اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الجامع الكبير يحتضن بانيها .. السليمانية وجبل أزمر عاشقان يتغازلان منذ 229عاما

الجامع الكبير يحتضن بانيها .. السليمانية وجبل أزمر عاشقان يتغازلان منذ 229عاما

نشر في: 14 يونيو, 2013: 10:01 م

مدينة شامخة بجمالها ،ومحافظة على ملامح شبابها ،لكونها شيدت عام 1784ميلادية من قبل الأمير إبراهيم باشا، تجدها غافية بالسحر على سفح حارسها الذي لا ينام جبل ازمر، لم يتجاوز عمرها الثلاثة قرون حيث ارتدت أول فساتين عرس الوجود منذ(229)عاما، وفي كل عام ترتد

مدينة شامخة بجمالها ،ومحافظة على ملامح شبابها ،لكونها شيدت عام 1784ميلادية من قبل الأمير إبراهيم باشا، تجدها غافية بالسحر على سفح حارسها الذي لا ينام جبل ازمر، لم يتجاوز عمرها الثلاثة قرون حيث ارتدت أول فساتين عرس الوجود منذ(229)عاما، وفي كل عام ترتدي السليمانية حلة جديدة هي بالتأكيد ازهى واجمل من سابقتها.
تبلغ مساحة السليمانية(12288كم2) وتبعد عن بغداد 331كم بينما تبعد عن أربيل بحدود(184)كم تحدها من جهة الشمال والشمال الغربي محافظة أربيل ومن جهة الغرب الجنوبي والغرب محافظتي كركوك وديالى وتحدها من جهة الشرق دولة ايران.
 
ما معنى كلمة السليمانية؟
ملا حسن محمد وهو صاحب مكتبة الروشن وهي من المكاتب المعروفة بالمحافظة بين للمدى ان هناك ثلاثة آراء في اصل كلمة السليمانية الرأي الأول يقول ان :أمير البابان إبراهيم باشا أثناء بداية تأسيس المدينة عثر على خاتم مدفون في الأرض ومخطوط عليه كلمة (السليمان) فسماها باسم الخاتم، والرأي الثاني يقول إن : للأمير ولدا اسمه (سليمان)فسمى المدينة باسمه، وهناك رأي ثالث يقول بان الأمير سليمان آغا والي بغداد قد قام في السابق بمساعدة الأمير إبراهيم باشا في حماية إمارته فسماها باسمه وفاءً له كما يقول ملا حسن.
عاصمة الشعر الكردي
لا غلو ان اطلقنا على تلك المدينة عاصمة الشعر الكرد فالريادة الشعرية لهذه المدينة بلا منازع فمنهاالشاعرالكردي(مولوي)و(نالي)و(محوي)و(حمدي)و(زيور)و(قانع)و(سالم)و(عبد الله كوران)و(بيكس)والد الشاعر(شيركوبيكس)و(مفتي بنجواني)والشاعر والفيلسوف(بيره ميرد)و(صه يدي)و(طاهر بك)والشاعر (حمدي بك) وهو جد السياسي المعروف برهم صالح كما يقول ملا حسن، وكذلك الشاعر بيسراني، واحمد هردي.
والدليل على سيادة المشهد الثقافي لهذه المدينة هو ان اغلب شوارعها ومتزهاتها هي بأسماء الشعراء والفنانين، فالشوارع تتبارى بأسماء الشعراء فشارع مولوي من الشوارع الرئيسة في مركز المحافظة ويعد مولوي أمير شعراء كردستان في زمانه واسمه الحقيقي الملا عبد الرحيم بن الملا سعيد وشعره كان على لسان الجميع، وعلى الرغم من شهادة الجميع له بالتقوى والتصوف لكنه افضل من خلد الدبكة الكردية في قصيدة رائعة يقول في احد أجزائها (تمايل انعطاف الشبان(المائلة عمائرهم)بعضا على بعض...والضغط على الأكتاف بدلال وغنج وحياء...المخشلات الباهتة اللون ترن...وشاربيت المنادل الملونة ترتفع وتنخفض كلما تمايل الشباب وتراقصت طاقية الرأس).
شوارع الشعراء
وهناك شوارع باسم الشعراء نالي وصديقه الشاعر سالم المتوفي في العام 1866ميلادي وبيره ميرد وكوران وغيرها من الشوارع وكذلك الباركات مثل بارك باسم الفنان المسرحي عثمان جيوار، وبارك آخر باسم الكاتب الكبير عبد الرحمن الذبيحي وآخر باسم الشاعر نالي المتوفي سنة 1855ميلادية.
ألا ليت الشباب يعود يوما
تحدثت مع صديقي ملا حسن بخصوص منعي من التصوير في شارع مولوي من قبل احد أصحاب الأكشاك بمبرر ان الشرطة تمنع ذلك، لكن الملا اكد العكس لا ممنوع من تصوير اي معلم سياحي في الإقليم باستثناء الدوائر العسكرية والأمنية وان صاحب الكشك تصرف بصورة شخصية ووعدني بمرافقتي بجولة داخل مدينة السحر والشعر.
مركز المدينة كما رأيته عبارة عن حسناء تغازل وتغري الناظر بمفاتنها، شوارع تتسابق في العمران ،أرصفة معبأة بالنساء الجميلات ،عربيات، كرديات ،أجنبيات، وتتوالى الحسرات مرددة (ألا ليت الشباب يعود يوما)لكن لاجدوى وكما يقول الراحل كاظم إسماعيل الكاطع(فاتك قطار العمر وابعيد عنك صاح...والشيب حنه الزلف وانوب بالخد لاح...خلنه بساحة حرب وكلمن يشيل اسلاح..تكتلني لو اكتلك بالحالتين ارتاح).
السلال تتباهى ببضاعتها
خرجنا انا والملا حسن من مكتبته الواقعة في منطقة(داره سوتاوكا) وتعني الشجر المحروق مقابل عمارة(كاشتيني نوح)اي سفينة نوح لأنها شيدت على شكل سفينة ،دخلنا سوق (داره سوتاوكا) الشعبي الراقي بنظافته وبضاعته فالسلال تتباهى بخضارها وفاكهتها، الألبان بمشتقاتها، اللحوم البيض تنافس الحمر بجودتها وطازجيتها، وحين بدأت بالتصوير لم الحظ اي اعتراض من أصحاب المحال ،بل وجدت الابتسامة تعلو الوجوه سواء من البائعين او المتبضعين، دخلنا الى سوق آخر هو امتداد لسوق الخضار هو سوق (مزاد خانه) وهو متخصص لبيع أنواع الملابس سواء بالزي الكردي النسائي والرجالي وكذلك الملابس المستوردة التي اغلبها من الصناعات التركية.
الحسرة على الأمان
فاتني ان اذكر أثناء خروجنا انا وملا حسن ترك أبوابها مفتوحة فسألته لماذا لا تؤصد الأبواب فكان مستغربا من سؤالي ،قال جميع أصحاب المحال يتركوها مفتوحة أثناء الصلاة حتى محال بيع الذهب فالدنيا هنا والحمد لله أمان بحسب قوله، فالتفت حينها باتجاه بغداد وتحسرت ضلوعي بألف (ياويلي)على العديد من أصحاب محال الذهب في بغداد الذين سيقوا الى الموت بكواتم صوت العصابات الإجرامية التي امتهنت السرقة والنهب من اجل المال، نعم تأوهت بألف حسرة على محال بغداد وبيوتها التي استنجد اغلبها بكاميرات المراقبة بعد ان عجزت القوى الأمنية عن حمايتهم.
قمت بحرية تامة بالتقاط الصور لمحال الملابس الكردية النسائية والرجالية ،وفي منطقة قريبة من شارع مولوي الشهير أشار ملا حسن الى بناية قديمة قائلا هذه دار السياسي العراقي نوري سعيد وقد تحولت الآن الى أملاك الدولة وهي عبارة عن مخازن ومحال تجارية.
كرم وضيافة
