TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لطخات رورشتاخ

لطخات رورشتاخ

نشر في: 16 يونيو, 2013: 10:01 م

في بعض عيادات الطب النفسي, وفي معظم الحالات العصيّة، والتي يتحرج فيها المريض عن البوح بأسراره، وفض أختام معاناته، والتي يتعذر فيها على الطبيب النفاذ لأغوار المريض النفسي وحمله على (الفضفضة) عن خلفيته: طفولته، وصباه، وشبابه، أسرته وعائلته، عمله وظروف عمله.. إلخ.
في مثل تلك الحالات، يلجأ الطبيب المعالج لـ(لطخات رورشتاغ) لسبر أغوار النفس البعيدة الغور، ورورشتاغ: هو لقب الطبيب السويسري هرمان، مبتكر هذه الطريقة: الذي حاول دراسة الشخصية المريضة عبر بقع حبر، أو دهان، مسفوحة على جسم صقيل (أوراقا في الغالب)-توفي عام 1922.
يصطحب الطبيب المعالج مريضه لغرفة هادئة الأجواء، تصدح فيها موسيقى كلاسيك خافتة النبرة ويمنحه أوراقا بيضاء وقارورة حبر او دهان، وفرشاة او إسفنجة، ويطلب منه أمن يبقع الأوراق كيفما شاء، ومن دلالات تلك البقع يستطيع قراءة شخصية المريض كما لو كان يقرأ في كتاب مفتوح.
أحيانا.. لا يكتفي الطبيب المعالج بقراءة ما جادت به قريحة المريض من أسرار اللاشعور، بل يعرض على المريض لطخات معدة سلفا: ويسأله أسئلة تبدو بريئة وما هي كذلك: ماذا تعني لك هذي اللطخة أو: ماذا يتراءى لك في تلك؟
- مريض يرى في لطخة ما: أشخاصا. يلاحقون شخصا هاربا. ويمسكون بتلابيبه.
- آخر.. يرى في البقعة امرأة تحمل طفلا، ورجلا يحاول انتزاعه منها بالقوة!
- آخر يتراءى له وجه إبليس يحاول إغواء صبي. و.....و....و.
ترى،، لو قدر للعراقي، زيارة عيادة كتلك.. وطلب منه الطبيب المعالج أن يبوح بما يتراءى له من تلك البقع في لطخات رورشتاغ فماذا سيرى؟؟! يرى وحوشا كاسرة تطارد حملانا.. سيرى أكباشا تتناطح حتى يسيل منها الدم. سيرى فيلة تطير محملة بما خف حمله وغلا ثمنه، سيرى في منقار العصفور راجمة صواريخ، يرى في الكتل الكونكريتية توابيت، وفي الأسلاك الكهربائية حبال مشانق, وسيرى عبر نقطة بعيدة في أقصى جانب الورقة، طائرة على وشك التحليق، وهو يلهث باللحاق بها، سيجد إن قدمه ملتصقة بالأرض السبخة لا يبغي عنها بديلا ,كفه ضارعة، وروحه لا ئبة نحو وسيلة يبحث عبرها عن خلاص.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram