لم اجرب سابقاً ذهولاً كذاك الذي انتابني لحظة سماعي لأشعث أغبر يطالب الكويتيين بقتل الشيعة، صدمة وقاحته وهو يصرخ مطالباً بالمزيد من المذابح، منعتني من التركيز لمعرفة ما إذا كان يوجه نداءه لحكومة الكويت أم للشعب الكويتي، أو لمعرفة السبب الذي جعله يختار الكويت بالذات. كان التقرير التلفزيوني ـ الذي شاهدت ذلك المتوحش خلاله ـ يتحدث عن مجزرة قام بها "مجاهدو الثورة السورية" بقتل مواطنين كثر داخل قرية شيعية. لذلك أشعرتني مشاهدة وجهه القبيح بعد سماح الخبر برغبة في التقيؤ.
لا أعرف من أين يخرج علينا أمثال هذا المتخلف، ولا أعرف عن أي منطق يصدر خطابهم، وفي أي بيئة ينبت؟ أيضاً لا أعرف كيف يفكر بتنفيذ عملية قتل الشيعة التي يدعو لها؟ في الكويت أو في غيرها. هل سيلقي عليهم قنابل نووية مثلاً؟ ينفخ عليهم غازات سامة؟ يلقيهم في البحر؟ كيف يمكن قتل الملايين؟ في أي مقبرة سيدفنهم؟! طيب لماذا لا يأخذ منهم الجزية، ويتركهم أحياء؟! أو يأسرهم ويبيعهم عبيداً في البلدان العربية التي يبدو أنها ستعود عما قريب لعصر العبيد، بجهوده وجهود أمثاله.
صحيح أن البيئة الإسلامية مسؤولة عن هذا الخطاب لكن إلى أي درجة؟ هناك أمر ما، غير الإسلام، أو هو أكبر من الإسلام، هناك مرض يجتاح المنطقة أو جنون أو شيء أشبه بالهياج غير المفهوم، أنا أحس به من حولي، يتنفس ويتمدد، ويكبر. رغبة بالاجتثاث والإبادة.. هناك من يسعى للخلاص من كل ما هو شيعي، فمن يقوم بذلك ويسعى إليه، السنة؟ وكاستجابة مباشرة، تأتي رغبة أخرى تسعى للخلاص من كل ما هو سني، صحيح أنها لا تساوي الأولى في مباشرتها، لكنها هي الأخرى تسعى لنفس الهدف، ربما تختلف بالتطبيق والقوة، وربما أنها تأتي كردة فعل، لكنها في نهاية المطاف منساقة لنفس الهياج، لأنها تسعى للخلاص من كل ما هو سني، فمن يقوم بذلك، الشيعة؟
طيب، ماذا علينا، نحن الخراف الوديعة، أن نفعل لمواجهة حفلات السلخ القادمة؟ هل نكتفي بالكتابة في تفكيك الخطاب المتشدد؟ أم نعود لمناقشة قضايا التنوير؟ أقصد أن هناك حرباً على الأبواب، والحرب لا تواجه بالأقلام، لذلك أخشى أن أمراء الحرب وحملة السلاح سيبدون أكثر إقناعاً من عباراتنا اللزجة التي نقذفها على الناس، وهي لا تكاد أن تفعل شيئاً. كما أخشى أن الربيع العربي قد فتح علينا بوابات الجحيم، وأننا لن نتمكن من إغلاق هذه البوابات قبل أن تلقي بالكثير من أرواحنا في سعير أوهام الانتماء.
جحيم الربيع العربي
[post-views]
نشر في: 15 يونيو, 2013: 10:01 م