يستحق السيد هاشمي رفسنجاني الإشفاق، إن كان فعلاً يؤمن بأن النظام الحاكم في بلده، يمكن ان يسمح له بالوصول إلى موقع، يؤهله لوضع حد للخلافات والأحقاد الطائفية، بين السنة والشيعة، كبعد أساسي للسياسة التي كان سيتبناها لو تم اختياره رئيساً للجمهورية.
ولعلّ هذا التوجه تحديداً، هو ما دفع لاستبعاده من السباق، فسياسات النظام ترتكز وتعتاش على تعميق الهوّة بين السنة والشيعة، ليتمكن ولي الفقيه من الزعم بأنه يحمي الطائفة الشيعية، معتبراً أن قم باتت مرجعاً وكعبةً لكل شيعي في العالم، وإذا لم يكن رفسنجاني على علم ودراية بهذا، فإن عليه اليوم إعادة النظر في مواقفه، على هدى مجموعة من الأحداث الدالة على السياسات الرسمية لطهران، ومنها الإيعاز لحزب الله بالانخراط في معارك سوريا، على أسس طائفية لن تتوقف عند غزوه لبلدة القصير، وستكون مفاعيل هذا التدخل كارثية، إذ تؤكد انطلاق مارد الصراع الطائفي من القمقم، حتى أن دولاً لم تعرف الطائفية، باتت تتحدث بوضوح مقيت، عن الفروق المذهبية بين السنة والشيعة.
حين تتبنى إيران مطالب المحتجين في البحرين، عازفة على وتر مظلوميتهم، فانها تواصل تبنّي سياسات نظام الشاه البائد، الذي كان يعتبر البحرين جزيرة مغتصبة من بلاد فارس، فجاء الثائرون عليه لمواصلة هذه السياسات بعد إلباسها ثوب الطائفية، وهم حين يواصلون احتلال ثلاث جزر عربية، ويرفضون التحكيم الدولي، فانهم يؤكدون استمرارية النظام الذي احتلها، على أسس مصلحية بالدرجة الأولى، منتهزاً لحظة تاريخية ساد فيها الفراغ منطقة الخليج، فإذا كانت هذه محددات السياسة الإيرانية، فإنه يبدو مستغرباً، أن يدعم رفسنجاني اليوم المترشح روحاني، الذي ينتقد بشدة السياسة الداخلية والخارجية لطهران، وهو يعرف أنها سياسات ما كان لها أن تدخل حيز التنفيذ لو لم تكن مرضياً عنها من المرشد، أو لم تكن بتوجيهاته المباشرة.
محاولة رفسنجاني الترشح بقدر ما فاجأت الدوائر الفاعلة في محيط الولي الفقيه، أثارت حماس الشارع المتطلع للتغيير، وخطوته غير المكتملة استتبعت استقطاباً للقوى السياسية، حيث أجمعت على تأييده كل قوى المعارضة للنظام من أساسه، وتلك التي ترفض من داخله هيمنة شخص واحد على كل المقادير، دون أن يكون لأحد حق مناقشته، أو الاعتراض على أي من قراراته، لكن الواضح أنه لم يحسب أن يكون رد النظام انقلابياً، وقبل الانتخابات وليس بعدها، كما حصل سابقاً، وإذا كنا نعرف أن الرجل ليس ساذجاً، وأنه من عظام رقبة النظام، فإن المتوقع في هذا الحال، أن يكون فكر بتغيير ما في السياسات، أوصله إلى نتيجة معروفة سلفاً، وهي منعه حتّى من محاولة الوصول إلى أي موقع، يكون فيه صاحب قرار.
اليوم لم تعد مؤسسة الكهنوت الإيرانية، تسمح بأي هامش ديمقراطي، وهي تنسق في ذلك مع البازار، مدركةً أن النظام على مدى تاريخه، لم يكن منقسماً كما هو الحال الآن، ولعل الدليل الأوضح، هو منع ترشح شخص كان رئيسا لفترتين، وهو من اختار خامنئي ليكون المرشد وولي الفقيه، ويبدو أن تلك المؤسسة، ليست معنية بأثر انضمام رفسنجاني إلى صفوف المعارضين، وهو ما بدأت بوادره بانتقاده اللعبة السياسية في البلاد، ووصفها بأنها تستغل المشاعر الدينية، من خلال التشدق بالخرافات، وهي مؤسسة تعتاش على إبراز الخلافات مع السنة، لتبرّر سطوتها على الشيعة، تحقيقاً لمصالحها وليس مصالحهم.
والمؤكد اليوم أن مشاركة الإصلاحيين في الانتخابات ستلحق ضرراً كبيراً بهم، لأنها انتخابات مدروسة وتم إعداد نتائجها من قبل، فمشاركة الإصلاحيين يجب ألا تكون هدية للحاكمين، الذين يريدون فقط تسخين الانتخابات بينهم، وقد حددوا النتيجة مسبقاً.
مسكين رفسنجاني
[post-views]
نشر في: 11 يونيو, 2013: 10:01 م