ما أن اتفقت موسكو وواشنطن على عقد مؤتمر جنيف الثاني، للخروج من الأزمة السورية بأقل الخسائر، حتّى بدأت التفسيرات المتباينة للغاية من انعقاده ومن يشارك فيه، واليوم تحذر الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها، من أن الموقف الروسي قد يخرب المساعي الدولية لعقد المؤتمر، يعلن ذلك وهو يعترف بأن الأميركيين تأخروا في إيجاد حل للأزمة، وهو إذ يعتبر أن الرئيس الأسد يحمي نفسه ومصالح نظامه، بطلبه المساعدة من إيران وحزب الله، فإنه يرى أن الأخطر هو امتلاك دمشق لصواريخ إس 300 ، ما يعني تغيير ميزان القوى مع إسرائيل، كما يرى أن مواصلة العمليات العسكرية في القصير ومحاصرة المدنيين، يمكن أن يخرب أيّ جهد، يصب في صالح عقد المؤتمر ونجاحه.
بالمقابل فان موسكو تعتبر انتصار الأسد في القصير، ورقة ضغط لإجبار معارضيه على حضور جنيف، مثلما ترى أن تزويده بمنظومة صاروخية متطورة، سيحد من أي إمكانية لهجوم غربي ضده، وهي تصر على مشاركة ايران في أعمال المؤتمر، في حين تمتنع واشنطن عن تقديم مساعدات للثوار السوريين، تشمل الأسلحة أو الدعم اللوجستي، مثل الإنذار المبكر عن تحركات قوات الأسد أو حزب الله، بسبب شكوككهم المستمرة حول قدرة الجيش الحر على السيطرة على عناصره، واتهامهم لجبهة النصرة بالإرهاب، في حين يحاول كيري التوصل إلى تسوية مع كثير من الأطراف، وهو ما عرضه لانتقادات من حلفاء لأميركا، أما الأوروبيون فرفعوا الحظر نظرياً، لكن البريطانيين والفرنسيين، وهم من كان منتظراً منهم المسارعة لتسليح الثوار، أجّلوا التنفيذ إلى إشعار آخر
ترفض المعارضة حتى اليوم الذهاب إلى جنيف، تحت ضغط تراجعها في ساحات القتال، وتمنّي النفس بقرار أميركي بالتدخل، وفرض منطقة حظر جوي، على غرار ما حدث في ليبيا خلال الثورة على القذافي، أي قصف الدفاعات الجوية، ومنع طيران أطلسي أو أميركي الطائرات التابعة للنظام من التحليق، لكن متخصصين من الداعمين للجيش الحر، يقرون بأنه حتى الدفاعات الجوية، وبطاريات باتريوت التابعة للأطلسي على الحدود التركية، لا تعمل على منع طائرات النظام السوري من التحليق، وأن الأميركيين يحتاجون لفرض منطقة حظر جوي في سوريا، للقيام بعملية عسكرية جوية كبيرة، وليس هناك أي مؤشر على سعيهم للحصول على الدعم الدولي، أو على المشاركة الأوروبية المطلوبة.
وبعد، لن تذهب المعارضة إلى جنيف، دون تحقيق الصمود في مواقعها على الأقل، وبديهي أن ذلك لن يتم دون توفير دعم تسليحي لقواتها، فيما ترفض واشنطن والدول الغربية مدّها بأسباب ذلك، وتواصل قوات الأسد تقدمها، مدعومة بترسانة الأسلحة الروسية والإيرانية، والدعم البشري بمقاتلين من حزب الله، ويعني ذلك أن جنيف إن تم عقده سيكون حواراً للنظام السوري مع نفسه، أو مع المعارضة الموالية كما يسميها أنصاره، وبرعاية أميركية روسية، وبغض النظر عن النتائج التي يمكن أن يتمخض عنها، فإن المعارك ستستمر في سوريا، وإن بوتائر أقل، نتيجة انحسار الدعم للثوار المصممين على تحقيق أهدافهم.
سيعم الخراب، وستنشأ إمارات إسلاموية وغير إسلاموية، فأمراء الحرب جاهزون لقطف الثمرة، والجغرافيا السورية مفتوحة على منافذ تمنحهم إمكانات الاستمرار، والنظام سيخرج من جنيف منتصراً، لكنه سيكون ضعيفاً، إلى حد لايسمح له بالسيطرة على مجريات الأمور.
من يعرقل جنيف 2
[post-views]
نشر في: 10 يونيو, 2013: 10:01 م