TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أردوغان ذو الأظافر والأنياب

أردوغان ذو الأظافر والأنياب

نشر في: 15 يونيو, 2013: 10:01 م
الآن يقف أصحاب الإسلام السياسي أمامنا عراة كما ولدتهم أمهاتهم، بكامل عوراتهم وعيوبهم، فلم يعد للأحزاب الإسلامية الأمثولة أو القدوة التي تتقدم بها إلى الناس لإقناعهم بإمكانية إقامة نظام ديمقراطي وحياة مدنية في ظل الإسلام السياسي.
في بث حيّ ومباشر عرض واحد من أكبر وأهم الأحزاب الإسلامية ما ينقض أطروحة الإسلام السياسي الديمقراطي، ويؤكد في المقابل أن هذا الإسلام السياسي، بمختلف صوره وأشكاله ومذاهبه وطوائفه، ليس سوى حركة شمولية لا تحبل إلا بالدكتاتوريات ولا تلد غير الدكتاتوريين. 
عرض الإسلام السياسي المبثوث على الهواء مباشرة بالألوان امتدت رقعته من ساحة تقسيم وحديقة غازي في إسطنبول إلى متنزه كوجولو في أنقرة الى ساحات وحدائق عدة في مدن تركية أخرى، بل حتى إلى العاصمة تونس التي لم يتورع رئيس الوزراء التركي زعيم حزب العدالة الإسلامي رجب طيب أردوغان من الخروج فيها على الأعراف المرعية والتقاليد المتبعة في العلاقات الدولية، باستخدامه هذه العاصمة ومؤسساتها الرسمية ساحة لارسال خطابات التهديد والوعيد الى المتظاهرين السلميين في حدائق مدن بلده وساحاتها، في انعكاس لحال الانفلات العصبي وروح الطغيان المتمكنة منه.
في الشكل وفي المضمون تعامل رجب طيب أردوغان، ومن ورائه حزبه، مع المتظاهرين السلميين بالضبط كما تعامل حسني مبارك والقذافي وبشار الأسد.. ولماذا نقارن حاكماً إسلاميا بحكام علمانيين؟ فقبل اردوغان كان نظام الجمهورية الاسلامية في ايران والنظام الاسلامي في السودان قد لجئا الى العنف المفرط ذاته الذي استخدمه أردوغان عن سابق تصميم في محاولته قمع حركة الحدائق والساحات السلمية. ولن نستثني حكومتنا الإسلامية هي الأخرى، فرئيس وزرائنا الذي يتزعم حزباً اسلامياً عريقاً نطق قبل سنتين بالكلمات نفسها (ارهابيون، مؤامرة خارجية ...) التي رددها اردوغان ضد المحتجين على سياساته. بل ان حاكمنا تجاوز نظيره التركي باستخدام طائرات الهليكوبتر والبلطجية حملة "التواثي" لترويع متظاهري ساحة التحرير وتفريق صفوفهم، إضافة الى تزوير الوثائق والوقائع للحطّ من سمعتهم.
حزب اردوغان الاسلامي ولد وترعرع تحت شمس النظام الاتاتوركي، ولم يضطر للعيش في الأقبية والسراديب السرية، كما الاخوان المسلمين في مصر وسواها وكما الحزب الإسلامي وحزب الدعوة الإسلامية وسواهما من أحزاب الاسلام السياسي عندنا. ومع ذلك تكشف حزب العدالة التركي، وهو اخواني، عن حزب بروح شمولية، في أول اختبار حقيقي لمدى التزامه بالديمقراطية التي حملته الى السلطة، فلديمقراطيته أظافر طويلة وأنياب حادة. وما تراها أن تقدم من ديمقراطية أحزاب الاسلام السياسي المولودة في الظلام تحت أجنحة الانظمة الدكتاتورية، إن في ايران أو مصر أو تونس أو العراق؟
عندما أدرك شيوعيو أوروبا الشرقية في أواخر الثمانينات واوائل التسعينات من القرن الماضي ان تجربة الحكم السوفييتي قد فشلت، أذعنوا لحكم الحياة وسلّموا مقاليد حكمهم الى المعارضة من دون غازات مسيلة للدموع أو رصاص حي أو مطاطي أو هراوات، وتحولوا الى أحزاب ديمقراطية. والاسلام السياسي لن يفعل شيئاً كهذا كما تؤكد الآن تجربة تركيا ومعها مصر وقبلهما ايران .. ونحن معهم بالطبع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram