اعتمد تفسير الجريمة طويلا على الاتجاه النفسي والاستعداد الجرمي لدى المجرم والاتجاه الاجتماعي للظروف المحيطة ، والغريب ان اكثر الباحثين في علم الإجرام والجريمة لم يقفوا امام المواقف المحرضة على ارتكاب الفعل الجرمي .. او يمكن تسميته استغلال الفرصة المناسبة .. فاذا ما وجدت مبان بدون حراسة او محال يكتفي اصحابها باقفال متواضعة امام ما تحوي من معروضات .. اليست هذه امور تعتبر بمثابة المحرض لمن تسول له نفسه بارتكاب الفعل الجرمي ؟ واذا وجدت منطقة غارقة في الظلام بعد غروب الشمس ، اليست هي بمنطقة محرضة لارتكاب فعل جرمي ؟ او على الاقل تصبح مأوى وملاذا للفارين من وجه العدالة ومعتادي الاجرام ؟ وفي تتابع ما خطته ايدي علماء الجريمة ، نجد انهم صنفوا المواقف المحرضة على ارتكاب الافعال الجرمية الى نوعين :
1- الموقف الخطير : وهو الموقف الذي يغري المجرمين بارتكاب الجريمة ، لانعدام وجود موانع مادية او وسائل مراقبة فعالة تمنع المجرم عن تنفيذ مخططه الإجرامي ، وان ارتكب الجرم فانه يكون في حالة تسرع وعدم اطمئنان .
2- الموقف الخامل : وهو الموقف الذي لا يشجع ايا من المجرمين على ارتكاب الفعل الجرمي ذلك ، نظرا لظروف تأمين ما فيه ومن فيه ضد خطر الجريمة . المسافة بين الموقفين بعيدة ، فهما على طرفي نقيض ، ويتيح هذا التناقض في ان أصحاب الموقف الثاني لديهم من الوعي الأمني ما يوقف حائلا في مواجهة الجريمة ، اذن فالمسألة في تفاوت الوعي الامني . وقد اكدت الدراسات المختلفة ان الوعي الامني لا يمكن ان يخص في موقف او سلوك فردي ، بل هو سلوك جماعي يظهر مع بداية التخطيط والاعداد لبناء المدن والاحياء ، مع الاخذ باساليب الوقاية من الجريمة مثل مقاومة البطالة والعناية بالاسرة والوعي الدائم للشباب ضد مخاطر ما هو معروض عليهم من صور الانحراف والاعتناء بالتربية والتكوين الديني .
واذا ما نظرنا حولنا نجد ان البعض يرى ان التصدي للمجرمين ليس من مهامهم ، اللهم الا في حالات الدافع الشرعي ، والبعض الاخر يرى انه واجب لان عدم الابلاغ عن أي امر خارج على القانون يقلل من فرص القبض على المجرمين ، كما ان التستر على المجرم او ما يسمى قانونا بالمشاركة في ارتكاب الجريمة موجب للعقاب ، وعلاوة على هذا الجانب القانوني فانه توجد علاقة وطيدة بين تماسك المجتمع وقوة وحدته والتصدي للمجرمين ، وتغلغل القيم الفردية التي تساعد على القيام بهذا الدور الاجتماعي . المهم في هذه الفترة ان تزيد الجهات الامنية من جرعات الوعي الامني .. والتي تستطيع بها من مواجهة الجريمة ... نريد مجتمعنا ان يرفع شعار الوعي الامني ويطبقه عمليا لا بالكلام فقط ضمن التصريحات.. نريد ان نجد الوعي الامني مادة تدرس في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ولا نكتفي بامور مسطرة في بعض الكتب الرسمية هنا وهناك... او انها مواد تدرس فقط في الأكاديميات الأمنية !
ان الهدف من الوعي الامني هو ان تعمل على ان يخرج اصحاب الموقف الخطير ليصبحوا من جانب الموقف الخامل ، ذلك الامر الذي لا يتم الا بوعي امني يقدر اصحابه اهمية المطاردة والحراسة والتقصي والمتابعة .
أهمية الوعي الامني تبرز خلال القصور الواضح لدى ابناء المجتمع في بعض النواحي الامنية خاصة ان العراق بتركيبته السكانية يحتاج الى حملات اعلامية وبرامج متنوعة ومناسبة لجميع الاطياف والقوميات وبكل اللغات... تحتاج الى حملات تهدف الى نشر الوعي الامني بين الجميع من خلال توضيح اهمية المواطنين وقيمة التطوع لخدمة العمل الامني المشترك على اساس ضمان الحقوق والمصالح .
الداخلية ... وحملات الوعي الأمني المطلوبة
[post-views]
نشر في: 16 يونيو, 2013: 10:01 م