TOP

جريدة المدى > سينما > سينما الخليج، بين قبول التغيير وتقبُّل الآخر

سينما الخليج، بين قبول التغيير وتقبُّل الآخر

نشر في: 12 يونيو, 2013: 10:01 م

في ندوة (السينما في الكويت، الواقع والتحديات) بمقر جمعية الصحافيين الكويتيين قال السيد عماد النويري: "إذا كان تاريخ السينما قد تجاوز مائة عام، فإنه وخلال أكثر من قرن من الزمان لم تنتج دول الخليج مجتمعة أكثر من خمسة أفلام روائية من مجموع أكثر من 4000

في ندوة (السينما في الكويت، الواقع والتحديات) بمقر جمعية الصحافيين الكويتيين قال السيد عماد النويري: "إذا كان تاريخ السينما قد تجاوز مائة عام، فإنه وخلال أكثر من قرن من الزمان لم تنتج دول الخليج مجتمعة أكثر من خمسة أفلام روائية من مجموع أكثر من 4000 فيلم عربي تم إنتاجها خلال تلك الفترة." بالطبع كل هذه الأفلام تقريباً مصرية الإنتاج، وفي شريحة أقل بكثير يشاركها الإنتاج الشامي والمغربي (نعني سوريا ولبنان والمغرب العربي). على أن السيد/ عماد النويري قد أنجز جهداً مشكوراً في إخراج تقارير كتاب مجلة الكويت المعنون (أضواء على السينما في دول مجلس التعاون الخليجي)، وهو كتاب تذكاري وليس مناقشة تحليلية، ولابد من الابتداء عند الحديث عن السينما في الكويت بذكر المخرج الكويتي خالد الصديق في تجاربه المتقدمة مثل فيلم (عرس الزين) وفيلم آخر هو (بس يا بحر)، وعن هذه السينما نلخص المعلومات التي قدمها عبد الستار ناجي في ندوة مهرجان دمشق السينمائي الأول والتي ينسب فيها الفضل الرئيسي في تأسيس السينما الروائية الكويتية للفنان خالد الصديق وفيلمه الاول(بس يا بحر) والذي جاء بعد عدة أعمال قصيرة كالعادة. ثم كان لتلفزيون الكويت ومراقبة السينما بالذات اليد الطولى في دعم الحركة السينمائية الوليدة في الكويت، إذ قدما الفرصة أمام طائفة ضخمة من المواهب الناضجة التي كان لديها ما تقوله، فجاءت تجارب السنعوسي وخالد الصديق وعبد الوهاب سلطان وعبد الله المحيلان التي تميزت أعماله برغبة صادقة في تقديم فن محترف. جدير بالذكر أن خالد الصديق درس السينما في الولايات المتحدة وعاشر العديد من السينمائيين العالميين مما شجعه على الاستمرار، فلم تكن دراسته معلقة في الفراغ، وذلك حين قدم فيلمه الروائي الثاني (عرس الزين) المأخوذ عن رواية الأديب السوداني (الطيب صالح). وقد نوّه (عبد الستار ناجي) في ندوة مهرجان دمشق السينمائي الأول حول ملاحظة تخص نقطة ارتكاز أساسية في التعامل مع الحرفة السينمائية، ألا وهي عدم وجود الوعي الجماهيري لأهمية وجود سينما كويتية تناقش قضايا وهموم الإنسان الكويتي والعربي، مما يؤدي إلى حالة من عدم الثقة؛ فيضطر رأس المال الكويتي إلى الانسحاب وعدم خوض التجربة الإنتاجية في السينما.