ملا حسن حاول بكل صورة ان أتناول وجبة الغداء معه لكني رفضت تحت ذريعة تناولي الفطور متأخرا، ثم طلب مني ان اجلب العائلة عند العشاء وسيبعث سيارة لجلبهم لكن لم يتحقق ذلك لأني كنت مرتبطا بموعد آخر، وهذا دليل على طيبة أهل السليمانية وتعاملهم الكريم والنبيل مع من يزورهم.
وأنا اذرع الشوارع بخيبتي شعرت من ملامح المارة ولهجاتهم بأن أهالي بغداد والمحافظات هاجروا من الحزن لينعموا ولو اياما بالفرح المفقود منذ عقود، وانا أسير هناك لم اسمع صوت صفارات الإسعاف او عواء مواكب المسؤولين او صراخ سيارات الدفاع او الداخلية ،ولم ارَ أية نقطة تفتيش داخل المدينة فقط شرطة المرور وهم ينظمون السير، والملفت ان اغلب الشوارع زودت بكاميرات مراقبة والمتجاوز للسرعة المحددة لم يتوانَ القانون بمحاسبته.
المركز التجاري للمحافظة
شارع مولوي وأسواقه أكثر الشوارع ازدحاما في المحافظة ينافسه في الزحام شارع كاوه الحداد وتعد أسواق مولوي مركز تسوق المدينة حيث تجد الشورجة هناك وسوق جميلة ومجمع المشن وشارع الربيعي ، الصناعة بإلكتروناتها ،ومطاعم السعدون، ،مجمع الاطباء ،الصيدليات ،كل شيء هناك ،ويحتوي على أسواق فرعية لجميع المواد الغذائية ،فهذا سوق الدجاج ،وبقربه سوق اللبن وتباع فيه مواد اللبن والجبن والقيمر والزبد وسوق العسل الذي تباع فيه انواع مختلفة من العسل وبأسعار متفاوتة، شارع مولوي مزدحم بالعجلات والبشر، أفران ،محال لبيع العصائر، كل شيء هناك ،وتحتاج الى اكثر من عين لترصد كل ذلك الحسن السارح على الأرصفة، استغرب لعدم وقوف العجلات وسط ذلك الزحام لتنظر الى تلك الفتنة، لكنها تعودت على رؤيتها، هناك وفي الجانب الآخر فتاة كردية تنافس أجنبية ببنطلونها الجينز لكنها بدت ابهى واحلى ،لاحت لي عدة وجوه بنغالية فضلا عن ملامح صينية وفيلبينية، في ذلك الشارع الطويل الذي تفصله عن شارع سالم التجاري متنزه البلدية تشعر وانت تسير فيه بان جميع أهالي السليمانية خرجوا للتبضع، شيوخ بالزي الكردي الجميل ركنت نفسها بمقاهي صغيرة على امتداد الشارع ،البسطيات تقابل المحال بكثرتها في الشارع، مطاعم للفلافل، للكباب الذي تشتهر به المدينة، للباجات، شارع المركز التجاري للمحافظة.
الجامع الكبير
شيد في القرن الثامن عشر من قبل أمراء بابان يضم منارات كبيرة وعالية، يوجد داخل المسجد مرقد الشيخ أحمد بن الشيخ معروف نودي المعروف بـ (كاكا أحمد الشيخ ) وهو من أحد مشايخ الطريقة القادرية في العراق، ويعتبر الجامع الكبير أكبر وأشهر جامع يقع في وسط مدينة السليمانية وسط سوق مزدحم بسبب قدسية المكان يزوره المئات من الزوار يومياً ولهذا الجامع مكانة كبيرة في قلوب أهالي المدينة، هذا الجامع بناه الأمير إبراهيم باشا بابان سنة 1200هـ ـ 1785 م ثم في عام 1964 رمم من قبل دائرة الأوقاف ثم تم تجديده عام 2002 م.
يحوي الجامع الكبير على قاعة لتعليم قراءة القرآن الكريم وداخل الجامع هناك الكثير من المراقد لعلماء ورجال دين مشهورين مثل مرقد كاك أحمد الشيخ والشيخ محمود الحفيد إضافة الى مراقد أمراء بابان وعائلة الشيخان.
الفنادق والمولات
السليمانية اليوم فضلا عن أسواقها الشعبية ومحالها المتنوعة أصبحت مركزا للمولات والفنادق الكبيرة ومن أهمها (هايركيس) و(شهرام) حيث تتوفر فيها قاعات الاحتفالات الكبيرة، اما المولات والمجمعات تتسابق في جذب الزبائن فهناك (جافي مول) في شارع 60وفي نفس الشارع مجمع آلتون وهناك مترو مول ومكسا مول وسيتي ستار و مول التاج ،ومول الفردوس والمجمع الصيني والمجمع التركي، كل هذه المولات والفنادق تشعر بان هناك حركة عمرانية لم تنجز بعد، فهناك عمارات سكنية قيد الانجاز، فنادق كبير ة وفارهة تقوم الشركات الاجنبية المستثمرة في المحافظة ببنائها وفق تصاميم عمرانية حديثة ستجعل من السليمانية مدينة عصرية بجميع المقاييس، لا أخفيكم ألمي وحسرتي على مصيبتي بغداد وانا أرى جمال وسحر المدنية في السليمانية، بينما تعيش في صدري صورة الدمار والخراب الذي تعيشه بغداد على الرغم من الموازنات الانفجارية التي ترصد كل سنة.
العام المقبل
من حق اي مواطن ان يسأل القائمين على حملة إعمار بغداد، ماذا عمرتم؟ وتلك البنايات التي دمرتها قوات التحالف لماذا لم تطأها أيادي الإعمار لا من قريب او بعيد، اين ذهبت (500)مليار دولار وبيوت الصفيح والعشوائيات في تزايد مستمر، مناطق وسط العاصمة تخلو من المياه الصالحة للشرب ونحن في القرن الواحد والعشرين، مناطق من غير كهرباء وكل عام يأتي، يخرج المسؤولون ليواعدونا بوعود عرقوب سنحلها العام المقبل ومنذ عشرة أعوام والمقبل يتكرر علينا بلا حياء ،السؤال الذي يجب ان نوجهه لكن بشرط ان نحظى بإجابة صحيحة وصريحة هو لماذا دمرتم البلد، والى متى؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram