يجول اليخاندرو خودورفسكي في مدينة "كان" كأنه بطلٌ منتصر. كانت لديه غرفة في "الكرواسيت" وفيلم في "أسبوعي المخرجين". يوضح المخرج:" إني مثل المطر أذهب إلى المكان الذي يحتاجونني فيه". " إذا ما كنت في بيت كبير مع السجادة الحمراء والمصورين الفوتوغراف
يجول اليخاندرو خودورفسكي في مدينة "كان" كأنه بطلٌ منتصر. كانت لديه غرفة في "الكرواسيت" وفيلم في "أسبوعي المخرجين". يوضح المخرج:" إني مثل المطر أذهب إلى المكان الذي يحتاجونني فيه". " إذا ما كنت في بيت كبير مع السجادة الحمراء والمصورين الفوتوغرافيين وكل النساء المزخرفات فإني سأكون خجولاً". لقد كانت لديه دائما طريقة أسعد حين يكون على الحافات. بلغ "خودوروفسكي" الرابعة والثمانين في عيد ميلاده الأخير. شعره أبيض، و عيناه مشعتان وله ابتسامة التمساح. مرّ الآن عقدان منذ أن هزّ المقدس في فيلم "الخلد El Topo" وهو قتال بالبنادق غامض بالأسود المقدس، ومرت 23 سنة منذ أن جلس خلف كاميرا سينمائية.
فيلم خودورفسكي الأخير "رقصة الواقع La danza de la realidad " فهو يبدو للوهلة الأولى وكأنه ينطوي على ذكريات واقعية سحرية وافرة من طفولة المخرج الخاصة المفعمة بالأغوانات ومهرجي السيرك والمعاقين. وهو يصور أغلب الأحداث في بلدته "توكوبيا" وهي قرية تشيلية فقيرة وجد أنها بالكاد تغيرت خلال العقود المتداخلة. بحيلة جيلية أنيقة يقوم "برونتس" أبن المخرج الأكبر بدور أب "خورودوفسكي" الستاليني القاسي.
والأمر برمته جرى تبنيه بروح الشفاء. يستذكر قائلا:" كان أبي وحشا. قطعت علاقتي بعائلتي حين كنت في الثالثة والعشرين ولم أرهم مرة أخرى. نعم كان أمراً فظيعاً فعلته. لكن ما أفعله هنا هو استدعاؤهم وإعطاؤهم ما لم يمنحوه من قبل أبداً. لم يكن لدى أبي إي إنسانية. لكن أنظر في هذا الفيلم، لقد جعلته إنسانا".
حين كان صبياً كان يجري اضطهاده كونه يهودياً ومولعاً بالكتب. كان اختياره الوحيد أن يكون طياراً. درس في باريس فن البانتوميم مع مارسيل مارسو وأخرج "موريس شوفاليه" في قاعة الموسيقى. وأغضب السلطات في المكسيك بجماعته المسرحية الطليعية. ويقول مندهشاً:" في المكسيك أرادوا قتلي. حمل أحد الجنود بندقية ووضعها في صدري".
في بواكير السبعينات كان نجماً للثقافة الأمريكية المضادة. "الخُلد" فيلم وسترن مسعور جذب اهتماما حماسيا من جون لينون وكان "لينون" هو الذي ساعد في تأمين الاعتماد المالي لفيلم "الجبل المقدس The Holy Mountain" عام 1973 والذي فيه كان فاتح المكسيك أعيد تمثيله بالحرباء وهو يرتدي مثل الأزتيك والعلاجيم التي تلعب دور الفاتحين. وأثبت فيلم "الجبل المقدس" بأنه غني جداً ومختمر جداً ومنذ ذلك الحين أصبحت صنعة خورودفسكي شأناً متقطعاً بشكل مغيظ. وهنا في "كان" تم عرض فيلم وثائقي عن صناعة ( فيلم "كثبان Dune" لخودوروفسكي) وفيه خطط لمحاولات لا منتهية معذبة لنسج فيلم من كتاب فنتازي لفرانك هربرت. وأخيراً أخرج الفيلم ديفد لينش إذ أن العديد أفكاره البصرية ترشح من خلال فيلم "الغرباء" لريدلي سكوت. وبدوره ترك خودوروفسكي إخراج الفيلم.
يزعم خورودفسكي بأنه غير منزعج تماماً. إن الساعة المتكتكة لا تعني شيئا بالنسبة له. يقول:" أي واحد يفكر بأني سأكبر وأموت هي مشكلة كبيرة. يقول تارانتينو بأنه سوف يتوقف حين يصبح مسناً لأن الأفلام للناس الشباب لا أؤمن بذلك. سوف أعيش 120 سنة".
يقول إنه يستطيع دائماً على جعل ذاته مشغولة. في بيته بباريس يكتب الكتب الهزلية ويقرأ أوراق التاروت ويلقي المحاضرات المجانية عن نظرية " السحر النفسي" التي أدهشتني لأن خودورفسكي يمزج العلاج النفسي وطقوس الشامان. يقول:" هناك الكثير من السحر النفسي في الفيلم! ابني يؤدي دور الأب. سحر نفسي! الصبي في الفيلم خائف من الليل تماماً كما أنا. لذا فهو يرسم نفسه أسود. سحر نفسي! لم يعد يخاف من الظلام". يضحك. "الناس يقولون بأني مجنون. أنا لست مجنوناً. أحاول أن أعالج روحي".
من وقت لآخر ينط خودوروفسكي في فيلم "رقصة الواقع" بنفسه. وهي يؤدي دور الملاك الحكيم ذي اللحية البيضاء ويحمل وجهه تكشيرة التمساح ويهز الطفل بذراعيه كالمهد. إذا ما يعود حقاً فماذا سيقول لذاته الشابة المضطهدة؟ يقول:" لكن هذا ما فعلته في الفيلم". وكأنه ضيع بعض الأهداف الحاسمة. يضيف:" أقول: استمع لا تعان ِ. أنا هنا. إنك لست وحدك لأنك معي". "شعرت بأني وحيد جداً حين كنت صبياً لأن لا أحد يريد الصداقة معه" لكني قلت:" أنا معك واستمع فقط إلى ما تفعله. ستكون فناناً سوف ترحل. ستكون سعيداً".