وعلى الجانب الآخر، عدم وجود النضج الفكري بالنسبة لبعض السينمائيين، إلا القليل، ولهذا تأتي بعض التجارب مشوشة، مبتسرة، أو خالية من أية أبعاد وتطلعات فكرية تقدمية. على أننا لا يمكننا إنكار الاجتهادات الفردية المتحمسة، ومنها تصوير المخرج الكويتي هاشم محمد فيلمه الروائي الكويتي الثاني (الصمت) الذي كتب قصته عبد الرحمن الضويحي وقام ببطولته مجموعة من نجوم المسرح ويحكي عن كويت الأربعينات. وغير هاشم محمد لابد من ذكر طائفة تثير التفاؤل من المخرجين الكويتيين في السينما أشهرهم: توفيق الأمير، خالد الصديق، عبد المحسن الخلفان، إبراهيم أشكناني، محمد الخراز، د. نجم عبد الكريم، عبد الله المحيلان، محمد ناصر السنعوسي. ولكن كما قال مخرج برنامج (عالم السينما) في التلفزيون الكويتي (حسن العبيسي): لا يكفي وجود بعض الفنانين المتخصصين لخلق صناعة سينمائية، فالمسألة تحتاج لفترة من الاختبار لكي توجد لدى الممول قناعة بضرورة سينما في الكويت.
ويعتبر العام 1946 هو العام الذي بدأ فيه التاريخ صناعة السينما بالكويت وبدأ بفيلم تسجيلي يصور الشيخ أحمد الجابر الصباح رحمه الله أمير الكويت وهو يفتتح حمام مضخة النفط التي تضخ أول دفعة من البترول الكويتي للخارج في شريط تسجيلي بعنوان (النفط في الكويت)، تلاه فيلم آخر عام 1950 عن نفس الموضوع لكنه أضاف إليه البعض من تفصيلات مظاهر الحياة في الكويت بعد أربع سنوات من الاستغلال الجيد لتجارة البترول. وفي العام نفسه أنشأت وزارة التربية قسم السينما والتصوير وراح ينتج الأشرطة التعليمية والوثائقية مثل شرائط الوعي الصحي واستخدام المرافق العامة وشرائط عن التعليم في الكويت. بعد ذلك بثلاثة أعوام بدأت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في إنتاج الأشرطة السينمائية وتفرغت وزارة التربية للإشراف على المسرح والفنون الشعبية وتطورت مواضيع الأفلام التسجيلية إلى الغوص لصيد اللؤلؤ وتقاليد الزواج وإخراج الجريدة المصورة وإنشاء أستوديو كامل التجهيز والمعدات، في حدود الإمكانيات المتاحة وقتها طبعاً، وانتقلت مسؤولية الإنتاج السينمائي عام 1961 إلى وزارة الإرشاد والأنباء (وزارة الإعلام).
ولم ينتج أول فيلم درامي إلا عام 1965 وكان بعنوان (العاصفة) وشاركت به الكويت في مهرجان التلفزيون العربي الرابع بالإسكندرية عام 1965. تزامن هذا مع دخول الفيلم المصري مرحلة ما بعد ثورة يوليو (1952- 1965) وبروز ما عرف بالمدرسة الواقعية على يد صلاح أبو سيف وطائفة من الأفلام الوطنية التي تُمجِّد الثورة وأغلبها مباشر ودعائي، والمميز في هذه المرحلة من الفيلم المصري هو إتباع طريقة اختيار الموضوع أولا ثم كتابة القصة كما كان يحدث في الأفلام الواقعية الإيطالية بعد الابتعاد عن أفلام الحب الأرستقراطي والخيانة الزوجية والقصور، وعندما تحرر السوق من بيروقراطية القطاع العام وارتفعت أسعار الأفلام المصرية في دول الخليج والسعودية انتعش إنتاج الأفلام ومتابعتها بشكل جيد هناك مع زيادة القوة الشرائية، وظهر الإنتاج اللبناني الذي غلب عليه الطابع الاستعراضي ووجود لهجات مشتركة بين الشامية والمصرية وفي الفترة بين 1963-1970 أنتج لبنان مئة فيلم نصفها بالألوان و79 منها من الأفلام البوليسية، و54 فيلما يتحدث بالكامل باللهجة المصرية، هذه المرحلة التي وصفها (إبراهيم العريس) في كتابه (رحلة في السينما العربية) بمرحلة الازدحام وأغلبها تجاري الطابع يستدر الدموع بالفواجع أو يتسول التصفيق ببطولات فردية مزيفة كأفلام رعاة البقر الضحلة، فازدهر سوق الفيلم اللبناني كما لكنه غرق في مستنقع النمطية وفقر المواهب وأمام هذا وذاك تراجع الفيلم المصري خصوصا مع رحيل الفنانين