين البلدين، لكنها أي الآمال ومساعي اعضاء اللجنة، باءت بالفشل الذريع واستمرت الحرب ثماني سنوات، خلفت أعدادا كبيرة من الجرحى والمفقودين فضلا المعاقين، وملايين الارامل والايتام في كلا البلدين.
محنة ثماني سنوات من الحرب جعلت الذاكرة العراقية تنظر الى جهود لجنة المساعي الحميدة على انها نشاط اقتصر على اعداد "العصيدة" بزيارات مكوكية الى ايران وطهران، لم تسفر عن نتائج ايجابية، وبعد انهاء الحرب بقرار من مجلس الامن، تلاشت الحميدة وضاعت العصيدة، فدخلت حرب الخليج الاولى الى التاريخ بوصفها لم تحقق نصرا لطرف على حساب اخر، وظل سؤال البحث عن المنتصر او المندحر، واحدا من الالغاز المجهولة، والملفات السرية المختومة بالشمع الاحمر من قبل اجهزة مخابرات دول كبرى، حرمت الشعب العراقي من الحصول على "العصيدة" بجهود المساعي الحميدة.
الاوضاع السياسية في العراق هذه الايام وبعد ازمة اندلعت بعد انسحاب القوات الاميركية من البلاد، ومازالت مستمرة حتى الان، اصبحت ساحة ملائمة لنشاط اصحاب المساعي الحميدة وفقهم الله، وجهودهم تحتاج الى "قول وفعل" واستجابة حقيقية، من الاطراف المشاركة في الحكومة للتوصل الى اتفاق نهائي لحسم الخلافات، واداء القسم في ما بعد بإعداد "العصيدة" لشعبهم، وانقاذهم من تداعيات تراجع الوضع الأمني، ثم الانتقال الى مجلس النواب لتفعيل دوره في تشريع القوانين المعطلة ومن ابرزها العفو العام، وتعديل النظام الانتخابي، لخلق أرضية صلبة تكون قاعدة لحياة سياسية جديدة في المرحلة المقبلة، خالية من التشنجات والتوجه نحو ارساء وتوطيد الديمقراطية، لكي يقتنع العراقيون بالمواقف الوطنية لقادتهم السياسيين.
الوضع السياسي في العراق اصيب بمرض مزمن، وعدواه انتقلت الى الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وخطورة المرض تتمثل بغياب العلاج الحقيقي، واحباط محاولات التوصل الى اتفاق نهائي، لتصفير المشاكل، وهي كثيرة، وعلى الرغم من ادراك الجميع بان برميل البارود يهدد مستقبل البلاد، لم يعلن اصحاب الشأن، موقفا يعبر عن استجابة واضحة وحقيقية لجهود "المساعي الحميدة"، باستثناء الظهور على شاشات الفضائيات بابتسامات عريضة بحاجة الى اثبات حقيقتها كونها صادرة من القلوب، وليست مصطنعة ومخصصة للكاميرا فقط.
الأيام المقبلة كفيلة بكشف أصحاب الأقنعة، ومجلس النواب في حال اكتمال نصابه، ومزاولة عمله والقيام بدوره التشريعي، سيكشف هو الآخر عن مدى الاستجابة للمساعي الحميدة على الرغم من الانطباع السائد عنها بفشلها حتى في أعداد العصيدة، بطريقة "حميدة" المرأة المعروفة بطبخ "الحديدة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram