TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > أي فصيل من الحزب الحاكم سيظهر قوياً بعد احتجاجات اسطنبول؟

أي فصيل من الحزب الحاكم سيظهر قوياً بعد احتجاجات اسطنبول؟

نشر في: 9 يونيو, 2013: 10:01 م

مع تواصل الاحتجاجات في تركيا، لا يزال رجب طيب اردوغان صلبا. لدى عودته الى اسطنبول في وقت مبكر من يوم الجمعة السابع من حزيران، أعلن أمام حشد من أنصاره بان الاحتجاجات التي خرجت ضد حكمه" غير شرعية و يجب ان تنتهي فورا ". كما أكد قبل يوم من ذلك عزمه على ا

مع تواصل الاحتجاجات في تركيا، لا يزال رجب طيب اردوغان صلبا. لدى عودته الى اسطنبول في وقت مبكر من يوم الجمعة السابع من حزيران، أعلن أمام حشد من أنصاره بان الاحتجاجات التي خرجت ضد حكمه" غير شرعية و يجب ان تنتهي فورا ". كما أكد قبل يوم من ذلك عزمه على المضي قدما في خططه لأقتلاع متنزه جيزي – احدى الساحات الخضراء القليلة المتبقية في اسطنبول – لتحل محلها  ثكنة عثمانية تقليدية ومركز للتسوق. لكن مع انه عازم على اقتلاع المعارضة، فان اعضاء آخرين من حزبه غير واثقين من ذلك . ان حزب (العدالة و التنمية) الحاكم ليس متجانسا بل يمثل ائتلافا متباينا من المسلمين الورعين، و شريحة من الأكراد، و النخبة الاقتصادية، و جماهير الأناضول ، و بعض القوميين الأتراك . كما ان الاختلافات داخل الحزب قد تضخمت في اعقاب الاحتجاجات. من الواضح ان الحزب  لديه جناحان : احدهما يمثله الرئيس  عبدالله غول و الثاني يمثله اردوغان.
منذ صعوده للسلطة في 2002، اضطر الحزب لموازنة أجندته التشريعية بين فصائله لكي يتجنب نبذ مختلف عناصر قاعدته . مع مرور الوقت ، تحول هذا الصراع الى لعبة شد حبل حربية ظاهرية: اكد جناح غول على انتهاج سياسات تتماشى مع مبادئ الديمقراطية المحافظة على غرار الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني .و مثل الحزب الديمقراطي المسيحي ، فقد احتضن غول التعبير المستند الى الإيمان بما يتفق مع التعريف الأميركي للعلمانية. لهذا ، فان تأكيد الحزب في بداية حكمه كان على اتخاذ الخطوات التشريعية اللازمة لفتح محادثات الانضمام الى الاتحاد الاوربي. كانت العملية ستجعل تركيا اكثر ليبرالية مما يسمح لكل ابناء الشعب – بضمنهم الاكثرية الدينية المكبوتة منذ زمن بعيد – بالتعبير عن انفسهم بحرية اكبر . مع ذلك، فبعد توقف هذه العملية بدأ حزب العدالة و التنمية باستخدام  معارضة فرنسا و المانيا لانضمام تركيا للاتحاد الاوربي، من اجل جذب الجناح القومي للحزب. بعد تاكيدهم للاتحاد الاوربي على الحاجة الى تعميق الديمقراطية التركية في بداية سنوات 2000 ، فان المسؤولين في انقرة يدّعون اليوم ان اوربا هي التي تحتاج تركيا لعلاج اقتصادها المتداعي .
منذ الانتخابات العامة في 2011 ، عندما فاز حزب العدالة و التنمية بما يقارب 50 بالمئة من الاصوات ، ابتعد جناح اردوغان عن الخطاب الديمقراطي الاصلاحي الذي كان يلهج به في السنوات الاولى . اليوم يعتمد الحزب اكثر على  لغة دينية لتبرير سياساته . هذا التغيير في الخطاب تزامن مع  التركيز على مشاريع الاشغال العامة الضخمة – التي تكلف 400 مليار دولار – و التي اصبحت مع الاقتصاد محورا للتراسل السياسي للحزب .
الخطاب الصارخ لأردوغان وميله لتأكيد الماضي العثماني المتكلف لتركيا يتردد صداها مع الجناح القومي لحزب العدالة و التنمية. مؤخرا يشعر رئيس الوزراء بضرورة موازنة الحياة الخاصة للمواطنين: نصح الاتراك بتحديد عدد الاطفال المطلوب ونوع الخبز الذي يجب ان يتناولوه. و مؤخرا تحدّث باستخفاف ضد الذين يحتسون الكحول و فرض قيودا جديدة على شراء وبيع المشروبات الروحية.  
من المعتقد ان جناح غول اقرب الى فتح الله غولن – رجل الدين القوي في حزب العدالة و التنمية، الذي يعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة . ردد غولن لهجة غول الأكثر اعتدالا خلال الاحتجاجات، مطالبا اردوغان  ان يأخذ مطالب المتظاهرين على محمل الجد . ان تحالف غول – غولن يمثل كتلة  قوية لمعارضة اردوغان، خاصة مع استمرار رئيس الوزراء بدفع حزبه لتمرير دستور جديد قد يمهد الطريق لسباق بين اردوغان وغول.
بسبب القواعد الداخلية لحزبه، فلن يتمكن اردوغان من التنافس لولاية اخرى كرئيس للوزراء عند انتهاء ولايته الحالية التي تنتهي في 2015، مما أثار تكهنات واسعة حول مستقبله السياسي . لقد أثبت رئيس الوزراء حرصه على تعديل الدستور التركي من اجل خلق رئاسة قوية ، و تحويلها من منصب شرفي كما هي عليه اليوم . في كل الاحتمالات سيتولى اردوغان الرئاسة الا ان نطاق صلاحياته لازالت موضع  جدال . مع هذا فقد واجه مقترح اردوغان الدستوري مقاومة شديدة في البرلمان – حتى من اعضاء في حزبه . في حين  يسيطر اردوغان على قائمة الحزب و ممارسة نفوذ كبير على حزب العدالة و التنمية ، فيبدو انه قد بالغ . و مع استمرار التدافع وراء الكواليس فان الجائزة الحقيقية  لأردوغان و غول هي من الذي سيسيطر على قائمة الحزب بعد 2014 .
لقد تفاقمت الخلافات السياسية داخل حزب العدالة و التنمية بعد تطهير اكثر اعضاء البرلمان الليبراليين من الحزب عام 2011 ، المعروفين بدعمهم لغول ، و اتخاذ قرار هادف لعزل الكتلة البرلمانية داخل الحزب . سيطر اردوغان على قائمة الحزب ، مما منحه تاثيرا كبيرا على نواب حزب العدالة و التنمية. نتيجة لذلك ، بدأ الحزب بعد انتخابات 2011 باستيعاب مسحة اكثر وطنية .
هذه الانشقاقات داخل الحزب لا تعتبر غير  منطقية. لقد اصطدم خطاب اردوغان الصارخ بجناح غول ، و اذا ما استمرت الاحتجاجات فانه يخاطر بالمزيد من استقطاب حزب العدالة و التنمية . بينما قام اردوغان بتطهير اغلب المعارضة داخل الحزب ، فانه لم يتمكن من اقناعه بالاجماع على دعم طموحاته الرئاسية . لذا فان اردوغان يواجه اكبر تحدي في مستقبله السياسي . بالاضافة الى الاحتجاجات ، فان على رئيس الوزراء مواجهة المكونات المختلفة في حزبه في وقت يحتاج فيه الى دعمها بالإجماع. حاليا اختار تغيير سياسته الى اليمين القومي – رغم ان هذا النهج سيزيد من تعقيد ما يرسمه للرئاسة .
 عن : فورن بوليسي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

ترامب: تركيا استولت على سوريا بطريقة "غير ودية"

بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال خلال زيارتي العراق

صحيفة عبرية: نتنياهو لا يريد انهاء الحرب في غزة لاستمرار نظامه الديكتاتوري

مقتل زعيم "داعش" بضربة أميركية في سوريا

الحوثي يعلن الحرب على إسرائيل ويهدد "بن غوريون"

مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان يدين وحشية غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي

بابا الفاتيكان يدين وحشية غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي

متابعة المدىدان البابا فرنسيس مرة أخرى، امس الاحد «قسوة» الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، بعدما قام بذلك السبت، مثيراً احتجاج إسرائيل، التي اتهمته بـ«ازدواجية المعايير». ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الحبر الأعظم بعد صلاة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram