سلاح التهديد بالأغلبية السياسية لتخويف الخصم السياسي، يظل ذا حدين مثل أي سلاح: من لا يجيد استعماله يرتد عليه وقد يجني على نفسه كما جنت براقش. أكثر المنادين برفع هذا السلاح هم أعضاء ائتلاف دولة القانون وأتباعهم، خاصة المقربين إلى المالكي.
لم أسمع أيا منهم ربط بين تهديده بالأغلبية وما يعانيه الشعب من خوف وبطالة ونقص في الخدمات وتضييق على الحريات العامة والشخصية. هدفهم رغم انهم لم يفصحوا عنه، ربما من باب التقية، ان يستفردوا بالسلطة ويضمنوا للمالكي ولهم ولايات متعددة قد لا تنتهي إلا بأمر من الله عز وجل. يهددون الخصوم بها وكأنهم لا يعلمون بانهم أول من خاف منها وسعى إلى إنهائها، لدى المحكمة الاتحادية. تذكروا حالة الهلع التي أصابت دولة القانون يوم فازت القائمة العراقية بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. نجح "القانون" بمهارة، في حفر حفرة أوقع بها العراقية فانتشى عازفوه وازدادوا غرورا. والغرور قد ينفع في بعض المواقف إلا في السياسة فانه حماقة ما من بعدها حماقة.
في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، وفي الجنوبية بالذات، حصل ائتلاف "القانون" على اعلى عدد من المقاعد فطبل وهلل بأنه هو وحده من يحق له إدارة تلك المحافظات لأنه الفائز الأكبر. لقد أنساه الغرور، الذي بسببه طرد الله إبليس من الجنة، حفرته التي حفرها للعراقية، ولم يفق من غروره إلا بعد أن وقع فيها. وألف رحمة على روح تلك التي أرضعت حليبها الطاهر لمن قال: من حفر بئرا لأخيه وقع فيها.
لست شامتا، والله، بل اني فرح متفائل بتحقق حلم التعددية السياسية والحزبية بالعراق من خلال فطنة الكتل التي فازت بالانتخابات المحلية وتحالفها بذكاء سياسي وحس ديمقراطي سليم لغلق الطريق بوجه الحالمين بعودة الدكتاتورية تحت غطاء "فيكة" الأغلبية.
اليوم نسمع المالكي يطالب بتغيير النظام الانتخابي الحالي لأنه "لا يكوّن الأغلبية السياسية" حسب قوله. لا يا حاج، لم يكن العيب في النظام الانتخابي إذ انه انتج بوضوح أغلبية سياسية لكنك قتلتها لأنها صارت بيد العراقية لا بيدك. فلو لم تتعجل لما ضاعت من يدك ويدنا جميعا فرصة ان تكون لدينا أغلبية سياسية حاكمة وأخرى أقلية معارضة.
ليتك تفتش عن العيب في مكان آخر غير النظام الانتخابي، فقد تجد ان الأرض ليست عوجاء وان العنب ليس حامضا.
الخوف من الأغلبية!
[post-views]
نشر في: 11 يونيو, 2013: 10:01 م