TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من "متاهة" مها الدوري.. الى "نصرة" أثيل النجيفي

من "متاهة" مها الدوري.. الى "نصرة" أثيل النجيفي

نشر في: 11 يونيو, 2013: 10:01 م

كم "ممثلا ثقيل الظل" فقدتهم الساحة الفنية ليتحولوا إلى سياسيين ونواب ومسؤولين كبار.. كم من الكومبارس تحولوا إلى نجوم فضائيات يصولون ويجولون باسم الطائفة والمظلومية؟
يكتب لورنس أولفيه في مذكراته "الممثل الفاشل عادة ما ينتقم من جمهور رفض مشاهدته على خشبة المسرح". ويحدثنا التاريخ عن الرسام المغمور "هتلر" الذي أراد ان ينتقم من لجنة التحكيم لأنها رفضت منحه جائزة.. فقرر ان يحرق ألمانيا بأكملها  ، وان يعيد تشكيل مصير وشكل العالم حسب مزاجه الفني.. والنتيجة كانت اكثر من 80 مليون ضحايا حروب "الفورهر".
كم نائبا يمكن ان يحرق البلاد بسبب أوهام يعتقد أنها حقائق ،  كم سياسيا يريد ترويض الناس بجمل وشعارات عن الدين ومخافة الخالق. كم انتهازيا يشن كل يوم هجوما على أدمغة الناس باسم هيبة "الاسلام"؟
لقد كنا نضحك على الحملة الإيمانية التي قرر الحاج خير الله طلفاح ان يطبقها على العراقيين، لكننا اليوم نبكي على حالنا ونحن نحاصر بأكثر من "قائد للجمع المؤمن".
كم زمنا سنعيش تحت حكم المعقدين نفسيا والمصرين على ان نعيش معهم دهورا من الجهل والتخلف؟ إلى متى سنتحمل سياسيي الصدفة وهلوساتهم ؟ هل يمكن ان نصدق ان نواباً جاءوا باسم الدفاع عن المظلومين والمحرومين، نجدهم اليوم يحاولون إقناعنا ان المشكلة في البلاد ليست في الأمن المفقود، ولا في غياب الخدمات وانتهاك سلطة القضاء وقتل الناس على الهوية..  وانما مع الغزو الصهيوني الذي يصر على ان يحرم العراقيين من نعمة الكهرباء. ولهذا فان  مناقشة أصول النجمة السداسية  ، أهم وأنفع للناس من مناقشة الخراب الذي يحيط بنا من كل جانب!
كم عمرا سنضيع مع فرقعات إعلامية تريد منا ان نحرف الحقائق ،  ونوهم البسطاء بأن معركتهم ليست مع الفقر والاضطهاد والاستبداد وغياب العدالة الاجتماعية، وإنما مع الماسونية التي كانت السبب في هدر ملايين الدولارات على مشاريع وهمية، وتسببت في ازدياد معدلات البطالة وغياب الأمن والأمان؟
كم صدمة ستتحملها قدراتنا ، ونحن نجد نائبة مثل السيدة مها الدوري تصرخ لأن العملة العراقية عليها "لفظ الجلالة" لتطالب العراقيين بالوضوء قبل لمس هذه النقود؟! وأعتقد ان العراقيين سيتوضؤون في اليوم خمسين مرة من اجل الحصول على ما يعينهم في هذه الحياة، وعندهم استعداد لان يغسلوا أيديهم كل ثانية بشرط الحصول على عمل يبعد عنهم شبح العوز والفقر.
كم سنحتمل من استعراضات نوابنا "الأشاوس" الذين يريدون منا ان نتربى في مزارعهم، وان نرفع شعار السمع والطاعة؟ كم مرة سنتحمل نائبة تريد منا ان نلغي كل إمكانية التفكير والبحث، من خلال استدرار عواطف البسطاء واستغفالهم؟!
سيقول البعض ان استعراضات السيدة مها الدوري لم تصل الى ما قدمه أثيل النجيفي من مشهد تراجيدي أراد به ان يوهم الناس بأنه ليس محافظا للموصل  ، وإنما إمام للرعية وله عليهم: " حقي المشورة والنصرة، وها نحن اليوم نلزمكم بواجب فرضه الله عليكم  ، ونصرة ممثليكم بأصواتكم فإنما قوتنا نابعة من قوة صوتكم وهي قوة لكم"!
حتما سنضحك على هذه الاستعراضات، ربما أقل من الاستعراض الذي قدمه لنا الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي الذي تجول بصحبة عشرين سيارة مصفحة وأرتال من الحمايات في عدد من شوارع بغداد ،  ليكتشف كذبة أهالي العاصمة عن وجود مليشيات وسيطرات وهمية.. فقد تبين بعد الجولة الميمونة ان المسلسلات التركية أثرت على عقول العراقيين وجعلتهم يتوهمون ان هناك اشباحا وعصابات تخطف الناس، بينما الواقع يقول إننا نعيش ازهى عصور الاستقرار الأمني، والدليل ان الرجل تجول بين المواطنين و" قالولو " أنه لا وجود لذلك الوهم.
والآن تخيلوا معي ان مواطنا بسيطا سمع ما قالته النائبة الدوري حول عبث الصهاينة بمقدساته الدينية، فما ذا سيحدث؟ ولماذا نتخيل اصلا، والسيدة النائبة ظلت طيلة أشهر تصول وتجول في الفضائيات  ، تحذر من الإمبريالية بجمل وشعارات عن مظلومية الشيعة والمؤامرة التي تحاك ضدهم، دون ان تقول لنا ان المؤامرة التي يتعرض لها العراقيون سنة وشيعة  ، هي بسبب وجود نواب وسياسيين يصرون على ان يحولوا الأوهام الى حقائق، ويحرفون الوقائع من اجل خدمة مصالحهم الشخصية.
كل يوم نسمع خطبا وفتاوى لا نعيرها أهمية لأن تأثير أصحابها محدود.. أما النائبة مها الدوري فإنها تنتمي إلى تيار سياسي حصل على الكثير من مقاعد البرلمان وله سلطة في العديد من المحافظات العراقية.. وبالتالي فان احاديثها سيؤيدها بالتأكيد انصار التيار الذي تنتمي إليه..
انهم يريدون لنا "المتاهة" فى لحظة يحلم فيها الناس بدولة حقيقة... دولة مواطنين، لا دولة تبحث عن اسرار النجمة السداسية ووضوء "الدينار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابواحمدالعراقي

    السلام عليكم الاستاذ علي هل تعلم ان الكارثة وصلت الى اسئلةالبكالوريا التي تباع قبل الامتحان بيوم السادس الاعدادي والثالث المتوسط يا بلاش بخمسة وعشرين الف للنسخة

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram