في الثلاثين من شهر نيسان الفائت ، توفيت الروائية والباحثة الفرنسية وعضو لجنة تحكيم جائزة فيمينا للكتابة فيفيان فوريستر في باريس عن عمر ناهز السابعة والثمانين .. هذه المرأة التي اشتهرت باناقتها وابتسامتها العريضة تركت بصماتها الواضحة في عالم الادب وا
في الثلاثين من شهر نيسان الفائت ، توفيت الروائية والباحثة الفرنسية وعضو لجنة تحكيم جائزة فيمينا للكتابة فيفيان فوريستر في باريس عن عمر ناهز السابعة والثمانين ..
هذه المرأة التي اشتهرت باناقتها وابتسامتها العريضة تركت بصماتها الواضحة في عالم الادب والنقد من خلال رواياتها وبحوثها التي كان اشهرها كتاب ( الكارثة الاقتصادية ) الحائزعلى جائزة ميديسي للبحوث لعام 1996 ،لما اثاره من ضجة وجدال كبير بعد ان فضحت فوريستر فيه اقتصاد السوق وكانها استقرأت الاحداث وسبقت زمنها في تحليل المخاوف الاقتصادية العالمية ..وقد تمت ترجمة هذا الكتاب الى مختلف اللغات العالمية وبيعت منه اكثر من 4000 نسخة ..
الطريف في الامر ان فيفيان فوريستر لم تكن تتوقع كل ذلك النجاح لكتابها وقالت انها اندهشت مؤكدة على ان النجاح يكون احيانا مصدرا لاساءة فهم الكاتب اذ ان كتابها لايشبهها اطلاقا فهي تفضل الادب على البحوث في مجال الاقتصاد وحبها الكبير للادب قادها الى الكتابة في مجال النقد الادبي حتى تم اختيارها كعضو اساسي في لجنة تحكيم جائزة فيمينا ..
قبل صدور كتابها ( الكارثة الاقتصادية ) ،كتبت فوريستر قصصا خيالية وحملت روايتها الاولى الصادرة في عام 1970عنوان ( هكذا يكون المنفيون ) والتي لفتت اليها الانظارلاستخدامها فيها مايسمى باسلوب (ذاكرة الحرب ) فقد تحدثت فوريستر فيها عن اسمها الحقيقي ( فيفيان دريفوس ) وكيف فرت من معسكرات الموت النازية ..
توالت بعد ذلك رواياتها التي امتازت بسردها الادبي الجميل الذي يشبه الامواج في حركاتها الانتقالية المتتابعة وفق ايقاع ساحر ، ومن اهم تلك الروايات (بقايا ) و( هذا المساء ) و(بعد الحرب ) ..وكان آخر ماصدر لها كتابان تزامنا في صدورهما عام 2011 ، كان الاول عبارة عن مجموعة قصصية حملت عنوان ( الهياج الجليدي ) وكانت الطبيعة هي بطلتها الرئيسية ، اما الكتاب الثاني فحمل عنوان ( شارع ريفولي ) وتدور احداثه مابين عامي 1966 -1972 ، وهو يشبه صحيفة وثائقية استذكرت فيه الكاتبة علاقتها بزوجها جون فوريستر الذي تقاسمت معه ولعه بالفنان التشكيلي فان كوخ ..وقالت فوريستر في الكتاب انها شعرت طوال علاقتها بزوجها انها تعرفه قبل ولادتها لذا بقيت معه حتى نهاية حياته ..
كان اهم ما يشغل الكاتبة الراحلة فوريستر الاخرون اي القراء الذين تمنحهم ابداعها ولذا منحت بكرم بالغ مخطوطاتها الاخيرة الى دار ايميك للنشر ..وتأثرت فوريستر في مسيرتها الادبية بكافكا وبروست وفرجينيا وولف التي كرست لها كتابا تناولت فيه جزءا من سيرة حياتها وحصدت عنه جائزة غونكور للسيرة الادبية لعام 2009..
اشتهرت فوريستر في الشرق الاوسط والعالم بتحليلها قضية احتلال اسرائيل لفلسطين وكيف ساهمت اوروبا في هجرة اليهود بفعل اضطهاد هتلر لهم وتوجيههم باتجاه فلسطين ..وكان كتابها الذي حمل عنوان ( الجريمة الغربية ) والصادر عن دار فايارد للنشر اشبه بوثيقة حية على ان امريكا وكندا واستراليا والارجنتين ودول اخرى كانت بحاجة الى مهاجرين لقلة عدد سكانها وايديها العاملة لكن تلك الدول لم تستقبل اليهود الذين قرر هتلر تهجيرهم اذ اغلب قادة الغرب كانوا يكرهون اليهود ويرفضون استقابلهم وبدلا من حل المسألة سلميا دفعوا هتلر الى استخدام العنف عبر معسكرات التعذيب والمحرقة والغرف الغازية وبدلا من اعترافهم بهذه الجريمة اقدموا على تشجيع جريمة اخرى اسوأ بكثير وهي تشجيع اليهود على غزو البلاد العربية والاستيطان فيها ..وهكذا كفر القادة الغربيون عن جريمتهم بارتكتب جريمة ابشع وهي احتلال فلسطين ..وتتساءل فوريستر في كتابها عن الحق الذي منحه اليهود لانفسهم بالعودة الى بلد يسكنه العرب وكانوا قد طردوا منه على ايدي الرومان منذ اكثر من الفي عام على اعتبار انه وطنهم الاصلي مفصلة الاسباب والوسائل التي رافقت الاحتلال وما آل اليه في النهاية ..
كان كتاب فوريستر قد شكل مفاجاة للاوساط الثقافية والسياسية في فرنسا والشرق الاوسط فالمعروف ان اغلب مفكري الغرب يتأثرون بالدعاية الصهيونية او يسكتون عنها الا ان فوريستر اثبتت لهم انها تحارب الحضارة الغربية التي تؤمن بالمادة لأنها اختزلت الانسان الى مصدر للربح والفائدة فقط ..