انتهى أمس يوم الانتخابات الإيراني الطويل، بفوز تاريخي غير متوقع لمرشح الإصلاحيين حسن روحاني، وتميزت انتخابات هذا العام بكون جميع المتنافسين على الموقع الرئاسي، من أبناء الصف الثاني أو الثالث وليس بينهم أحد من رجال الصف الأول للثورة، بعد منع رفسنجاني من الترشح، وقد جرت الانتخابات في ظل سياسة حرصت ألا يتكرر فيها ما جرى في سابقتها، حين خرجت المظاهرات الاحتجاجية على نتائج فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية إلى شوارع المدن الإيرانية، في حركة تباين وصفها بين الخضراء والفتنة والمؤامرة، حتّى أن الدعاية الانتخابية هذه المرّة كانت مضبوطة بالكامل، ومنع المترشحون من نشر صورهم في غير مقارهم الانتخابية.
فاز روحاني ليحجب عن المحافظين فرصة خوض جولة ثانية كانوا يتمنون فيها حشد أصواتهم التي تشتّتت بين خمسة مترشحين، وبالرغم من أن المراقبين ظلّوا على قناعة بأن فوز أحد المحافظين لن يغير شيئاً في إدارة الأمور، طالما هي في يد المرشد الأعلى والحرس الثوري، فانهم اليوم يضيفون روحاني إلى القائمة، حيث ستستمر معه عملية تطوير البرنامج النووي ودعم النظام السوري، وسيكون الاختلاف في تغير موقف الغرب من الرئيس الجديد، حيث يتوقع أن تفتح واشنطن باب الحوار معه، وهو القائل لماذا أتحاور مع الضعفاء ولا أذهب للحوار مع صاحب القرار، حتى وإن ظل يحمل لقب الشيطان الأكبر.
كان لافتاً تنافس المترشحين على أصوات الناخبين، من خلال التركيز على إصلاح الاقتصاد، الذي يمر بفترة حرجة تعمقت قبل أربع سنوات، حيث تصاعد التضخم والبطالة، وأصبح القوت اليومي هو الشاغل الأساسي للمواطن، وهكذا شكلت قضية البطالة محور أول مناظرة تليفزيونية للمترشحين، الذين تباروا في شرح رؤيتهم للنهوض بالاقتصاد المتأثر بالعقوبات الدولية، إذ انخفضت إيرادات النفط إلى النصف تقريبا عام 2012، لتصل إلى ما بين 50 و60 مليار دولار، وانقطعت صلة بنوك إيران بالشبكة المالية العالمية، لتصبح تحويلات الأموال إلى إيران، ومنها للخارج في غاية الصعوبة، وهوت قيمة العملة، ما أدى إلى ارتفاع التضخم والبطالة، بينما تكافح الشركات لمجرد البقاء، وليس جني الأرباح.
يسأل البعض إن كان تغيير الرئيس الإيراني، سيؤدي إلى مراجعة علاقات الجمهورية الإسلامية مع محيطها العربي، ويبدو السؤال هنا ساذجاً، لأن كل المترشحين شدّدوا على ضرورة دعم نظام الرئيس السوري، وعلى اعتبار حزب الله، المفترض أنه لبناني، كتيبة متقدمة للحرس الثوري، وفي النقطتين تكمن معضلة العلاقات العربية الإيرانية، وهي في الأساس مبنية على صراع مذهبي، يتهم فيه بعض العرب إيران بمحاولة بناء هلال شيعي منافس للسياسيين السُنّة، الحاكمين في العالم العربي، وذلك عبر دعم المواطنين الشيعة في بعض الدول العربية، بزعم أنهم يمثلون المعارضة لأنظمة دكتاتورية أو غير إسلامية، " إقرأ هنا غير متشيعة "، ويبدو السؤال أكثر سذاجة، إن أدركنا أن السياسة الخارجية في إيران هي من مسؤوليات المرشد الأعلى، في حين يقتصر دور الرئيس على التنفيذ، وهكذا فإن التوتر بين طهران والعواصم العربية مستمر، إلى أن يتغير المرشد أو يغير سياساته.
… وحسمها روحاني
[post-views]
نشر في: 15 يونيو, 2013: 10:01 م