والمخرجين إلى الشام وقت الحرب في مصر، هذه التجربة التي يحدد (جان الكسان) أهم أبعادها في كتابه (السينما في الوطن العربي) _ عالم المعرفة 51_ بالنقاط التالية: أولا: ازدياد معدات الإنتاج وتوفر الاستوديوهات، أستوديو الشرق الأدنى، وأستوديو بعلبك، وأستوديو هارون، وأستوديو الأرز، وبلاتوه في الأستوديو العصري، وأستوديو شماس- ثانيا: توفر عدد من الفنيين- ثالثا: النظام الاقتصادي الرأسمالي الحر الذي شجع على توظيف رؤوس أموال داخلية وخارجية في هذا الميدان- رابعا: جمال الطبيعة وصفاء الطقس وتوفر خدمات سياحية وفنادق كثيرة. خامسا: فتح باب الإنتاج المشترك، ونذكر من الأفلام التي أنتجت إنتاجا مشتركا: هروب حر- الطائرة الأخيرة لبعلبك- 24 ساعة للقتل- إجازة للجريمة- 777 مهمة سرية. سادسا: اتخذ في عام 1964 من قبل الحكومة اللبنانية قرار بإنشاء مركز للسينما والتلفزيون، ومهمة هذا المركز تنسيق النشاط السينمائي ورعاية هذه الصناعة بطرق مختلفة منها: وضع تشريع سينمائي يتلاءم وأوضاع الصناعة، وتنظيم مكتبة تحتوى على جميع المنشورات والكتب السينمائية التي تصدر في مختلف أنحاء العالم وخاصة المتعلقة بالسينما العربية ونشر الثقافة السينمائية عن طريق إنشاء نواد للسينما في المدارس وبين صفوف الشباب حتى إن بعض المدارس بدأت تعطى دروسا حول السينما مع عرض أفلام، وتجهيز البلاد بالفنيين عن طريق استخدام خبراء لتدريب العاملين في السينما علي الإخراج وعن طريق تقديم المنح للتخصص في الخارج، وتشجيع إنتاج الأفلام ذات المستوى الرفيع بتقديم جوائز لأفضل الأفلام التي تنتج كل عام وبالاشتراك في المهرجانات الدولية، وإنتاج عدد من الأفلام لحساب المركز أو لحساب الدوائر الحكومية.
    وبينما تقرأ هذا الكلام تقدم السينما السعودية مشاركة مهمة في الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي, التي تقام في دبي, حيث تشارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان بثلاثة أفلام طويلة وفيلمين قصيرين إلى جانب ستة أفلام أخرى في قسمي "الطلبة" و"أضواء"، ويأتي فيلم (وجدة) للمخرجة هيفاء المنصور على رأس القائمة السعودية إذ اختير ليكون فيلم افتتاح المهرجان علاوة على حضوره في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة متنافساً مع اثني عشر فيلماً خليجياً وسط توقعات بأن يكون الجواد الرابح في المهرجان عطفاً على سجله المميز خلال الأشهر الماضية خاصة بعد فوزه بجائزة أفضل فيلم روائي عربي في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي وعرضه الناجح في صالات السينما التجارية في فرنسا، وفي مسابقة الأفلام الطويلة يشارك أيضاً فيلمان سعوديان للمخرجين سمير عارف وفيصل شديد العتيبي, حيث يأتي الأول بفيلم روائي بعنوان (صدى) ويحكي قصة طفل يولد سليماً لأب وأم من الصم والبكم, فيما يأتي المخرج العتيبي بفيلم وثائقي يتابع فيه مراسم الزواج في جزر القمر عنوانه (الزواج الكبير)، وهو الفيلم الثاني الذي يشارك به في مهرجان الخليج بعد مشاركته الأولى عام 2009 بفيلم (الحصن) الذي فاز بجائزة في مسابقة الأفلام الوثائقية.
Hany_haggag@hotmail.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram