TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "كائنات فضائيّة" تتّهم الغرّاوي

"كائنات فضائيّة" تتّهم الغرّاوي

نشر في: 12 يونيو, 2013: 10:01 م

أكاد ألمح علامات الحيرة في وجوه العراقيين وهم يسمعون الناطق باسم وزارة حقوق الإنسان يعلن وبصريح العبارة ان وزارته لم تتلق " معلومات بضلوع قائد الشرطة الاتحادية في الموصل اللواء الركن مهدي الغراوي بتصفية أربعة رجال وطفل من قرية جنوب الموصل" وبالتأكيد فان ملامح الحيرة ستنقلب الى ملامح رضا عند المسؤولين وسيصفقون لتصريح الناطق الذي حذر منظمة هيومان رايتس ووتش من تناول أسماء القادة العسكريين بشكل مباشر لان هذا يضعهم في دائرة الخطر على حد قوله .. اما الضحايا فان الناطق يبشرنا بان أمرهم قيد البحث والدراسة .
في كل مرة تضعنا الحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما، الاستقرار أم الفوضى، هذا الخيار يطرح في كل أزمة تواجهها الحكومة، طبعا مع الاشتباك الدائر حول أيهما أفضل للناس، أن يمارس صالح المطلك مهامه كنائب " رمزي " لرئيس الوزراء " ام تركه يغرد منفردا ، نستغرق مع الحكومة في الحديث الصاخب عن الانقلابات العسكرية والمؤامرات التي تحاك في الظلام ام نكرس الجهود للبناء والتنمية وتطوير قدرات العراقيين وتأسيس دولة المواطنة ، للأسف ما يزال البعض مصرا على أن لا تحريك لأي ملف ما لم يتم الانتهاء من قضية "اجتثاث " معظم العراقيين لانهم رضوا العيش مع صدام تحت سماء واحدة .
لا اعتراض مطلقا على مناقشة خطورة الأفكار الإرهابية والظلامية وتحذير الناس منها واتخاذ الإجراءات التي تخدم مصلحة الوطن واستقراره، لكن كل ما نرجوه أن نكون عادلين، ولا نكيل بمكيالين، نغض الطرف و نقف متفرجين على سوء الخدمات وتقصير الحكومة ونهب المال العام وتفشي التزوير والرشوة، بينما نقيم المؤتمرات والندوات لشرح خطورة " السافرات " على الأمن الوطني ، نتصنع كلاما منمقا عن الضحايا وضرورة الاقتصاص العادل لهم، ثم نهمل بكل استهتار معلومات تنشرها منظمة عالمية عن جرائم ترتكب بحق المدنيين ، لان المتهم فيها ضابط كبير يدين بالولاء لمكتب القائد العام للقوات المسلحة ، نتحدث عن الاجتثاث ونطارد الأبرياء في أماكن رزقهم بينما قواتنا الأمنية تضم شخصيات كان ولاؤها مطلقا " لقائد النصر والسلام " .
لا يريد لنا مسؤولونا " الأفاضل " ان نسأل عن عمليات القتل والتهجير ، وعن مصير المخطوفين .. وعن العناية التي توليها بعض مؤسسات الدولة للمليشيات .. لا يريدون منا ان نعرف متى سيقدم المجرمون للعدالة .. هذه الآمور ليست من شان المواطن .. فما ان تطرح سؤالا حتى يخرج عليك بعض " الصناديد " بدروس عن الآمن الوطني ، والمؤامرة التي تتعرض لها البلاد ، ولهذا لا يجوز " للرعية " ان تتحدث عن عمليات قتل وتعذيب واعتقال عشوائي ، فهذه أمور من اختصاص " الراعي " الذي اكتشف ان الوضع تحت السيطرة ، وان ما تنشره وسائل الإعلام مجرد أكاذيب مغرضة وأخبار يراد منها الإساءة للإنجازات الكبيرة التي حققتها قوات العقرب وهي تلدغ فلول القاعدة في أوربا وأمريكا .
خاضت الولايات المتحدة وقبلها بريطانيا حربا شرسة ضد الإرهاب والقاعدة .. وعندما وقعت تفجيرات بوسطن وقبلها لندن ، لم تمر سوى ساعات قليلة حتى تم الاعلان عن اسماء المشتبه بهم ، وتحركت الاجهزة الأمنية للقبض عليهم .. فيما أتاحت الدولة للمواطنين كافة كل المعلومات حول منفذي الجريمة واسبابها ، وسمحت للإعلام ان يجري لقاءات مع المتهمين
لم يكن المواطنون الذين قتلوا في الموصل فى مهمة استخباراتية. . فقد تم قتلهم بدم بارد وهم عائدون إلى منازلهم، ولم يكن هؤلاء فى مهمة قتالية ، حتى يتذرع من يتذرع بأن محددات الأمن الوطني لاتسمح لوزارة الدفاع ، او مكتب القائد العام للقوات المسلحة بالإجابة على سؤال ماذا جرى ، أو السماح لوسائل الإعلام لمعرفة ملابسات الجريمة .
يريدونك ألا تسأل.. وألا تحاول أن تعرف.. وألا تصدق بيانات المنظمات الدولية ، حول تورط هذا ، وتواطؤ هؤلاء، ولا يريدون تقديم إجابات لأسئلتك .. هناك احتمال آخر أن يكون اللواء مهدي الغراوي ومن معه أبرياء من هذه الجريمة، وأن مرتكبيها هم كائنات هبطت من الفضاء ، وهي التي تقف وراء التفجيرات وتهجير الناس وقتل الأبرياء .
ولنفترض أن أي جهة هي التي ارتكبت هذه الجريمة غير القوات الأمنية ، فالسؤال البسيط هو ما حكاية الفديو الذي سجل الوقائع ، والذي استند علية تقرير منظمة هيومن رايتش وفيه شهادات لمواطنين شاهدوا الضحايا للمرة الأخيرة في عهدة الفرقة الثالثة التي يقودها اللواء مهدي الغراوي
إذا كانت المخلوقات الفضائية او منفذي الأجندات الخارجية او المتآمرين هم الذين قتلوا هذه العائلة ، ثم فبركوا شريطا لاتهام اللواء الغراوي ، فلماذا إذن لا تسترد القوات الأمنية هيبتها وتكشف عن الجناة الحقيقيين وتقدمهم للقضاء
قصة المواطنين الذين اعدموا من قبل "كائنات فضائية" مجهولة الهوية والنسب ، مثال على أن دولة "القائد الضرورة" لا تزال حية ترزق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. فادي أنس

    أكرر وأعلن عن بالغ تقديري وأحترامي لكل صوت عراقي شجاع كصوت علي حسين وسرمد الطائي. أنتما مثل أعلى لكل عراقي يهتز بعراقيته ويشعر بالفخر عندما يشار لبلده العراق بالمديح والثناء.

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram